منذ بدء الانتفاضة المطالبة بالديمقراطية في البحرين في عام 2011 قامت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية ومركز البحرين لحقوق الإنسان بتوثيق عدد هائل من حالات الانتقام الحكومي ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين، إلا أن حالات أخرى من الانتقام ضد أسر وأصدقاء هؤلاء الأفراد الذين استهدفوا لمجرد معرفتهم أو لصلتهم بناشط أو ضحية ظلت بعيدة عن الأضواء.
علي عيسى علي التاجر هو مدير في شركة مجموعة الخزاعي للإنشاءات وأخ للمحامي والمدافع عن حقوق الإنسان البارز محمد التاجر والذي عمل مع الأمانة العامة للأمم المتحدة بما يختص في الوضع في البحرين.
في يوم 5 نوفمبر 2015 قامت قوات أمن بتطويق منزل علي بأكثر من 9 مركبات. بعدها دخل 10 رجال ملثمين المنزل عنوة واعتقلوا علي. لم يبرز الرجال أي مذكرة للاعتقال ولم يعطوا أسباباً للمداهمة، وما عدا مكالمتين هاتفيتين موجزتين بقي علي معزول عن العالم الخارجي لمدة 25 يوم.
في 30 نوفمبر وبدون إشعار مسبق قامت النيابة العامة بالاتصال بمحمد التاجر ليمثل أخيه في المحكمة. عندما وصل محمد إلى قاعة المحكمة كانت جلسة الاستماع قد بدأت دون أن يحظى على بأي محامي. أدعى المدعي العام بأن علي أعترف بانضمامه إلى منظمة إرهابية غير قانونية بغرض الإطاحة بالحكومة. أصر علي على براءته وذكر للمحكمة بأن السلطات قامت بتعذيبه ليدلي باعترافات غير صحيحة. إضافة لذلك ذكر بانه كان معصب العينين عندما أجبر على التوقيع على ورقة ولم يعرف أبدا عن محتوى تلك الورقة. كما طلب المدعي العام من علي التوقف عن شرحه للتعذيب الذي تعرض له قائلاً بأنه سوف يحيل تلك الادعاءات إلى وحدة التحقيق الخاصة والتي تتبع النيابة العامة والتي تعنى ظاهراً بمتابعة حالات الانتهاكات الحكومية.
وبعد انتهاء الإجراءات، أخبر علي محمد بأن المسؤولين الأمنيين قاموا بتعذيبه بشدة أثناء وجوده في المعتقل وذلك بتعريضه للإهانة والضرب الجسدي، والاعتداء الجنسي. وكشف أيضا أن المدعي العام قد هدده قبل وصول محمد في المحكمة.
حتى تاريخ 4 يناير 2016، تمكن محمد من رؤية شقيقه مرتين منذ جلسة الاستماع في المحكمة. وقد تضاعفت لدى علي نتيجة التعذيب الذي عانى منه أثناء الاحتجاز عدة إصابات سابقة أصيب بها منذ مدة طويلة، بما في ذلك انتفاخ في (الديسك)، فتق، وفقدان السمع في أذنه اليسرى. عرضت السلطات علي على فاحص شرعي، والذي أوصى بعرض علي على استشاري في العظام والمسالك البولية. على الرغم من أن الفاحص الشرعي لم يصدر تقريرا بخصوص فحصه لعلي، قال المدعي العام للمحكمة ان الفاحص الشرعي لم يعثر على أي أدلة على التعذيب.
بعد احدى زياراته لعلي، أبلغ محمد وحدة التحقيق الخاصة بأن الملابس التي أخذها من أخيه في إدارة التحقيقات الجنائية احتوت على بقع دم. واستدعت وحدة التحقيق الخاصة محمد للاستجواب، رغم ان ما ذكره كان طبيعيا. وتواصل السلطات تأجيل مواعيد علي مع الاختصاصيين الطبيين، ومن حينها غاب عن ثلاثة مواعيد. ومثل هذه التكتيكات للتأخير موثقة سابقا من قبل أمريكيون من أجل الديمقراطية ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية ومركز البحرين لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان كأسلوب تتبعه وحدة التحقيق الخاصة لترضي المحاكم.
محمد يصف علي كشخص غير سياسي ويشتبه في أن الحكومة تقوم بمحاكمته انتقاما من محمد نفسه لعمله في مجال حقوق الإنسان. وعلى الرغم من أن عائلة علي قدمت شكوى بخصوص قضيته إلى المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ومكتب التظلمات في وزارة الداخلية ووحدة التحقيق الخاصة، إلا أنهم يشعرون بالقلق من ان عملية الشكوى ستكون ممارسة عقيمة في أحسن الأحوال. وفي أسوأ الأحوال، فإنهم يخشون أن السلطات قد تستغل عدم وجود آليات مستقلة كوسيلة لمزيد من الانتقام. وقد وجدت أمريكيون من أجل الديمقراطية ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية ومركز البحرين لحقوق الإنسان أن العديد من الضحايا قد تعرضوا لمزيد من التعذيب انتقاما لتقديمهم شكاوى إلى الأمين العام للتظلمات، على سبيل المثال. إذا كانت الحكومة تستهدف علي على سبيل الانتقام من محمد، فأنه وعائلته قد يكونون في خطر من مزيد من الانتهاكات لمجرد تقديمهم شكوى.
عبدالهادي مشيمع هو والد علي مشيمع وهو مواطن بحريني يبلغ من العمر 21 عاماً قتل بالرصاص على يد قوات الأمن في 14 فبراير 2011. وكان علي المتظاهر الأول الذي قتل خلال الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية التي بدأت في عام 2011.
منذ وفاة ابنه، واجه عبد الهادي مضايقات متكررة من قبل السلطات. في 22 أغسطس 2013، داهمت قوات الأمن منزله دون أمر أو إذن. ألقوا القبض على عبد الهادي دون إبداء أي أسباب، واحتجزوه في الحبس لمدة أسبوع قبل الإفراج عنه في النهاية في 29 اغسطس.
وبعد سنة تقريبا، في 9 مايو 2014، تلقى عبد الهادي استدعاء بالمثول في إدارة التحقيقات الجنائية في يوم 12 مايو. عندما وصل عبد الهادي، أمرته السلطات الامتناع عن المشاركة في أي مظاهرات، وتحديدا تلك التي تدعو إلى مساءلة الحكومة عن وفاة علي. وطالب المسؤولون عبد الهادي بالتوقيع على تعهد يفيد بأنه لن يشارك في أي مسيرات أو مظاهرات مرة أخرى.
مكي أبو تاكي هو مدير شركة عقارية ووالد محمود أبو تاكي، وهو طالب يبلغ من العمر 22 عاما قتل بالرصاص من قبل السلطات البحرينية في 17 فبراير عام 2011 عندما اقتحمت قوات الأمن دوار اللؤلؤة.
مثل عبد الهادي مشيمع، تعرض مكي لمضايقات حكومية مستمرة بعد فقدان ابنه. في 26 نوفمبر 2013، استدعى مسؤولون أمنيون مكي إلى مركز شرطة النعيم وألقي القبض عليه. في اليوم التالي، أخذ إلى مكتب المدعي العام للتحقيق معه. عندما أنتهى المدعي العام من أسئلته، اتهم مكي بالتجمع الغير المشروع والتحريض على الكراهية ضد الحكومة، وقرر اعتقاله في سجن الحوض الجاف على ذمة التحقيق.
أثناء وجوده في المعتقل، تعرض مكي لسوء المعاملة الشديدة من قبل مسؤولي الأمن. وفي مكالمة هاتفية مع عائلته، قال مكي أن حراس السجن كانوا يضربونه بانتظام ويعملون على إذلاله. وتقارير أسرة مكي أشارت إلى أن إدارة سجن الحوض الجاف تعدت على حقهم بالزيارة، وذلك بمنعهم من لقاء مكي باستمرار دون تقديم أي مبرر. اعتقلت الحكومة مكي لمدة عام تقريبا، حتى 9 يناير 2014، عندما أطلق سراحه.
بعد أربعة أشهر من إطلاق سراحه، تلقى مكي استدعاء مشابه لعبد الهادي مشيمع، حيث طلب منه المثول في إدارة التحقيقات الجنائية في يوم 12 مايو. وهناك واجه مكي نفس المضايقات. قالت له السلطات انه لم يعد قادرا على المشاركة في أي مسيرات أو احتجاجات وخاصة تلك المتعلقة بقتل ابنه أو الوضع السياسي الراهن وأجبرته على توقيع تعهد للمثول عند الطلب منه.
To read this document in English, click here.