تعتبر الإمارات العربية المتحدة دولة ذات تعتيم بوليسي، فهي ترتكب انتهاكات منتظمة لحقوق الإنسان وتقمع مواطنيها. فيما تستهدف الإمارات المعارضين والناشطين السياسيين، وتجرم الحريات الأساسية وحقوق الإنسان الأساسية، فهي لها تاريخ من التعذيب المنهجي والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي، وما زالت النساء وعاملات المنازل المهاجرات يواجهن التمييز والاستغلال.
عام 2012، أصدرت الإمارات العربية المتحدة تعديلات على قانون الجرائم الإلكترونية الخاص بها، فمنحت صلاحيات أكثر للسلطات، مما سمح لهم بملاحقة أي شخص “يشكك في النظام السياسي للبلاد على مواقع التواصل الاجتماعية”، بما في ذلك مواقع تويتر وفيسبوك والبريد الإلكتروني. ومن خلال هذا التشريع، أصبح باستطاعة السلطات استخدام رواية لمكافحة الإرهاب بسهولة لإضفاء الشرعية على أعمالها الوحشية ولإضطهاد أي معارض سياسي باستخدام النظام القانوني. منذ صدور التعديلات، تم اتهام العديد من نشطاء حقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة بانتهاك قانون الجرائم الإلكترونية في ظروف مختلفة، بينهم 17 على الأقل من الناشطين الاجتماعيين البارزين.
في 29 مايو 2018، أدين أحمد منصور، وهو حائز على جائزة كناشط في مجال حقوق الإنسان، من قبل المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات لإهانته “مكانة الإمارات ورموزها”، بعد أن نشر على موقع تويتر “معلومات كاذبة وشائعات” وعزز من خلالها “الطائفية والكره”. وقد حُكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات، وأيّدت عقوبته في 31 ديسمبر 2018. ولم تكن تلك المرة الأولى التي يُدان فيها منصور بتعبيره عن آراءه عبر الإنترنت. عام 2011، ألقي القبض عليه بتهم مماثلة وحكم عليه بالسجن لثلاث سنوات مع أفراد آخرين معروفين باسم الإمارات 5، وهي مجموعة مؤلفة من خمسة ناشطين سياسيين أداروا موقعاً مناهضاً للحكومة خلال الربيع العربي. تم الإفراج عن الخمسة في اليوم التالي بعفو من رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن منذ ذلك الحين تم اختراق جميع الأجهزة الإلكترونية التابعة لمنصور من قبل الحكومة وتمت مراقبتها عن كثب.
وبالمثل، أدين تيسير النجار، وهو صحافي أردني ومدافع عن حقوق الإنسان، وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات عام 2015 بسبب منشوراته التي كان قد كتبها على موقع فيسبوك قبل انتقاله إلى الإمارات العربية المتحدة وبسبب التعليقات الانتقادية التي أدلى بها لزوجته على الهاتف. بالإضافة إلى ذلك، قبل عام، حكم على أسامة النجار، المدوّن والمدافع عن حقوق الإنسان، بالسجن لثلاث سنوات بموجب قانون الجرائم الإلكترونية لنشره تغريدات مدافعاً فيها عن والده حسين النجار، الذي حكم عليه في محاكمات جماعية غير عادلة مع 94 من النشطاء السياسيين عام 2013.
لدى الإمارات العربية المتحدة أيضاً سجل مليء بقضايا التعذيب في السجون، وقد عذبت مراراً وتكراراً السجناء الذين يعارضون الحكومة. على الرغم من كونها من الموقّعين على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (CAT)، فهي تستخدم التعذيب المنتظم في سجون مختلفة في الإمارات العربية المتحدة. من بين 124 سجيناً إماراتياً جرت مقابلتهم من قبل منظمة ريبريف في 2013، هناك أكثر من 75٪ منهم قد صرحوا بأنهم تعرضوا للتعذيب الجسدي بعد القبض عليهم، و95٪ منهم تم التحقيق معهم من قبل النيابة من دون حضور محامي. وصرّح أسامة النجار، المدوّن والناشط في مجال حقوق الإنسان المذكور أعلاه، أنه “تعرّض للّكم والضرب مراراً وتكراراً في وجهه وجسده وتم تهديده بالصدمات الكهربائية” أثناء احتجازه.
في الإمارات العربية المتحدة، تتعرّض النساء للاستغلال والتمييز باستمرار. تحتاج المرأة إلى إذن من ولي أمرها لتتزوّج. كما أن التمييز المنهجي ضد المرأة يمنعها من الإبلاغ عن التحرش الجنسي والاغتصاب إلى سلطات إنفاذ القانون. إنّ الإبلاغ عن مثل تلك الحالات يمكن أن يُستخدم ضدهن. على سبيل المثال، عام 2013 أبلغت فتاة نرويجية عن حالة اغتصاب للشرطة فحُكم عليها بالسجن لمدة 16 شهراً بتهمة “ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج، وشرب الخمر “. تشكل تلك التشريعات خطراً على النساء، خاصة أن الجناة المحتملين يعرفون سلفاً أنهم سيعفون من التهمة.
يواجه العمال المهاجرون أيضاً التمييز الشديد والاستغلال في دولة الإمارات العربية المتحدة. يشكل نظام الكفالة تهديداً حاداً لعمال المنازل المهاجرين لأن النظام يربط وضعهم القانوني بصاحب العمل، وبالتالي يمنعهم من تغيير أصحاب العمل أو رفع دعاوى قضائية ضد أصحاب العمل، حتى عندما تُنتهك حقوقهم الإنسانية. وقد أفاد العديد من العمال الوافدين بأنهم تعرضوا للتعذيب الجسدي وعملوا ساعات زائدة مع تأخر الأجور، لأن جوازات سفرهم تصدر من قبل أصحاب العمل لدى وصولهم إلى الإمارات العربية المتحدة وليس لديهم سبيل للمغادرة.
إن الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة تخلق بيئة قمعية تمنع أشكالاً من المعارضة السلمية، وتجرِّم حرية التعبير، وتعرّض المرأة والعمال المهاجرين للتمييز. لذا يجب على دولة الإمارات العربية المتحدة اتخاذ تدابير ملموسة لتحسين الوضع في البلاد والسماح بالحريات الأساسية وتؤمن الحماية للجميع.