سُمّيت منطقة “البدون” نسبةً لمعناها الأصلي، أي لتصنيف جزء من سكان الكويت بأنهم “بدون” جنسية. يتألف سكان “البدون” الكويتيون من القبائل العربية البدوية التي كانت تقيم في الكويت في الوقت الذي حصلت فيه البلاد على استقلالها في عام 1961 ولم تكن قادرة على التسجيل للحصول على الجنسية، إما بسبب عدم التفاهم أو عدم القدرة على إثبات إقامتهم في المنطقة. لم يكن سكان البدون يعانون من الحرمان الشديد في العقود القليلة الأولى بعد الاستقلال الكويتي. ولكن من منتصف الثمانينيات، أثّر الصراع الطائفي، والتوترات الإقليمية والاضطرابات الاقتصادية بشكل سلبي على سكان البدون. وفي عام 1986، اعتبرت الحكومة عدد من سكان البدون أنهم “مقيمين غير قانونيين” وجرّدتهم من حقوقهم. إن انعدام الجنسية الكويتية بين الأقليات في البلاد يجعل هؤلاء الأفراد عرضة لخطر انتهاكات حقوق الإنسان.
في فبراير ومارس من عام 2011، احتج مئات الرجال والنساء من منطقة البدون بسبب فشل الحكومة في العمل على طلبات الحصول على الجنسية للمواطنين في ضواحي مدينة الكويت. وردّت القوات الحكومية بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه، واحتجزت بشكل تعسفي عشرات المتظاهرين السلميين. وُضعت علامة حمراء على سجلات المتورطين في هذه الاحتجاجات والناشطين من أجل حقوق البدون، الأمر الذي يمنعهم من الحصول على حقوقهم الأساسية، منها الحق في العمل. وفي حال وضعت هذه العلامة على سجل شخص ما، يؤثر ذلك على أفراد عائلته ويحرمون من الحق في العمل أيضًا.
إن عدم حمل الجنسية الكويتية يمنع الشخص من حقه في التعليم، والمساعدة الطبية، والتوظيف. كما يؤثر ذلك بشكل كبير على حياة السكان. لا تستطيع العديد من العائلات في البدون من الحصول على شهادات زواج أو شهادات ميلاد لأطفالها، وهذا بدوره يمنع الأطفال من الحصول على هوية حكومية، ورعاية طبية، ولا سيما التعليم. إنّ الحصول على المساعدة الطبية المناسبة عند الولادة محدودة للنساء اللواتي لا يحملن شهادة زواج، ولا تعتبر ولادة طفل في الكويت قانونية في حال لم تكن متوفرة. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن لأمهات البدون أن يلدن في مستشفى عام. كما ظهرت تقارير عن تعرض النساء من البدون للتحرّش الجنسي من السلطات الكويتية أثناء تقديمهن للحصول على شهادات الميلاد والزواج.
إن دوامة عدم توفر الموارد الكافية لسكان البدون واضحة حتى في التعليم. لا يمكن للأطفال في “البدون” أن يلتحقوا في المدرسة إن لم يكن لديهم شهادة ولادة، مما يجبرهم على المتابعة في التعليم الخاص، الذي يكون دون المستوى غالباً وهو مكلف جداً. ونتيجة لذلك، غالباً ما ينظلم الفتيات عندما لا يذهبن إلى المدرسة لأن الأسر لا تستطيع تعليم جميع أبناءها، فعادة ما تلتجئ إلى تفضيل تعليم الأبناء بدلاً من الفتيات.
لا تستطيع معظم الأسر في البدون توفير التعليم الخاص بسبب الخيارات التوظيف المحدودة. وبموجب القانون الكويتي، لا يحق إلا للذين يحملون جنسية كويتية أو المقيمين القانونيين العمل بصورة قانونية. في حين أن الحكومة قد أقامت استثناءات محدودة، تلاحظ منظمة هيومن رايتس ووتش أن وضع “البدون” يخلق عقبات كبيرة للعثور على عمل. إن الحصول على الخدمات العامة استنسابي للأفراد من البدون، وهو غير متاح للجميع بشكل متساو. فعلى سبيل المثال، صرّح نشطاء من “البدون” لمنظمة العفو الدولية مراراً وتكراراً بأنّ سكان “البدون” لا يمكنهم تسجيل ممتلكات باسمهم، مثل السيارات أو الأعمال التجارية. كما يزعم كثيرون أن الطريقة الوحيدة للقيام بذلك هي عبر رشوة المسؤولين.
تقرّ المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) بحق الفرد “في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده”، ويحمي من الحرمان التعسفي من الحق في دخول بلده. ومع ذلك، نادراً ما تصدر الكويت وثائق سفر، فهي تقوم بـ”جوازات سفر مؤقتة” فقط لسكان البدون الذين يحملون بطاقات أمنية، ويريدون السفر بهدف التعليم، أو العلاج الطبي أو الحج. عبَّرت إحدى النساء في البدون، زاهر، عن حالة الإحباط التي يعانوها بسبب انعدام الجنسية وقالت:”نحن مثل السجناء، لا يمكننا الخروج من الكويت، ولا يمكننا العيش داخلها”.
وباعتبار أنهم غير قانونيين، لا يمكن لسكان البدون المشاركة في العمليات السياسية أو الدفاع عن حقهم في المواطنة، بحيث لا يسمح لهم بالمطالبة القضائية بمناقشة قضاياهم للحصول على الجنسية. يوجد في الكويت ما بين 93،000 و106،000 شخصاً من “البدون” وحرمان هذا العدد من المواطنين لا يفي بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وبذلك، تكون الكويت انتهكت القانون الدولي لحقوق الإنسان، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (UDHR) تحديداً، والمادة 29 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان (ACHR)، بالإضافة إلى عدد من المعاهدات التي وافقت عليها الكويت، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ICESCR). ونظراً لخطورة قضايا حقوق الإنسان التي يواجهها سكان البدون بسبب وضعهم وعواقبها، على المجتمع الدولي أن يمارس ضغطاً إضافياً على الكويت لتدرك المشاكل الناجمة عن رفضهم الدائم لمنح عدد كبير من مواطني البدون.