خلال شهر أكتوبر 2018، أرسلت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة ثلاثة بلاغات مشتركة بشكل منفصل إلى المملكة العربية السعودية، معربةً عن قلقها إزاء عدد لا يحصى من انتهاكات حقوق الإنسان، التي تتراوح بين استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء للجرائم المتعلقة بالمشاركة في الإحتجاجات من قبل القاصرين وبالاعتقالات والاحتجاز التعسّفي. سلسلة المدونات تلك تسلّط الضوء على هذه البلاغات المشتركة وعلى موقف المملكة منها، إن وجد.
اضغط هنا للإطلاع على مدونتنا السابقة حول البلاغ المرسل إلى المملكة العربية السعودية بشأن المدافعات عن حقوق المرأة.
في 11 أكتوبر، أرسلت “الإجراءات الخاصة الأمم المتحدة” نداءً عاجلاً (UA SAU 13/2018) إلى المملكة العربية السعودية من قبل المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بالإجراءات الموجزة أو الإعدام التعسفي؛ المقرر الخاص المعني بتعزيز الحق في حرية الرأي والتعبير وحمايته؛ المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمّع السلمي وتكوين الجمعيات؛ والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
يهدف البلاغ إلى تسليط الضوء على ممارسات الحكومة السعودية بحق ستة أشخاص معرضين لخطر الإعدام الوشيك لممارسة حقوقهم الإنسانية الأساسية، والذين كانوا دون السن القانوني عند اعتقالهم. تم إلقاء القبض على الستة، الذين كانوا موضوع عدة نداءات سابقة (الحالات SAU 7/2017، 2/2016، 7/2016، 8/2015 و6/2015)، وحُكم عليهم بالإعدام بين 2014 و2017. يعتبر كل من علي النمر، وداوود المرهون، وعبد الله الظاهر، ومجتبى السويكت، وسلمان قريش وعبد الكريم الحواج، من القاصرين بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان عندما قبضوا عليهم وقد تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة. ولم يكن هناك آلية شكاوى قابلة للتطبيق، كما أنهم حُرموا من الوصول إلى محامٍ، وظلوا عرضة لخطر الإعدام الوشيك.
وأُلقي القبض على داوود المرهون، وسلمان قريش وعلي النمر نتيجة لمشاركتهم في تظاهرات الربيع العربي، مما سلّط الضوء على تجريم المملكة العربية السعودية لممارسة الحقوق الأساسية. وعلاوةً على ذلك، حُرم علي النمر وعبد الله الظاهر (ومن المحتمل الآخرون المدرجون في البلاغ) من الحصول على المساعدة القانونية في الوقت المناسب. وعندما قُدمت المساعدة القانونية، مُنع المحامون من الوصول إلى ملف القضية الكامل، مما يشير إلى انتهاك الإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة بحق الأفراد الستة المذكورين أعلاه. فيما تعرّض الستة المذكورين في البلاغ للتعذيب من أجل إجبارهم على الاعتراف، وفي بعض الحالات تمت مقاضاتهم باستغلال تلك الاعترافات، التي كان ينبغي رفضها بموجب القانون الدولي.
سلطت الإجراءات الخاصة الضوء على تناقضات الحكومة السعودية في الامتثال للقانون الدولي لحقوق الإنسان من خلال الإشارة إلى مختلف انتهاكات الحكومة للصكوك والمعايير الدولية، وعلى وجه التحديد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (UDHR)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، واتفاقية الأمم المتحدة بشأن حق الطفل واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (CAT). أشارت البلاغات بأن ممارسة الحق في حرية التعبير وتشكيل التجمعات لا يمكن اعتباره “أشد الجرائم خطورة” كما يقتضي القانون الدولي أحكام الإعدام. وبموجب القوانين المذكورة آنفاً، يُحظر أيضاً فرض عقوبة الإعدام على القاصرين. كما أشار المفوضون إلى إقرار الحكومة السعودية علناً بفهمها لهذه الالتزامات الدولية في الدورة الثالثة والسبعين للجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل. وعلى الرغم من إصرار الحكومة على أنهم “لا يحاكمون [الطفل] بعقوبة الإعدام أبداً” وأن “سن المسؤولية هو 18 سنة”، فإن الستة المذكورين في البلاغ قد حُكم عليهم بالإعدام بسبب جرائم يُزعم أنهم ارتكبوها وهم دون السن القانوني، مما يجعل تنفيذها حرماناً تعسفياً من الحياة.
ووجهت الإجراءات الخاصة الانتباه إلى نمط الحكومة السعودية المتعلق بالاعتقال التعسفي، وبالاخفاء القسري، وبالتعذيب أو سوء المعاملة، وبالانتهاكات المختلفة لحقوق المحاكمة العادلة للقاصرين. وشددت بشكل خاص على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة نيابة عن علي النمر، وداوود المرهون، وعبد الله الظاهر، ومجتبى السويكت، وسلمان قريش وعبد الكريم الحواج، الذين ظلوا عرضة لخطر الإعدام الوشيك. واختتم البلاغ بالمطالبة بمعلومات مفصلة من الحكومة على أساس قانوني لاستمرار احتجاز القاصرين الستة. وكذلك بالكشف عن أماكن وجودهم، وعن التواريخ المحددة لعمليات الإعدام، وعن أي تدابير معمول بها للتحقيق في الادعاءات. كما حثّت الإجراءات الخاصة الحكومة على وقف جميع انتهاكات الحقوق المحددة في البلاغات وعلى ضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع تكرارها.
أصدرت الحكومة السعودية بيانًا بشأن البلاغ، مشيرةً بأنها قد قدمت رداً مسبقًا بشأن الحالات الستة، باستثناء حالة سلمان قريش. لا يزال هناك قلق لأن الردود السابقة من الحكومة السعودية لم تقدم أو تعكس الإنصاف للضحايا. لقد تجاهلت الحكومة السعودية العديد من النداءات العاجلة السابقة وهي ترفض عادة التعاون مع الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة وآلياتها. ومع استمرار المملكة العربية السعودية بالفشل في الوفاء بواجباتها كعضو في مجلس حقوق الإنسان وبارتكاب انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان، فإن سلامة هؤلاء القاصرين الستة، لا سيما سلامة كثيرين غيرهم ممن يتعرضون للاضطهاد، ما زالت معرضة للخطر.