خلال شهر أكتوبر 2018، أرسلت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة ثلاثة بلاغات مشتركة بشكل منفصل إلى المملكة العربية السعودية، معربةً عن قلقها إزاء عدد لا يحصى من انتهاكات حقوق الإنسان، التي تتراوح بين استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء للجرائم المتعلقة بالمشاركة في الإحتجاجات من قبل القاصرين وبالاعتقالات والاحتجاز التعسّفي. سلسلة المدونات تلك تسلّط الضوء على هذه البلاغات المشتركة وعلى موقف المملكة منها، إن وجد.
اضغط هنا للكشف عن مدونتنا السابقة المتعلقة بالبلاغ المشترك ضد المملكة العربية السعودية بشأن جمال خاشقجي.
في 10 أكتوبر 2018 ، أرسلت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة نداءً عاجلاً (SAU 11/2018) إلى المملكة العربية السعودية من الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي؛ المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي؛ المقرر الخاص المعني بتعزيز الحق في حرية الرأي والتعبير وحمايته؛ المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات؛ المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان؛ المقرر الخاص المعني باستقلالية القضاة والمحامين؛ المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد؛ المقرر الخاص المعني بتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب وحمايتها؛ المقرر الخاص المعني بمسألة العنف ضد المرأة وأسبابه وعواقبه؛ والفريق العامل المعني بمسألة التمييز ضد المرأة في القانون والممارسة.
ولفت المفوضون الإنتباه إلى انتشار حالات احتجاز المدافعين عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة بشكل واسع ومنتظم في المملكة العربية السعودية. سلّطت البلاغات المشتركة الضوء على ست حالات من المدافعات عن حقوق الإنسان والمرأة، اللواتي عبّرن عن معارضتهن لانتهاكات حقوق الإنسان في المملكة، بما في ذلك قضية إسراء الغمغام، التي لطالما طالبت بإطلاق سراح سجناء الرأي والحرية، فضلًا عن السجناء الذين قد شاركوا في إنشاء جمعيات في المملكة العربية السعودية، وهي معرّضة لعقوبة الإعدام بسبب نشاطاتها. كما أشار النداء العاجل إلى قضايا تتعلٌق بنوف عبد العزيز، الصحفية والمنتجة التلفزيونية، وبمايا الزهراني، وبسمر بدوي، وهي ناشطة شهيرة لحقوق المرأة، وخاصة لحقوقهن في التصويت والقيادة. وتجدر الإشارة إلى أن بدوي كانت موضوع بلاغين سابقين من الإجراءات الخاصة، والتي للأسف لم تتلقَ أي رد إيجابي من الحكومة السعودية. كما تضمّنت البلاغات المشتركة قضية نسيمة السادة، التي نشطت بشكل ملحوظ في الدعوة إلى نهاية نظام الوصاية الذكورية وحقوق الأقلية الشيعية في المملكة العربية السعودية، وقضية هتون الفاسي، التي تعمل كمساعدة أستاذ في جامعة الملك سعود، وهي مساهمة في جريدة الرياض، ومدافعة عن حقوق الإنسان وعن حق المرأة في المشاركة في الانتخابات البلدية، ولا سيما عن حقها في القيادة.
وقد حُرمت كل من إسراء الغمغام، وسمر بدوي، ومايا الزهراني، وهتون الفاسي من الوصول إلى التمثيل القانوني والتواصل مع أسرهن منذ اعتقالهن. كما خضعت هاتون الفاسي ونسيمة السادة لحظر على السفر. كما احتجزت السادة ونوف عبد العزيز بمعزل عن العالم الخارجي في مكان مجهول. وباستثناء إسراء الغمغام، التي لا تزال في سجن المباحث في مدينة الدمام، في حين لا تزال أماكن باقي النساء غير معروفة. وأشار البلاغ إلى أن هذه القضايا والاعتقالات المستمرة لهؤلاء النساء يبدو أنها مرتبطة بشكل مباشر بمطالبتهنّ بالحقوق الأساسية وبعملهنّ في مجال حقوق الإنسان بشكل سلمي. كما شدّدت الإجراءات الخاصة على أن ممارسة الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي ليست جرائم جنائية. وعلى هذا النحو، لا ينبغي التذرع بالمحاكمة بموجب التشريعات السعودية لمكافحة الإرهاب. وقد اُستخدم هذا التشريع بشكل متزايد في المملكة كذريعة لإسكات أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين المسالمين.
وذكر المفوضون العديد من الصكوك والمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي انتهكتها الحكومة السعودية في هذه القضايا، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمبادئ الأساسية لدور المحامين، ومبادئ الأمم المتحدة الأساسية والمبادئ التوجيهية، وضمانات الأمم المتحدة التي تحمي حقوق الذين يواجهون عقوبة الإعدام، وقرار الجمعية العامة 68/181، وإعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان، الذين تم استدعاؤهم أيضاً بسبب تجديد المفوضين لمعايير القانون الدولي التي يجب على المملكة العربية السعودية الالتزام بها، بصفتها عضواً في مجلس حقوق الإنسان، تعهدت الحكومة السعودية بعرض سلوك مثالي في حماية حقوق الإنسان العالمية، وقادت الخبراء المستقلين إلى دعوة المملكة إلى الوفاء بتعهدها والاستجابة للنداء العاجل مع اتخاذ الخطوات المبدئية لحماية النساء الست امتثالا للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
واختتم البلاغ بالمطالبة بمعلومات مفصّلة من الحكومة على أساس قانوني للاعتقالات والاحتجازات لكل من الغمغام، وبدوي، والسادة، وعبد العزيز، والزهراني، والفاسي، وكذلك بالكشف عن أماكن وجودهن وعن أي مؤشر يتعلّق بالتدابير لضمان سلامتهم وللتأكّد من أن محاكماتهن تجري بشكل عادل ومنسّق مع الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان. لقد استجابت الحكومة السعودية للبلاغ، لكن لم تتم ترجمتها بعد، ولكن لا تزال هناك مخاوف جديّة. لقد تجاهلت الحكومة السعودية العديد من النداءات العاجلة ورفضت التعاون مع إجراءات الأمم المتحدة الخاصة وآلياتها سابقاً، وبدلاً عن ذلك استمرت في ارتكاب انتهاكات بالغة لحقوق الإنسان. ومع استمرار المملكة العربية السعودية في الإخفاق بمهامها كعضو في مجلس حقوق الإنسان، فإن سلامة هؤلاء النساء وحالة المدافعين عن حقوق الإنسان لا تزال بخطر شديد.