محدّث: كان أسامة نزار الصغير طالبًا بحرينيًا يبلغ من العمر 19 عامًا عندما اعتقل عام 2017 خلال قمع الاحتجاجات السلمية في الدراز إثر إسقاط الجنسية عن الشخصية الدينية الشيعية البارزة في البلاد، الشيخ عيسى قاسم. وتعرّض أسامة خلال احتجازه للتعذيب والاختفاء القسري والسجن الانفرادي والإهانة على أساس الدين والتمييز الديني والعزل والانتقام والإهمال الطبي والمحاكمات غير العادلة والمضايقات والاعتداءات وسوء المعاملة، وهو يقضي حاليًا حكمًا بالسجن ل61 عامًا في سجن جو. وخاض أسامة عدة إضرابات عن الطعام خلال مدة احتجازه احتجاجًا على سوء معاملته والإهمال الطبي بحقه، لكن من دون جدوى.
في 20 يونيو 2016، بدأ المواطنون البحرينيون باعتصامًا تضامنيًا مع الشخصية الدينية الشيعية البارزة، الشيخ عيسى قاسم، أمام منزله الواقع في بلدة الدراز، وذلك وفي 23 مايو 2017، أدى هجوم قامت به السلطات البحرينية على المتظاهرين المعتصمين أمام منزل الشيخ قاسم إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة أكثر من 100 شخص، فضلًا عن إلقاء القبض على 286 آخرين، بينهم أسامة.
سبق وأن شارك أسامة في مظاهرات أخرى واعتُقل في مناسبات متعددة عندما كان قاصرًا بسبب ممارسة حقوقه في حرية التعبير والتجمع. أُلقيَ القبض عليه لأول مرة في فبراير واحتجز لمدة 11 يومًا في عام 2013 عندما كان يبلغ من العمر 14 سنة فقط. قبضت عليه السلطات مرة أخرى خلال مظاهرة في ديسمبر 2014 حيث تعرض للضرب المبرح.
في 23 مايو 2017، اعتقلت شرطة مكافحة الشغب أسامة، التي تتشكل من ضباط قيادة قوة الأمن الخاصة، وضباط يرتدون ملابس مدنية بعد أن أطلقوا النار عليه خلال المظاهرة مستخدمين الرصاص الانشطاري، ما أدى إلى انتشار شظاياه في جميع أنحاء جسمه. وعمدت القوات إلى ضربه قبل نقله إلى مديرية التحقيقات الجنائية وإخفائه قسراً لمدة 45 يومًا. بعد احتجاز أسامة لمدة 20 يومًا، أخذه الضباط إلى النيابة العامة من دون إعطائه الوقت والتسهيلات اللازمة للتحضير للجلسة. وعندها اتهمت السلطات أسامة بجرائم متعددة، بما في ذلك محاولة قتل شرطي.
في أثناء احتجاز أسامة في مديرية التحقيقات الجنائية، قام الضباط بضربه مراراً وتكراراً على رأسه وعلى يديه الاثنتين، علمًا أن كلتيهما كانتا مصابتين خلال اعتقاله بجروح من الرصاصات التي أطلقت عليه خلال الاستجابة للحصول على اعتراف. كما أن الضباط أجبروا أسامة على إهانة معتقداته الشيعية عبر التفوه بالبذاءات وتقليد أصوات الحيوانات، وكأنها شكل من أشكال الانحلال الأخلاقي. كما يُزعم أن الضباط منعوا عائلةا أسامة من زيارته لمدة شهرين ونصف لكي تُشفى جراحه الظاهرة بهدف إخفاء أدلة التعذيب.
ونتيجة للتعذيب المستمر، عانى أسامة من الصداع المزمن وفقد القدرة على الحركة في إصبعه الأيمن. عند نقله إلى عيادة السجن على إثر أربع مناسبات مختلفة، لم يتلق العلاج الفعال. وحتى عند إرساله إلى المستشفى لتفحص حالته، حُرم من العلاج برغم وجود شظايا متناثرة في جميع أنحاء جسده، مما تسبب له بآلام شديدة. بعد تقديم شكوى إلى الأمانة العامة للتظلمات بهدف الحصول على العلاج، بقي أسامة لمدة 19 شهراً أخرى من دون تلقي أي علاج طبي، لكنه أُجبر على التوقيع على استمارة تقول إنه تلقى العلاج.
وحكمت المحكمة على أسامة بعدة قضايا بلغ مجموعها 71 سنة في السجن بعدة تهم، منها 1) التجمهر غير القانوني، 2) الاعتداء على قوات الأمن، 3) حيازة واستخدام زجاجات المولوتوف والقضبان الحديدية والسكاكين والفؤوس غير المرخصة للاعتداء على رجال الشرطة لغرض إرهابي، و4) تدمير سيارات الشرطة. كما أسقطت عنه الجنسية البحرينية مرتين. وطوال هذه المحاكمات، مُنع أسامة من الاتصال بمحاميه، وأفاد بأنه لم يكن قادرًا على الاستعداد للمحاكمات أو حتى تقديم أدلة في دفاعه. وكانت إحدى هذه المحاكمات هي المحاكمة الجماعية التي صدرت أحكامها في 27 فبراير 2019 بحق 171 مواطنًا بحرينيًا، والتي عرفت بإسم “قضية الدراز”. استأنف أسامة الأحكام الصادرة بحقه، مما أدى إلى تخفيضها إلى 61 عامًا، كما أعيدت جنسيته.
في 14 مارس 2019، بدأ أسامة إضرابًا عن الطعام مطالبًا بحقه في العلاج واستخراج شظايا الرصاص الانشطاري من جسده ونقله من العنبر الذي كان يتشاركه مع سجناء إرهابيين ينتمون لتنظيم “داعش” ومدانون بقضايا اغتصاب، وبتحسين ظروف السجن واحتجاجًا على سوء المعاملة التي تعرّض لها من قبل احد رجال الشرطة، الذي دخل عدة مرات على أسامة في زنزانته وصرخ واستهزأ به وشتمه وأهانه من دون سبب. وخلال هذا الإضراب، انقطعت أخباره لأكثر من أسبوع.
في 11 سبتمبر 2019، بدأ أسامة إضرابًا آخرًا عن الطعام، مطالبًا بتمكينه من زيارة خاصة بعد أن امتنع عن مقابلة عائلته التي أتت لزيارته في السجن منذ 28 يناير 2019 بسبب الكم الهائل من الضغط والتفتيش المهين. وطالب أسامة بزيارة خاصة لوالدته المريضه بالقلب بحيث لا يتم التعامل معها بقسوة. وقبل عشرة أشهر من هذا الإضراب، تقدم أسامة بطلب الزيارة العائلية الخاصة التي تحدث دون وجود عازل يفصله عن زواره، إلا أنه لم يتم الموافقة عليها. كما طالب خلال هذا الإضراب بتزويده بلحاف ومعطف يقياه من البرد، حيث أن انتشار شظايا الرصاص الانشطاري في جسمه تسبب له بالشعور بالآلام المترافقة مع البرد. وفي 24 سبتمبر 2019، بعد 13 يومًا من بدأه الإضراب عن الطعام، حرمت إدارة سجن الحوض الجاف الجديد أسامة من حقه في الاتصال الهاتفي بعائلته والخروج للتشمس في ساحة السجن الخارجية كعقاب إضافي لاستمراره في الإضراب. وخلال هذا الإضراب، انخفض معدل السكر لديه إلى 3.8 وتعرّض للإغماء في دورة المياه وأصيب بنزيف في رأسه. وترافق ذلك مع استمرار شعوره بالبرد وعدم استطاعته النوم بسبب تدهور حالته الصحية. وفي 3 أكتوبر 2019، بعد دخوله اليوم الـ 23 من إضرابه عن الطعام، نُقل أسامة للسجن الانفرادي انتقامًا منه لاستمراره فى الإضراب. واشتكى أسامة من داخل زنزانته الانفرادية من البرد القارس الذي كان يعاني منه، قائلًا “أتجمد من البرد، أحتاج للحاف ورعاية طبية! انقلوا صوتي للعالم!”
في 25 ديسمبر 2019 و13 فبراير 2020، رفضت إدارة سجن الحوض الجاف نقل أسامة إلى مواعيد طبية محدد مسبقًا لمعالجة مسألة شظايا الرصاص الانشطاري في جسده دون معرفة الأسباب.
في مايو 2020، نُقل أسامة من سجن الحوض الجاف الجديد إلى سجن جو. وفي 15 ديسمبر 2020، نُقل أسامة من مبنى 12 بسجن جو المركزي إلى العزل بمبنى 23 دون معرفة الأسباب، ثم أعيد إلى المبنى 12 بعد ثلاثة أيام. وفي 3 يناير 2021، نُقل أسامة إلى السجن الانفرادي لأسباب مجهولة.
في 22 مارس 2021، تحدث أسامة في تسجيل صوتي عن تعرّضه للضرب المبرح وإصابته في رأسه وعينه ووجهه وظهره وسحبه في الممر في 17 مارس 2021 من قبل عناصر شرطة السجن أثناء قيامه باعتصام سلمي في المبنى 12 داخل سجن جو تضامنًا مع رجل الدين البارز والسجين السياسي البارز الشيخ زهير عباس (عاشور) – الذي تعرّض حينها للضرب العنيف والمباغت، والذي قد يرقى إلى محاولة القتل، من قبل أحد السجناء الجنائيين. وأشار أسامة إلى وجود تسجيل فيديو للحادثة التقطته كاميرات المراقبة في السجن، مطالبًا بحقه في تقديم بلاغ تعذيب، إلا أن إدارة سجن جو لم تستجب لمطالبه. وبعد انتشار التسجيل الصوتي على منصات التواصل الاجتماعي، عمدت إدارة السجن إلى حرمان أسامة من حقه في الاتصال بعائلته لمدة شهر.
في 7 يوليو 2021، قامت مجموعة من ضباط سجن جو بإخراج أسامة من العنبر الذي كان يقبع فيه ونقله إلى السجن الانفرادي دون ذكر السبب، حيث مكث لمدة 14 يومًا مقيدًا بالقيود الحديدية وانقطعت أخباره. وفي 21 يوليو 2021، نقل الضباط أسامة إلى العزل في المبنى 12 من سجن جو، ووضع في زنزانة صغيرة لم يستطع فيها رؤية أي شخص انتقامًا منه لمطالبته الدائمة بأبسط حقوقه كسجين. بعد ذلك، وضع الضباط أحد السجناء الجنائيين الأجانب، وهو مريض نفسي، في نفس الزنزانة مع أسامة. وخلال تواجده في هذه الزنزانة، قام زميل أسامة – الذي لا يتكلم العربية ولا ينتمي لنفس ديانة أسامة – بمضايقته، حيث دخل عليه أكثر من مرة وهو في دورة المياه، وتشاجر معه مرارًا. وخشي أسامة من احتمال تعرضه للأذى خلال نومه على يد زميله بسبب تعرضه للمضايقة منه يوميًا. وحُرم أسامة خلال هذه المدّة من الصلاة، حيث أنه لم يكن باستطاعته سماع الآذان، ورفضت إدارة السجن تزويده بساعة لمعرفة أوقات الصلاة. وانقطع الاتصال بين أسامة وعائلته لأكثر من شهر بعد نقله للعزل، وفي 1 سبتمبر 2021، أفاد أسامة في اتصال هاتفي مع عائلته أنه كان محروم من الاتصال من غير سبب وأن هناك ضابط في السجن اسمه أحمد كان يضيّق عليه. وعندما سأل أسامة الضابط عن السبب، أجابه ان إدارة السجن هي التي تريد التضييق عليه، وهدده وشتمه قائلًا “سترى حين يهجمون عليك مع مجموعة من الشرطة ويضربونك من غير سبب” و”أنت لا تسوى حتى الحذاء!”
في 27 يناير 2022، نُقل أسامة إلى المبنى 3 من سجن جو، حيث وُضع مجددًا في العزل مع سجناء أجانب جنائيين ومدمنين على المخدرات، رغم رفضه التوقيع على الانتقال لهذا المبنى. وفي مارس 2022، وُضع أسامة لعدة أسابيع في السجن الانفرادي، حيث انقطعت أخباره حتى انتهاء حبسه الانفرادي في 3 أبريل 2022.
في 18 يوليو 2022، قامت القوات الخاصة بالاعتداء على السجناء المعتصمين في المبنى 7 من سجن جو احتجاجًا على تردي أوضاع السجن، وأبرزها الإهمال الطبي، ورشت القوات الخاصة رذاذ الفلفل الحارق عليهم وحاولت ادخالهم بالقوة إلى الزنازين. كان أسامة من بين السجناء المعتصمين، وفي اليوم التالي، نُقل أسامة مقيد اليدين والرجلين بالسلاسل إلى مستشفى السلمانية. وفي 30 يوليو 2022، تحدث أسامة في تسجيل صوتي عن حرمانه وجميع السجناء الشيعة في سجن جو من إحياء شعائرهم الدينية، وعن محاربتهم واستهدافهم طائفيًا، على عكس الادعاءات المنشورة في الإعلام البحريني الرسمي.
في 13 أغسطس 2023، خلال مشاركة أسامة في الإضراب الجماعي عن الطعام الذي شارك فيه أكثر من 800 سجين في سجن جو احتجاجًا على ظروف السجن السيئة والذي استمر 40 يومًا، تعرّض أسامة للإغماء وسقط أرضًا.
تستمر معاناة أسامة من الإهمال الطبي للإصابات التي تعرض لها من جراء إطلاق الرصاص الانشطاري عليه خلال الاعتقال وللإصابات والمشاكل الصحية الناجمة عن التعذيب الذي تعرّض له، كما لا يزال الانتقام مستمرًا بحقه من حين لآخر، حيث يتم وضعه في السجن الانفرادي والعزل وإهانته مرارًا وتكرارًا، ناهيك عن تعريضه للإخفاء القسري والحرمان من التواصل مع عائلته والتمييز والإهانة على أساس الدين والانتقام والمضايقات والاعتداءات وسوء المعاملة. وتقدمت عائلة أسامة بعدة شكاوى منذ اعتقاله الأخير بشأن الانتهاكات التي تعرض لها ابنهم إلى الأمانة العامة للتظلمات، لكن من دون جدوى.
إن اعتقال أسامة التعسفي لمشاركته في تظاهرة سلمية وإخفاءه قسريًا وتعريضه للتعذيب والمحاكمات غير العادلة والسجن الانفرادي والإهانة على أساس المذهب والحرمان من ممارسة شعائره الدينية والانتقام والعزل وحرمانه من الاتصال بعائلته والإهمال الطبي والمضايقات والاعتداءات وسوء المعاملة ينتهك الدستور البحريني وكذلك الالتزامات الدولية التي تعدّ البحرين طرفًا فيها، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وقواعد الأمم المتحدة النموذجية لمعاملة السجناء، والمعروفة بقواعد نيلسون مانديلا. كما أن اعتقال أسامة تعسفيًا لمرات عدة سابقًا لمشاركته بتظاهرات سلمية عندما كان قاصرًا وتعرضه للتعذيب يعتبر انتهاكًا صريحًا لاتفاقية حقوق الطفل، التي تعدّ البحرين طرفًا فيها.
وعليه، تدعو منظمة أميركيون من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) السلطات البحرينية إلى الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان من خلال الإفراج الفوري وغير المشروط عن أسامة والتحقيق في جميع مزاعم الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والحبس الانفرادي والتعذيب والإهانة على أساس المذهب والحرمان من ممارسة الشعائر الدينية والعزل والانتقام والحرمان من الاتصال بالأهل والإهمال الطبي وسوء المعاملة، ولمحاسبة الجناة. علاوة على ذلك، تدعو المنظمة البحرين إلى تقديم العلاج الفوري لأسامة لجميع مشاكله الصحية، بما في ذلك تلك الناتجة عن التعذيب الذي تعرّض له في السجن والإصابات التي تعرّض لها من شظايا الرصاص الانشطاري خلال اعتقاله، وتعويضه عن تلك الإصابات التي تفاقمت بسبب الإهمال الطبي، أو على أقل تقدير، إجراء إعادة محاكمة عادلة له، وصولًا إلى إطلاق سراحه. كما تدق المنظمة ناقوس الخطر بشأن الإضرابات العديدة عن الطعام التي خاضها أسامة والتي زادت من معاناته الصحية، وبشأن الاعتداءات المتكررة التي تعرض لها من قبل الضباط في السجن وزملائه السجناء الجنائيين، محذرة من أي تطور خطير قد يحصل نتيجة ذلك. وتدعو المنظمة السلطات البحرينية لإجراء تحقيقات شفافة بشأن هذه الادعاءات من سوء المعاملة والاعتداءات لتحديد المرتكبين ومحاسبتهم وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب.