في الثالث من ديسمبر نشر موقع “Open democracy” البريطاني مقالاً مشتركاً لمدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية BIRD سيد أحمد الوداعي ولمسؤولة المناصرة في منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ADHRB مونيكا زورو يحمل عنوان “خدعة التأييد البريطاني للإنتخابات المزيفة في البحرين”
سيد أحمد الوداعي ومونيكا زورو أعربا في بداية المقال عن أسفهما لدعم المملكة المتحدة للإنتخابات المزيفة في البحرين ما قد شجّع دول الخليج على مواصلة تكثيف قمعها للحقوق المدنية من دون أن يعاقبها أحد.
أتى الكاتبان على ذكر قضية البريطاني ماثيو هيدجز الذي أفرج عنه بعد إصدار عفو عام رئاسي، وهو كان محتجزاً في الإمارات منذ أيام، وصدر حكم عليه بالسجن لمدى الحياة بتهم تتعلّق بالتجسس. وأبدت وزارة الخارجية البريطانية (FCO) ردًا سريعًا تعاطفت فيه مع محنة طلاب الدكتوراه.
فيما أصدر حليف بريطاني آخر في الخليج، وهو البحرين، حكماً بالسجن لمدى الحياة على زعيم المعارضة الشيخ علي سلمان بتهم مزيّفة مماثلة تتعلّق بالتجسس، ولسوء حظ الشخصية السياسية البحرينية البارزة، لم يصدر عفو عام.
أبرز الكاتبان الفرق الواضح في النهج، وقالا: “من الواضح أن التزام وزارة الخارجية البريطانية بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها مرهون بمصالحها الاستراتيجية وإرادتها السياسية. وبالنسبة للقادة الغربيين، فإن الحاجة إلى الحلفاء لشراء أسلحتهم هي بلا شك أكثر أهمية من محاسبة حلفائهم على سحق المجتمع المدني في وطنهم أو تجويع الأطفال حتى الموت في اليمن، ومن انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة الأخرى. وطالما أن الأموال تصل لهم، فإن هذه الانتهاكات ليست مشكلتهم”.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، عُقدت انتخابات في البحرين لمجلس النواب في الجمعية الوطنية البحرينية، بحيث تم انتخاب 40 عضوًا. يتمتع هؤلاء الأعضاء بالسلطة التشريعية ويشبهون مجلس العموم البريطاني. الفرق الأساسي هو أنه في البحرين، لا يمكن للمنتخبين أن يكونوا أعضاء في المعارضة.
نقل الكاتبان إشادة وزير الخارجية البريطاني أليستر بيرت بعلاقة المملكة المتحدة التاريخية مع عائلة آل خليفة الحاكمة في البحرين الشهر الماضي، وترحيبه الآن “بالتقدم المستمر والالتزام بالعملية الديمقراطية”، وهذا ما أظهرته على ما يبدو الانتخابات التي جرت في البحرين خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية. ولكن، الأساس الواقعي لهذا الدعم لا يكاد يذكر. أدان أعضاء الهيئات التشريعية الدولية الانتخابات وشككوا في شرعيّتها، بما في ذلك أعضاء البرلمان البريطاني، والكونغرس الأمريكي، وبرلمان الاتحاد الأوروبي، والبرلمان الإيطالي والايرلندي. في الواقع، حتى وزارة الخارجية نفسها لا تستطيع إنكار معرفة الوضع في البحرين، حيث أنها سلّطت الضوء في السابق على بعض القضايا الأساسية المحيطة بحرية المشاركة السياسية في المملكة.
قبل الانتخابات، تم حل أكبر تجمعين للمعارضة السياسية من قبل الحكومة البحرينية ، وهما الوفاق ووعد، فيما قامت الحكومة برفع القيود المفروضة على حرية التعبير. يقضي أبرز نشطاء حقوق الإنسان في البحرين، نبيل رجب، حالياً عقوبة بالسجن لمدة سبع سنوات بتهمة إجراء مقابلات تلفزيونية وإدانته للحرب في اليمن ومشاركة البحرين في الفظائع.
واتخذت الحكومة البحرينية إجراءات إضافية لتقييد المشاركة قبل الانتخابات. في شهر مايو من هذا العام، تم تعديل القانون لمنع أي شخص سبق أن انتمى إلى إحدى الجمعيات السياسية المنحلّة من السعي إلى شغل منصب منتخب، وكذلك أي شخص قضى ستة أشهر أو أكثر في السجن. في بلد يقطنه أكثر من 4000 سجين سياسي، فإن هذا يحدّ بشدة من الذين يمكنهم الترشّح للمناصب.
وقال سيد أحمد الوداعي: “إن حالة حقوق الإنسان على الأرض في البحرين قاتمة بالمثل، أنا شخصياً لدي ثلاثة أفراد من العائلة يقبعون في السجون البحرينية – يقضون عقوبات مطولة انتقامية لأعمالي في مجال حقوق الإنسان، ومن بين هؤلاء حماتي، هاجر منصور، التي اعتدى عليها حراس السجن في سبتمبر الماضي، وبعد التشجيع المتكرر من قبل وزراء المملكة المتحدة، اشتكت إلى هيئات الرقابة في البحرين – وهي هيئات معروفة بعدم استقلالها وفشلها في الوفاء بولاياتها، وعلى الرغم من أنّها برهنت لنا أنّها غير فعّالة من خلال تبرير هذه الأفعال، فقد أيد الوزير بشكل زائف التحقيقات التي أجرتها الهيئات ووصفها بأنها “سريعة وشاملة”.
وتابع: “خلافاً لحالة هدجيز، فقد اتخذت وزارة الخارجية الضمانات التي قدمتها السلطات البحرينية التي منعت طرح الأسئلة، لم يعترفوا قط بأن أفراد عائلتي قد استُهدفوا بسبب عملي، وأن البحرين مدانة بارتكاب انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان من قبل حكومتها وقادرة على مواصلة العمل في الظل، محمية من قبل الدول الغربية القوية مثل المملكة المتحدة”.
أكد الكاتبان على قدرة وزارة الخارجية البريطانية على إحداث تغيير حقيقي في الخليج، إذ ويوضّح الإفراج عن هدجيز قدرات حكومة المملكة المتحدة عندما تريد ممارسة نفوذها، إذا أرادوا السيطرة على كامل نطاق سلطتهم ونفوذهم، فستتمكّن وزارة الخارجية البريطانية من تحسين أوضاع المعارضين السياسيين وشخصيات حقوق الإنسان في البحرين.
ولكن بدلاً من ذلك، تحافظ المملكة المتحدة على دعمها غير المشروط للنظام القمعي، مدعومًا ببرامج مساعدة فنية بقيمة 5 ملايين جنيه إسترليني. قد تكون الأفعال أقوى من الكلمات، ولكن في هذه الحالة، فإن لغة المملكة المتحدة ضارة مثل أموالها، وإنّ دعم الوزير بيرت لهذه الانتخابات الزائفة قد لعب دورًا في تشجيع دول الخليج على مواصلة تكثيف قمعها للحقوق المدنية من دون أن يعاقبها أحد.
ختم الكاتبان مقالهم بالقول: “في ظل النظام الديكتاتوري القمعي، لا توجد انتخابات ذات معنى. إنّ الغرض من وجود ديمقراطية مفترضة هو ضمان الثناء العلني المستمر من شخصيات موثوقة في الغرب، إذ يبدون وكأنّهم يساعدون البحرين ولكنّهم ينخرطون في لعبتها الدموية”.