تطّلعت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) إلى اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة في 3 ديسمبر ، الذي أعلنته الأمم المتحدة لتعزيز حقوقهم ولتوفير برامج للتوعية في مجال المجتمع المدني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي. وفي ذلك اليوم، لفتت المنظمة الانتباه إلى استمرار الاعتداء على الأفراد ذوي الإحتياجات الخاصة في منطقة الخليج العربي، وتحديدًا في البحرين والمملكة العربية السعودية. كما حثّت المملكتين الخليجيتين على الحد من الإساءة الى الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة وضرورة تزويدهم بحقوقهم الكاملة بموجب القانون الدولي، بما في ذلك الحصول على العلاج الطبي.
إنّ المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين هما طرفان في اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة. وبموجب المواد 4 و 15 و 16 و 25، يحظّر التمييز ضد الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة للوصول إلى العدالة، كما في حالة التعذيب وسوء المعاملة، ويطلب من الدول مساعدة ضحايا العنف وتوفير الرعاية الصحية للأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة. ولكن، على الرغم من ادّعاء التزاماتها بمعاهدة حقوق الإنسان، فإن كلتا المملكتين تواصلان إساءة معاملة السجناء ذوي الإحتياجات الخاصة.
إنّ قضية الدكتور عبد الجليل السنكيس، وهو مهندس بحريني مهم، ومدوّن، وناشط في مجال حقوق الإنسان، تعتبر مثالاً بارزاً على تجاهل الحكومة البحرينية للسجناء ذوي الإحتياجات الخاصة. يعاني السنكيس من متلازمة ما بعد شلل الأطفال، مما أدى إلى شلله وحصره في كرسي متحرّك. منذ اعتقاله الأول في عام 2011، حُكم عليه بالسجن مدى الحياة. وقد أخضعته السلطات البحرينية للتعذيب، بل وسخرت إعاقته ضده وأجبرته على الوقوف على ساق واحد وتوقيع اعتراف قسري، ممّا أدّى إلى تدهور صحته بشكل حاد بعد سجنه. وفي عام 2016، بالرغم من تفاقم وضعه الصحي ، بحيث انخفض عدد خلايا الدم البيضاء وانخفض البوتاسيوم، لم يتغير موقف سلطات السجن اتجاهه وحرمته من العلاج. بالإضافة إلى ذلك، رفضت سلطات السجن تزويده بسدادات مطاطية لعكازاته، مما أدى إلى سقوطه بين طوابق السجن. وبرغم حاجة الدكتور السنكيس العاجلة للعلاج، حُرم من الرعاية الطبية خشية من تفتيشه، وتقييده بالسلاسل، وتكبيله بالأصفاد، وسيره إلى المرافق الطبية. وفي حالة مهدي قوييد، وهو شاب مصاب بعجز في النمو، قامت السلطات البحرينية بضربه عند القبض عليه رغم علمها بحالته.
لسوء الحظ، فإن تجاهل مملكة البحرين لوضع السجناء الذين هم بحاجة ماسة إلى العلاج الطبي يعرّض الآخرين لخطر الإصابة بالإعاقة. إنّ المصوّر والصحافي الحائز على جائزة، أحمد حميدان، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات في مارس 2014، أصيب بإلتهاب حاد في العين في أكتوبر 2017 ولم تقدم سلطات السجن العلاج الطبي الكافي له، مما زاد من احتمال فقدان بصره وتعريض عمله للخطر. وبينما انتهكت سلطات السجن بوضوح التزاماتها تجاه اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة، فإنّ عدم وجود تشريع شامل في البحرين، لحماية حقوق الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة ولمنع حرمانهم من العلاج الطبي اللازم، يعرّض السجناء ذوي الإحتياجات الخاصة لخطر شديد. وكذلك الوضع ﻓﻲ اﻟﻣﻣﻟﮐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺳﻌودﯾﺔ، فهي ﺗﻔﺗﻘر ﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻷﺷﺧﺎص ذوي الإحتياجات الخاصة، وخاصة تلك التي ﺗﺗﻌﻟق ﺑﺎﻟﻌﻘوﺑﺎت. وبأغلب الأحيان، لا تقرّ المحاكمات بظروف الأفراد ذوي الإعاقات العقلية.
كما أصدرت المملكة العربية السعودية أحكاماً بالإعدام ضد أشخاص يعانون من إعاقات جسدية. إنّ منير الأدم، البالغ من العمر ثلاثة وعشرين عاماً، المكفوف جزئياً، والأصم جزئياً، قُبض عليه وحوكم، بسبب مشاركته في المظاهرات عام 2011. كانت محاكمة آدم مفعمة بانتهاكات الإجراءات القانونية، بحيث مُنع من الاتصال بمحامٍ، وتعرّض للتعذيب من قبل سلطات السجن للحصول على اعتراف. وقد أدى تعذيبه إلى ضرر شديد في سمعه، خاصةً بعد تركه من دون علاج لمدة أربعة أشهر ونصف قبل أن يتم نقله إلى المستشفى. بالإضافة إلى ذلك، حُرم من إجراء عملية جراحية أخرى لإصلاح سمعه، مما أدى إلى فقدان سمعه كليًا في إحدى الأذنين. لقد جذبت حالة آدم اهتمام لجنة الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة (CRPD). خلال الدورة العشرين، توصّلت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة إلى قرار في قضية آدم، معتبرة أنّ المملكة العربية السعودية لم تلتزم بموجب المعاهدات بموجب المواد التالية من الاتفاقية: 4، و13 (1) و15 و16 و25، داعية المملكة إلى تزويده بسبل الانتصاف الفعالة، بما في ذلك التحقيق في ادعاءاته بالتعذيب. ولكن على الرغم من هذا القرار، بقي آدم أصماً بشكل دائم في أذن واحدة وهو في انتظار تنفيذ حكمه.
يقول حسين عبد الله، المدير التنفيذي لمنظمة ADHRB: “إن الإساءة المستمرة والتمييز ضد الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة في البحرين والمملكة العربية السعودية لا يثير القلق فقط، بل يؤكّد فشلهما في الامتثال لإلتزامات كلتا المملكتين بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، ويعتبر قرار اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة بشأن قضية منير آدم خطوة مهمة في محاسبة المملكة العربية السعودية، ولكن على المملكة الآن أن تعمل بناءً على توصيات اللجنة. من الحالات البارزة مثل حالة الدكتور السنكيس وحالة آدم إلى الحالات الأقل شهرة مثل حالة مهدي قوييد، يجب على مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية وقف الإساءة المنهجية ضد الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة، ولا سيّما الحد من تعذيبهم واستهدافهم، ولا بدّ من استنكار المعاملة الحالية للأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة من قبل سلطات السجون في كلتا المملكتين، ويجب على كلتا المملكتين القيام بالإصلاح لتوفير الحماية الكاملة لجميع الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة ولتقديم العلاج الطبي لهم”.
في اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة، دعت منظمةADHRB الحكومتين البحرينية والسعودية إلى الإلتزام باتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة وإلى وضع حد للتمييز المؤسسي ولإساءة معاملة الأشخاص ذوي الإعاقات العقلية والجسدية. كما وحثّث المجتمع الدولي على الضغط على البحرين والمملكة العربية السعودية لاتخاذ تدابير ملموسة لتوفير الحماية ولتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة، بما في ذلك تزويدهم بحقوقهم في العلاج الطبي غير المقيّد في السجن، وإسقاط جميع التهم الموجّهة ضدهم والتحقيق في ادّعاءات تعذيبهم.