أصدر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب بياناً حول ممقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، متناولاً مسألة تورط ولي العهد السعودي. البيان الذي أشاد بالدور الحاسم الذي تلعبه مملكة البحرين في حماية مصالح الأمن القومي الأمريكي، تجاهل بشكل صارخ الدور المحتمل الذي لعبه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في القتل المتعمد لخاشقجي. إن منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ADHRB تدين بشكل لا لبس فيه مثل هذا الموقف الضعيف بشأن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان من البيت الأبيض والتجاهل الساحق لأي دلائل تدين محمد بن سلمان في الأمر.
اختفى خاشقجي، الكاتب الدائم في صحيفة بواشنطن بوست، في 2 أكتوبر 2018، حيث شوهد آخر مرة لدى دخوله القنصلية السعودية في اسطنبول، في تركيا. وفي الأيام التالية، ساد التحقيق في اختفائه عبر الأخبار الدولية إلى جانب تصاعد الأزمة الدبلوماسية. ونفت المملكة العربية السعودية أي علم بالاختفاء ، حتى أُعلن في النهاية أن خاشقجي قد قُتل لدى دخوله القنصلية. ومنذ الإعلان عن ذلك، أظهرت الأدلة على نحو متزايد أن ولي العهد كان من المحتمل أن يكون قد حصل على قدر من المعرفة بمقتل خاشقجي، بما في ذلك وجود أحد مساعديه في القنصلية قبل لحظات من وصول خاشقجي. كما أن تورط أحد مستشاري محمد بن سلمان، سعود القحطاني، وأخبار تقييم وكالة الاستخبارات المركزية من “نيويورك تايمز”، زاد من تعقيد الأمور. وبحسب ما ورد أثبت تقييم هيئة المخابرات الأمريكية أنه مدمر للأمير السعودي، مشيرًا إلى أن المسؤولين في الوكالة يحملون “ثقة عالية” في تورط محمد بن سلمان.
ومع ذلك، فإن رد الرئيس ترامب في بيانه لم يكن قريبًا من انتقاداته لمحمد بن سلمان كما كان ينبغي في تبرير الأدلة. وبدلاً من ذلك دافع الرئيس على عن السعودية من خلال التأكيد على مصالح أمريكا في المنطقة، بما في ذلك الإشارة إلى نسبة مبيعات الأسلحة غير الدقيقة التي تم تضخيمها. وبدلاً من مخاطبة تقييم وكالة المخابرات المركزية، صرح ترامب ببساطة أنه “يمكن أن يكون ولي العهد على دراية بهذا الحدث المأساوي – ربما كان قد فعله وربما لم يفعل ذلك!”، قائلاً: “قد لا نعرف أبدًا كل الحقائق”، ولفت الرئيس الانتباه إلى الأفراد الذين سبق أن أقرتهم الولايات المتحدة في القضية وأكدوا على أهمية الدفاع ضد إيران.
أعقب محاولات الرئيس ترامب لتحويل اللوم عن محمد بن سلمان تعبير عن امتنان الولايات المتحدة للمملكة العربية السعودية لخفض أسعار الغاز. مع استمرار الإدارة الأمريكية في إظهار دعمها للمملكة التي تنتهك حقوق الإنسان، أصبحت المخاوف أكبر موضع تساؤل حول انتهاكات المملكة العربية السعودية في المستقبل. المملكة بالفعل سيئة السمعة بسبب سجلها السيئ في انتهاكات حقوق الإنسان، التي تستهدف المنشقين والمدافعين عن حقوق الإنسان، حتى أنها تنفذ في كثير من الأحيان أحكام إعدام بحق النشطاء وأعضاء المجتمع الشيعي. كان خاشقجي نفسه من أبرز المنتقدين لمحمد بن سلمان. ومع رفض البيت الأبيض اتخاذ إجراءات قوية ضد ولي العهد والمملكة، سُمح للسعودية بمواصلة قمعها المعارضة دون أي مساءلة دولية، ومثل هذا الموقف الضعيف من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان لا يبرز سوى تطور الإفلات من العقاب في المملكة العربية السعودية.
وفي حين اتخاذ الإدارة الأمريكية موقفاً جديداً حول هذه القضية، فقد واجه الرئيس بعض ردود الفعل. ففي الداخل، تكللت جهود الحزبين الجمهوري والديمقراطي من لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بالولايات المتحدة الأمريكية في رسالة بعث بها إلى الرئيس مساء الثلاثاء للمطالبة بإجراء تحقيق في تورط ولي العهد. بالإضافة إلى ذلك، رداً على البيان الصادر عن البيت الأبيض، أصدر المسؤولون في تركيا تعليقات لاذعة مفادها أن الموقف كان “هزليًا”، متهمًا الرئيس بالبحث بشكل أعمى في الأزمة. حتى داخل عائلة آل سعود، فإنهم يتراجعون عن جعل مستقبل السعودية بيد محمد بن سلمان، ويذهبون إلى أبعد من ذلك وهو تسمية ولي آخر في الحكم للملك سلمان.
يقول حسين عبد الله، المدير التنفيذي لـ ADHRB: “مع هذا التصريح المشين، أظهر الرئيس ترامب أنه مستعد لتلقيه تأكيدات فارغة من منتهكي حقوق الإنسان على الرغم من المعلومات الهائلة التي تشير إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان” وتابع: “إن تجاهل البيت الأبيض للأدلة التي تدعمها هيئة استخباراته الخاصة يظهر جلياً تجاهل الولايات المتحدة بشكل صارخ حقوق الإنسان طالما أنها تستفيد من مبيعات الأسلحة. والأكثر فظاعة من ذلك، إضاءتها الضوء الأخضر لانتهاكات أكثر سوءاً موجهة نحو المعارضين، مما قد يشكل خطراً أكبر على حياتهم. لذا إننا نشجع الكونغرس الأمريكي وأعضاء المجتمع الدولي على اتخاذ موقف أكثر صلابة وجدّية بشأن المملكة العربية السعودية.