منذ شهر يونيو ولغاية شهر أغسطس، أرسلت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة (UN) خمس بلاغات مشتركة بشكل منفصل إلى المملكة العربية السعودية. كما أعربت عن قلقها إزاء عدد لا يحصى من انتهاكات حقوق الإنسان، منها استهداف المدافعات عن حقوق الإنسان والنساء، والأعمال الانتقامية، والنزاع في اليمن والإحتجاز التعسّفي وغيرها. إنّ سلسلة المدوّنات هذه تسلّط الضوء على هذه البلاغات المشتركة ولا سيّما على تقرير المملكة، إن وجد.
في 25 يونيو 2018، أرسلت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة إلى المملكة العربية السعودية بنداء عاجل (LA SAL 8/2018) فرق عاملة معنيّة بالاعتقال التعسّفي وبحالات الإختفاء القسري أو غير الطوعي، ومقرر خاص معني بتعزيز حرية الرأي والتعبير وبحماية هذا الحق، ومقرر خاص معني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، ومقرر خاص معني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، ومقرر خاص معني بالفقر المدقّع وحقوق الإنسان، وفريق عمل معني بمسألة التمييز ضد المرأة في القانون والممارسة.
تناول البلاغ مخاوف حول احتجاز المدافعين اليمنيين عن حقوق الإنسان، “راضية المتوكل” و”عبد الرشيد الفقيه” في اليمن من قبل قوات التحالف التي تقودها السعودية. إنّ “المتوكل” و”الفقيه” هما رئيسة ومدير “منظمة مواطنة لحقوق الإنسان“، التي تسعى لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن ولتقديم الدعم لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. حضرت “المتوكل” في مجلس الأمن للأمم المتحدة عام 2017 كأول يمنية تُقدم مؤتمر صحفي في مجلس الأمن. في حين أنّ “الفقيه”، المتمحور حوله نداء عاجل سابق خاص بالإجراءات (YEM 2/2016)، حضر في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في فبراير 2017. فيُعتقد أن مشاركتهما في آليات الأمم المتحدة هذه قد أدّت إلى الاحتجاز.
في 14 يونيو 2018 ، كان “الفقيه” في طريقه إلى المطار لتلقي الرعاية الطبية في الخارج عندما أوقفه أفراد في زي قوات الأمن المركزي، الذين يُعتقد أنّهم موالين للرئيس اليمني “هادي”. تم اعتقال “الفقيه” واستجوابه، بالإضافة إلى مصادرة جواز سفره، كما أبلغته السلطات أن سيتم نقله إلى مقر الأمن في “مأرب” بعد ساعتين من الاستجواب، ولن يكشف عن مكانه ولن يسمح له بالاتصال بأي شخص أثناء احتجازه، وأُفرج عنه في وقت لاحق من ذلك اليوم. ولكن بعد مرور أربعة أيام، في 18 يونيو 2018، احتُجز “الفقيه” و”المتوكل” في “مطار سيئون” على يد الشرطة العسكرية بأوامر من التحالف الذي تقوده السعودية.
كما صادر الضباط جوازات سفرهما واحتجزوهما في المطار دون اتصال خارجي. وبسبب احتجازهما، أفادت “الإجراءات الخاصة”، أنهما غابا عن رحلتهما ولم تتمكن “المتوكل” من المشاركة في حدث مع “مركز الحوار الإنساني في أوسلو”، والذي كانت ستسافر من أجل الشاركة فيه. وتم نقل الاثنين إلى مكان مجهول وأفرج عنهما في ذلك المساء، لكنهما تلقّيا تهديدات لاحقة في اليوم التالي لاعتقالهما من قبل التحالف الذي تقوده السعودية في الحرب على اليمن. وقد حمّل “الفقيه” والمتوكّل” هذا التحالف والحكومة اليمنية “المسؤولية الكاملة” عن الأعمال التي ارتكبت يحقّهم.
في ضوء ذلك، أعربت “إجراءات الأمم المتحدة الخاصة” عن قلقها من احتجاز “الفقيه” و”المتوكل” بمعزل عن العالم الخارجي بسبب عملهما كمدافعين عن حقوق الإنسان. كما أعربت الولايات المتحدة عن قلقها بشأن الحظر الواضح على السفر ضدهما بسبب تعاونهما مع هيئات الأمم المتحدة، فضلاً عن الحرمان من العلاج الطبي المناسب لـ”الفقيه”. كما طلبوا معلومات من المملكة العربية السعودية بشأن هذه الاعتقالات ودليل على أن “الفقيه” و”المتوكل” سيكون بإمكانهما مغادرة البلاد بأمان وممارسة حقهما في حرية التنقل، بالإضافة إلى الدعوة إلى اتخاذ تدابير لضمان عمل المدافعين عن حقوق الإنسان من دون الخوف من الانتقام. كما أشاروا أنّ مثل هذه المسألة العاجلة تتطلب اتخاذ إجراء فوري.
استجابت المملكة العربية السعودية في 28 يونيو 2018 للبلاغ، لكنها رفضت القضية. وبدلاً من ذلك، نقلت دول الخليج عدم اهتمامها بالاعتقالات المذكورة، وذكرت أنه ينبغي إرسال البلاغ إلى الحكومة اليمنية. إن افتقار المملكة للمساءلة عن أعمال أعضاء التحالف في اعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان يبرهن على عدم اهتمام المملكة العربية السعودية بحقوق الإنسان. لقد تدهورت الأوضاع في اليمن منذ خوض السعودية الحرب هناك، ضد المدنيين إلى مضايقة اليمنيين المدافعين عن حقوق الإنسان.