منذ شهر يونيو ولغاية شهرأغسطس 2018، أرسلت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة (UN) خمس بلاغات مشتركة بشكل منفصل إلى المملكة العربية السعودية، أعربت فيها عن قلقها إزاء عدد لا يحصى من انتهاكات حقوق الإنسان، منها استهداف المدافعات عن حقوق الإنسان، والأعمال الانتقامية، والنزاع في اليمن والإحتجاز التعسّفي وغيرها. إنّ سلسلة المدوّنات هذه تسلّط الضوء على هذه البلاغات المشتركة ولا سيّما على تقريرالسعودية، إن وجد.
في 14 يونيو 2018، أرسلت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة إلى المملكة العربية السعودية بنداء عاجل (UA SAU 7/2018) فرق عاملة معنيّة بالاعتقال التعسّفي وبحالات الإختفاء القسري أو غير الطوعي، ومقرر خاص معني بتعزيز حرية الرأي والتعبير وبحماية هذا الحق، ومقرر خاص معني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، ومقرر خاص معني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، ومقرر خاص معني بالفقر المدقّع وحقوق الإنسان، وفريق عمل معني بمسألة التمييز ضد المرأة في القانون والممارسة.
تضمّن البلاغ الصادر عن الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، على وجه التحديد، بواعث القلق المتعلقة بالاعتقال، والتهم وعمليات الانتقام، والاختفاء القسري للمدافعين عن حقوق المرأة وغيرهم من المدافعين عن حقوق الإنسان. بعض هؤلاء المدافعين هم: لجين الهذلول، الشخصية البارزة في حركة حقوق المرأة في المملكة العربية السعودية والمدافعة عن الحق في قيادة السيارة، ومحمد صالح البجادي، المؤسس المشارك للجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية (ACPRA) والمدافع عن حقوق الإنسان؛ وعائشة المانع، عميدة كلية المانع وناشطة أساسية لحقوق المرأة منذ التسعينيات، وإيمان النفجان، وهي مدوّنة ومؤيدة للحق في قيادة السيارة. إنّ “الهذلول” و”البجادي” هما مدافعتان عن حقوق الإنسان في المملكة، وهذه ليست المرة الأولى التي تجذب قضاياهما انتباه إجراءات الأمم المتحدة الخاصة. في عام 2014، كانت “الهذلول” نقطة محورية لنداء عاجل آخر من الإجراءات الخاصة، لا سيما لإلقاء القبض عليها بعد قيادة سيارتها في المملكة العربية السعودية قبل رفع الحظر عن قرار منع القيادة. وفي الوقت نفسه، كان “البجادي” محوراً في إجراءين مشتركين عاجلين سابقين وفي الرأي الذي أصدره الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في عام 2015، والذي نصّ رسميًا على استمرار احتجازه تعسفياً.
لقد كانت كل من “الهذلول” و”المانع” و”النفجان” من الداعمات المجاهرات بحقوق المرأة ومؤيدات لرفع الحظر عن قيادة السيارة. ومع ذلك، احتجزتهن السلطات قبل أسابيع فقط من إصدار قرار رفع الحظرعن قيادة السيارة، إلى جانب 10 ناشطات آخريات دافعن عن حق المرأة في القيادة. أكثر المسائل التي تمحورت حولها الإجراءات الخاصة هما بقاء “الهذلول” بمعزل عن العالم الخارجي منذ اعتقالها والإتهامات التي صدرت بحقها وبحق “النفجان”. ومن هذه الإتهامات: اتهامات بـ “بلاغ مشبوه مع كيانات أجنبية تجند أشخاصاً يعملون في مناصب حكومية وتموّلهم”. وبعد مرور أسبوع، اعتقل “البجادي” في منزله على يد ضباط من جهاز أمن الدولة من دون أن يظهروا ورقة أمر باعتقالها. وجاء اعتقاله في نفس الوقت الذي استهدفت فيه الحكومة أكثر من 10 مدافعين آخرين عن حقوق الإنسان.
وأعربت مكاتب الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة عن قلقها الشديد إزاء الحملة على المدافعات عن حقوق المرأة والمدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان، مكررة النتائج التي توصلت إليها لجنة تقرير المخصص للمملكة العربية السعودية للقضاء على التمييز ضد المرأة في مارس 2018، بحيث أوصت المملكة العربية السعودية بالامتناع عن الانتقام وتجريم حرية التعبير.
ومع ذلك، لم تنفّذ المملكة العربية السعودية أي من هذه التوصيات، لا بل قامت بمحاولة واضحة ومحددة لإسكات المعارضين والناشطات، مما تسبب في ازدياد مخاوف الولايات من وضع حرية التعبير ومكان المعتقلين.
ولمعالجة تلك المخاوف، طلبت الإجراءات الخاصة من الحكومة السعودية نقاط توضيح حول هذه الحالات، بما في ذلك معلومات حول الوصول إلى المستشار القانوني للمتهم أو الاتصال بعائلاتهم، والتهم المحددة لكل فرد وكيفية التزامه بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وإجراءات اعتقال الناشطين خلال الفترة الممتدة من شهر مايو إلى يونيو. بالإضافة إلى ذلك، طالبت الولايات المتحدة المملكة بتقديم معلومات عن التدابير الحالية المتخذة لضمان سلامة المدافعين عن حقوق الإنسان.
وعلى الرغم من كل تلك المطالب، بما في ذلك البيان العام الذي يدين اعتقال الدافعات عن حقوق الإنسان، فشلت الحكومة السعودية في تنفيذهم، بحيث أوضحت أنّ قضية النساء الناشطات والمدافعات عن حقوق المرأة هو أمر سعودي. وأكثر من ذلك، بقيت “الهذلول” رهن الاعتقال إلى جانب “إيمان النفجان” و”البجادي”، فيما أُطلق سراح “المانع”. ولجعل الأمور أكثر سوءاً، تواجه “إسراء الغمغام”، المدافعة عن حقوق الإنسان، عقوبة حكم الإعدام. وفي حالة نُفّذ الحكم، ستكون أول امرأة تُعدم في المملكة العربية السعودية بتهمة تتعلق بنشاط سلمي. وبما أنّ المملكة تجاهلت هذا النداء الخاص بالإجراءات، رافضةً التفاعل البنّاء مع آليات الأمم المتحدة، اشتدت أوضاع المدافعين عن حقوق المرأة، بحيث يبقى مصيرهم على المحك.