هناك رجال دين ما زالوا معتقلين منذ شهرسبتمبر. ففي 19 سبتمبر، استدعي عبد المجيد عبد الله محسن، وهو ناشط بارز مؤيّد للديمقراطية في البحرين أطلق عليه اسم “حجي صمود”، إلى مركز شرطة المنامة ولكنه حضر الصلاة ومجلس العزاء أوّلاً كجزء من مراسم عاشوراء، وعند وصوله إلى مركز الشرطة، اعتُقل بتهمة المشاركة في مجلس عزاء غير مصرح به وسيُحتجز لمدة 15 يوماً قيد التحقيقات. لقد حُكم عليه بتهم “التجمهر” وهو محتجز بتهم إضافية أخرى. كما اعتقلَ ستة آخرون ممّن حضر مجلس العزاء، وبذلك استمرّت اضطرابات إحياء مراسم عاشوراء.
في 12 سبتمبر، نُقل أحمد عبد الله العجيمي إلى الحبس الإنفرادي بدون سبب، وتعرض للضرب من قبل سلطات السجن بعد خمسة أيام. وأثناء الافراج عنه من الحبس الانفرادي في 19 سبتمبر، نشأت العقوبة من تهمة حيازة وعرض للمواد والنقوش في ذكرى عاشوراء. في 3 أكتوبر، احتُجز مجدداً 14 شيعياً بلا سبب، واعتُقل خمسة أشخاص شيعة كانوا قد شاركوا في إحياء ذكرى عاشوراء بسبب أنشطتهم الدينية. بالإضافة إلى ذلك، أفادت السلطات في سجن النساء في مدينة عيسى بأنها احتجزت مواد دينية لممارسة الطقوس العاشورائية على الرغم من طلب السجناء بالحصول على كتب.
في الفترة التي سبقت يوم عاشوراء هذا العام – وهو يوم مقدس بارز للمسلمين وخاصة المجتمع الإسلامي الشيعي – واصلت السلطات البحرينية التدخل في الإحياءات السلمية، رغم أن أغلبية سكان البحرين هم من المواطنين الشيعة ، وكذلك يواجه المجتمع تمييزًا مؤسسيًا ، وتقوم العائلة الحاكمة السنية بشكل روتيني بقمع حقهم في الحرية الدينية. إن يوم عاشوراء مستهدف سنويا من قبل قوات الأمن البحرينية – التي تمنع الشيعة فعلياً من التجنيد – وفي هذا الشهر فقط، شنت السلطات حملة جديدة من المضايقات ضد رجال الدين الشيعة والزعماء الدينيين قبل الإحياء. فيما احتجزت السلطات أكثر من 22 شخصية دينية شيعية ، مما يقيد بشكل أكبر مجال المجتمع المدني والحق في الحرية الدينية.
وقد تلقت منظمة “أميركيون من أجل الديمقراطية و حقوق الانسان في البحرين” تقارير تفيد بأن ما لا يقل عن 15 رجل دين وخطيب قد تعرضوا للمضايقات من قبل السلطات اعتبارًا من 14 سبتمبر 2018. في 16 سبتمبر 2018 ، على سبيل المثال ، اعتُقل الشيخ هاني البنا والشيخ ياسين الجمري، وهما رجلا دين شيعيّين، وتم احتجازهما لساعات من الاستجواب. منذ ذلك الحين أشارت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن في 18 سبتمبر تم احضار رجلي الدين أمام النيابة العامة وأُعيد حبسهما لمدة 15 يومًا دون أي تهم أو تفسير. ويعتقد أن رجلا دين آخرين على الأقل ما زالوا معتقلين مع الشيخ البنا و الشيخ الجمري. في الوقت ذاته ، يُقال أن قوات الأمن تقوم بإزالة العارضات المرتبطة بعاشوراء تعسفياً، وذلك في نمط وثقته منظمة ADHRB في السنوات الماضية.
إن الحملة التي شُنّت قبيل عاشوراء هذا العام ليست سوى أحدث حلقة في مسلسل طويل من المضايقات القضائية التي تستهدف القادة الدينيين الشيعة. على مدار عدة أشهر فقط في عام 2017، قامت السلطات البحرينية باستجواب، واعتقال، ومحاكمة أكثر من 70 من رجال الدين الشيعة، أحدهم الشيخ عيسى قاسم – أبرز زعماء الشيعة في المملكة، عن عمر يناهز السبعين عاماً. واجه الشيخ قاسم الاستهداف المتكرر من قبل الحكومة، حيث قامت السلطات بحرمانه من جنسيته تعسفياً في عام 2016 كما وضعته تحت الإقامة الجبرية بعد إدانته بتهم تتعلق بممارسات دينية. وعندما أطلق مئات من داعميه اعتصاماً سلمياً خارج منزله في الدراز، هاجمتهم قوات الأمن بعنف، مما أسفر عن مقتل ستة متظاهرين في هجمتين رئيسيّتين.
لقد واجهت شخصيات سياسية ودينية بارزة أخرى، بما في ذلك زعماء المعارضة الشيخ علي سلمان وحسن مشيمع، انتهاكات مستمرة من قبل الحكومة. اعتُقل الشيخ سلمان، الأمين العام لـ “الوفاق” تعسفياً في عام 2014 وتم سجنه في نهاية الأمر بسبب إلقائه خطابات سياسية. في العام الماضي، وجهت السلطات اتهامات جديدة في التجسّس وهي تتعلق بأزمة قطر المستمرة، – بينما تمت تبرئته – استأنفت النيابة العامة الحكم واستمرت في طلب الحكم بالإعدام. في هذه الأثناء، كانت السلطات تستمر في إخضاع مشيمع، زعيم حركة “حق” المعارضة، لمعاملة غير إنسانية في السجن وتحرمه من الحصول على علاج طبي حاسم، وتصادر منه نصوصه الشخصية والدينية.
إلى ذلك، واجه الشيخ عبد الجليل المقداد، الشيخ محمد المقداد، الشيخ سعيد النوري، والشيخ حسين نجاتي وعدد لا يحصى من رجال الدين معاملة مماثلة. كان الشيخ حسين نجاتي قد تعرض لنزع الملكيّات تعسفياً، والترحيل القسري من قبل الحكومة في عام 2014، في حين أشار الشيخ محمد المقداد مباشرة إلى ابن الملك حمد، الشيخ ناصر، في ادعاءات التعذيب. على الرغم من التمييز الواضح والمضايقات ضد سكان البحرين الشيعة، تواصل الحكومة دفع صورة التسامح في المنتديات الدولية. في يوليو 2018، كانت وزارة الدولة للنهوض بالحرية الدينية التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية التابعة قد أعلنت عن تعيين سفير جديد لـ “التعايش السلمي والحرية الدينية”. فيما أكد إعلان البحرين على رواية كاذبة تم إطلاقها في عام 2017 مع إعلان الملك حمد البحريني بشأن التسامح الديني وإنشاء مركز الملك حمد للتعايش السلمي. في هذه الأثناء، كانت الحكومة تستهدف إحياء ذكرى عاشوراء منذ عام 2011، مما يحد من الوصول إلى المواكب واستجواب رجال الدين في مواعظهم وسط تاريخ طويل من التمييز الطائفي.
إن استمرار انتهاكات الحكومة للحقوق الدينية يثبت أن الترويج الدولي للتسامح أمر مخادع. في حين أطلق سراح بعض رجال الدين المعتقلين قبل احتفال عاشوراء هذا العام، ولا يزال آخرون رهن الاعتقال إلى جانب آلاف السجناء السياسيين في البحرين. مع استمرار الحكومة في استهداف أنشطة عاشوراء والشخصيات الدينية في المجتمع الشيعي، من الواضح أن التمييز الديني ما زال راسخًا في مؤسسات البحرين. وإلى أن يتم إطلاق سراح جميع رجال الدين المعتقلين تعسفياً، حماية أنشطة عاشوراء للمجتمع الشيعي، القضاء على التمييز الهيكلي، يجب أن تركز البحرين على مكافحة التعّصب وتعزيز التسامح في الداخل.