استضافت البحرين في نهاية الأسبوع الماضي بالتعاون مع المعهد الدولي الرابع عشر للدراسات الاستراتيجية(IISS) في المنامة – قمة إقليمية لمناقشة مقاربات السياسة العامة لقضايا الأمن والدفاع. وحضر هذا الحدث مسؤولون عالميون بمن فيهم وزير الدفاع الأميريكي جيمس ماتيس، الذي ألقى كلمة في الجلسة العامة والتقى بوزير الدفاع البحريني يوسف بن أحمد الجلاهمة وولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، والملك حمد بن عيسى آل خليفة. ولسوء الحظ، فإن ما كان مفقوداً على نحو فاضح في كلمة ماتيس أهمية وضع حقوق الإنسان في البحرين فيما يخص ضمان الاستقرار في المنطقة، وبالتالي تعزيز الأمن.
يبقى الخليج العربي والبحرين مركزين محوريين في الأمن القومي الأمريكي، خاصة مع احتواء البحرين على الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية. لكن التكتيكات القمعية للحكومة البحرينية، بما في ذلك القيود الصارمة المفروضة على الحريات السياسية والاجتماعية قبل الانتخابات في نوفمبر، يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات شديدة في المملكة – مما يعرّض استقرارها الوطني للخطر ويهدد المصالح الأمنية الأمريكية في المنطقة. لم يتم إثارة أي من هذه المخاوف علنًا من قبل المسؤولين الأمريكيين، بمن فيهم الوزير ماتيس، خلال رحلتهم إلى البحرين لقمة حوار المنامة عام 2018.
خلال الكلمة التي ألقاها الوزير ماتيس، أشار إلى الانتخابات التي أجرتها العراق وأفغانستان في وقت سابق من هذا العام قائلاً: “عندما يمكن سماع الأصوات المعارضة في عملية سياسية تتكيف مع ثقافة كل دولة، تسمح بمعارضة سلمية وتمنح حقوق الإنسان للجميع، أمة تصبح أكثر أمنا. عندما يستطيع الناس أن يتحدثوا وتُسمَع مناداتهم بالسلام واحترام الجميع، لا يتم تبني الرسالة الإرهابية للكراهية والعنف. وبناءً على هذا الشعور، يجب أن يكون ماتيس قلقاً من الوضع الحالي في البحرين، ويجب أن يستغلّ موقعه لرفع هذه المخاوف إلى الحكومة البحرينية.
لقد أسكتت البحرين جميع الأصوات المعارضة والمعارضة السلمية – إذ عملت على حلّ جميع الجمعيات السياسية المعارضة واستخدام قوانين واسعة لمكافحة الإرهاب وتجريم حرية التعبير. من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان، نبيل رجب، وهو يقضي حالياً ما مجموعه سبع سنوات في السجن بسبب تعليقاته التي تعتبر انتقادية للحكومة. بالإضافة إلى ذلك، يقترب زعيم المعارضة الشيخ علي سلمان من موعد انتهاء محكوميته بالسجن لمدة أربع سنوات بسبب خطابات ألقاها كأمين عام لجمعية الوفاق المعارضة المنحلّة الآن، وعلى الرغم من أن المحاكم رفضت في البداية اتهامات جديدة ذات دوافع سياسية تم إحضارها عام 2017، فإنّ النيابة العامة حاليا تستأنف تبرئته وتسعى إلى عقوبة الإعدام.
كما امتدح ماتيس بدون مبرر “للتسامح الديني” في البحرين. بينما كان يجيب على الأسئلة عقب خطابه الكامل خلال الجلسة، ذهب إلى القول “كانت البحرين دائمًا تتمتع بهذا المستوى من التسامح تجاه الناس”، في وقت كانت البحرين تستهدف دائماً الأغلبية الدينية الشيعية، وتحديدًا خلال إحياء ذكرى عاشوراء إذ اعتقلت الحكومة رجال الدين، وعطلت المناسبات الدينية، ودمّرت اللافتات والرموز.
شكّلت رحلة ماتيس إلى البحرين فرصة ضائعة للضغط على المملكة لتحسين وضعها في مجال حقوق الإنسان قبل الانتخابات. ترتبط حقوق الإنسان والاستقرار والدفاع ببعضها ارتباطًا جوهريًا ويجب النظر إليها على نفس القدر من الأهمية في أساليب تعزيز الأمن.