سجل السعودية السيئ في مجال حقوق الإنسان هو سر مكشوف في المجتمع الدولي. فهي تُعتبر موطناً لواحدة من أكثر الحكومات قمعية في العالم، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة وحرية التعبير، التجمع، وتكوين الجمعيات. تتبع المملكة نظام ولاية ذكوري، مما يجعل النساء قاصرات قانونياً. بالإضافة إلى ذلك، فإن سلسلة من قوانين مكافحة الإرهاب تجعل من انتقاد الحكومة جريمة يمكن أن تكون عقوبتها الإعدام. على الرغم من ذلك، فقد تجاهل المجتمع الدولي كالعادة جرائم المملكة العربية السعودية. بالنسبة للعديد من الدول، تعتبر المملكة العربية السعودية حليفاً استراتيجياً، مما جعل المجتمع الدولي يتردد في محاسبة المملكة على انتهاكاتها لحقوق الإنسان. مع ذلك، فإنه في الأشهر الأخيرة التي سبقت الاستعراض الدوري الشامل الخاص بالسعودية في نوفمبر 2018، أظهرت الأمم المتحدة مستوى أعلى من الاهتمام والنقد فيما يتعلق بالسعودية.
منذ 15 مايو 2018، قامت المملكة العربية السعودية باعتقال وإقصاء العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء تعسفياً، وتلك الاعتقالات تسببت بانتقادات من المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين نظراً لكون غالبية المعتقلين هم من المدافعات عن حقوق الإنسان. كما دعا المفوض السامي المملكة إلى ضمان حصول النشطاء على جميع حقوق الإجراءات اللازمة، بما في ذلك حق التمثيل القانوني وأدان افتقار النظام في المملكة إلى الشفافية والإجراءات القانونية الواجبة المتعلقة بالقضايا، مطالباً بالإفراج الفوري وغير المشروط عن المدافعين عن حقوق الإنسان. بعد هذا البيان الاستثنائي الذي يدين المملكة العربية السعودية في معاملتها تجاه المدافعين عن حقوق الإنسان، واصلت الأمم المتحدة توجيه الانتباه إلى انتهاكات حقوق الإنسان. فبعد مرور شهر تقريباً، أصدر تسعة مقررين خاصين من الأمم المتحدة بياناً يحث السلطات السعودية على إطلاق سراح النشطاء في مجال حقوق المرأة الذين اعتقلوا تعسفاً. وشدد المقررون على التناقض بين سياسات التقدُّم العلنيّة للمملكة، مثل رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارة، والاعتقالات التعسفية واحتجاز الناشطات. بعد بضعة أيام، عندما اتضح أن المملكة العربية السعودية لا تلتزم بالتوصيات السابقة التي قدّمت من قبل مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان، والمقررين، أصدر المفوض السامي زيد بيانا آخر يكرر فيه النقاط الأولية وملاحظات المقررين.
في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2018 ، أصدر مقرّرو الأمم المتحدة بيانا آخر يتعلق بتوقيت ابراز السعودية لقضية إسراء الغمغام، وهي امرأة مدافعة عن حقوق الإنسان اعتُقلت عام 2015 لمشاركتها في المظاهرات السلمية المطالبة بالديمقراطية عام 2011 واحتجزت تعسفياً بموجب قوانين مكافحة الإرهاب، والتي تُجرّم حرية التعبير وتكوين الجمعيات. كما أعرب المقررون عن مخاوفهم من أن الغمغام قد تكون مستهدفة بشكل غير عادل كونها مسلمة شيعية. تظل قضية الغمغام مستمرة، ومن المقرر عقد جلسة الاستماع التالية في 28 أكتوبر، لكن المقررين أدانوا احتجازها ودعوا إلى إطلاق سراحها دون قيد أو شرط، فضلاً عن إطلاق سراح المدافعين عن حقوق الإنسان الآخرين.في الأسابيع الأخيرة، خضعت المملكة العربية السعودية أيضاً وما زالت لمساءلة دولية قاسية منذ اختفاء جمال خاشقجي وقبل إعلان السعودية عن قتله في القنصليتها في إسطنبول. وخاشقجي صحافي سعودي بارز؛ كان يحمل الجنسية السعودية، وعمل كرئيس تحرير لصحيفة الوطن وكاتب في صحيفة “واشنطن بوست”، وتميز بنقده الفذ للحكومة السعودية. في 16 أكتوبر، حثت المفوّضة السامية الجديدة لحقوق الإنسان، ميشيل باتشيليت، حكومتَي السعودية وتركيا على كشف الحقائق بشأن قضية خاشقجي. وأشارت المفوضة السامية باشيليت إلى أن كل من السعودية وتركيا هي دولة عضو في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة نتيجة لذلك، وألزمت الدولتين باتخاذ جميع التدابير لمنع التعذيب والاختفاء القسري، والمباشرة بالتحقيق في إدعائات الأعمال التي تصب ضمن هذه الجرائم، وأيضا محاسبة مرتكبيها. على مدى الأشهر الخمسة الماضية، أظهرت الأمم المتحدة مخاوفاً أكبر بشأن قضايا حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. قد تستمر هذه المتابعة المشددة خلال شهر نوفمبر، عندما تخضع المملكة العربية السعودية لدورتها الثالثة في الاستعراض الدوري الشامل. إن الدعم المستمر الذي قدمته الأمم المتحدة للمدافعين عن حقوق الإنسان الذين يتعرضون لمختلف انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة خلال الأشهر الخمسة الماضية يُعتبر علامة إيجابية على أن الأمم المتحدة تُدرك وتُراقب الوضع في المملكة العربية السعودية، وينبغي ألا ينخفض مستوى المتابعة مع حلول الاستعراض الدوري الشامل، بل يجب أن يستمر ليُبيّن للمملكة أن المجتمع الدولي مهتم ومتخوّف.