شهد وزير خارجية الولايات المتحدة، مايك بومبيو، في 12 سبتمبر 2018، أمام الكونغرس على أنّ التحالف السعودي الإماراتي في اليمن يتّخذ “إجراءات مثبتة بالدلائل للحد من خطر إلحاق الأذى بالمدنيين والبنية التحتية المدنيّة” النّاجم عن أعمال التّحالف العسكريّة. هذه الشهادة، مطلوبة بموجب المادة 1290 من قانون جون ماكاين لإقرار الدّفاع الوطني للسنة المالية 2019 (NDAA)، وهي تمهد الطريق أمام الولايات المتحدة لمواصلة تقديم المساعدات العسكرية إلى التحالف، وتلح على أحد مساعدي الوزير بومبيو الذي ينتمي إلى جماعة ضغط سابقة تابعة لشركة رايثيون المصنعة للأسلحة. تدين منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) بشدة هذه الشهادة، ونحن قلقين للغاية لأنها جاءت بناء على طلب من جماعة ضغط سابقة من رايثيون.
انطلاقاً من القلق البالغ إزاء تواطؤ الولايات المتحدة في زهق أرواح المدنيين في اليمن بسبب استمرار مبيعات الأسلحة والدعم اللوجستي القوي للتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات العربية المتحدة، أدخل الكونجرس بنداً في قانون – NDAAمشروع قانون الدفاع الشامل – يفرض شروطاً على المساعدات الأمريكية ومعداتها المقدمة إلى التحالف. بموجب البند رقم 1290: إن لم يستطع وزير الخارجية أن يؤكد على أنّ التحالف كان يبذل جهودًا لوقف قتل المدنيين، فإن الولايات المتحدة لن تكون قادرة، بموجب القانون، على المساهمة في تقديم الأسلحة ودعم التحالف.
منذ ذلك الحين، عزز فريق الخبراء البارزين المعينين من قبل الأمم المتحدة هذه المخاوف من جانب المشرعين الأمريكيين الذين حدد تقريرهم العديد من أعمال التحالف والغارات الجوية التي قد ترتفع إلى مستوى جرائم الحرب بسبب موت المدنيين. كما تأتي الأحداث الأخيرة لتزيد هذا القلق، إذ تم، في 9 أغسطس، بيع قنبلة من طراز MK-82 Paveway موجهة بالليزر بكلفة 500 باوند كجزء من صفقة أسلحة أمريكية إلى المملكة العربية السعودية. أودت هذه القنبلة المصنعة من قبل شركة لوكهيد مارتن بحياة 40 طفلاً يستقل حافلة مدرسية للذهاب في رحلة.
بينما أثار تفجير الحافلة المدرسية غضب معين، ظهرت أدلة تسند قنابل أمريكية الصنع إلى سلسلة من مشاهد الغارات الجوية الأخرى، من بينها غاراتان جويتان ضربتا مدرسة في حدثين منفصلين، وذلك في 26 مايو و 9 أكتوبر من عام 2015. إذ أسقط التّحالف قنبلة MK-83 معدلة من صنع رايثيون، غارة جوية على مركبة آليّة أسفرت عن مقتل 15 فردًا من عائلة واحدة، وعندما استخدم قنبلة موجهة بالليزر GBU-12 من صنع رايثيون. كما أسقط التّحالف في 22 أبريل 2018 غارة جوية على حفل زفاف، راح ضحيتها 21 شخصاً بعد ضرب قنبلة من طراز GBU – 12 Paveway II المصنعة من قبل رايثيون في حفل الزفاف.
رغم هذه الاعتداءات المتكررة، ومخاوف الأمم المتحدة بشأن جرائم الحرب المحتملة، وزيادة التدقيق في الكونغرس على دعم الولايات المتحدة لجهود التحالف للتسبب بالحرب، شهد وزير الخارجية الأمريكية بومبيو، أن التحالف بصدد اتخاذ “إجراءات مثبتة بالدلائل للحد من خطر إلحاق الضرر بالمدنيين والبنية التحتية المدنية”. وقد اتخذ هذا القرار رغم نصيحة خبراء في السياسة في أربع مكاتب مختلفة تابعة لوزارة الخارجية.
من المهم ذكر أنّه ثمة داعم لهذه الشهادة وهو مساعد وزير الخارجية في الولايات، تشارلز فولكنر، الذي يتولى قيادة موظفي الشؤون التشريعية للأمين العام بومبيو والذي قال، وفقاً لموقع انترسبت، إن “تقييد الدعم الأمريكي سيعرض مليارات الدولارات في مبيعات الأسلحة المستقبلية للخطر، بما فيها المبيعات الضخمة للذخائر دقيقة التوجيه بين شركة رايثيون (شركة تصنيع أسلحة أمريكية)، والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة “. كما أفاد موقع ذا انترسبت إنّ فولكنر هو أحد الضاغطين السابقين في رايثيون.” دفعت له رايثيون بسخاء قبل توليه الرئاسة في يونيو الماضي […] من أجل الضغط على المشرعين بشأن القضايا المتعلقة بالاحتياجات الدفاعية. يكمن التحدي في صفقة بقيمة 2 مليار دولار بين رايثيون والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة فيما يتعلق بالذخائر جو-أرض وربما عشرات الآلاف من الذخائر دقيقة التوجيه.
وقال حسين عبد الله ، المدير التنفيذي لِ ADHRB: إنّ قرار الشهادة الذي أصدره الوزير بومبيو مثير للقلق للغاية نظراً إلى تضاؤل الإجراءات المتخذة من قبل التحالف للتحقيق في الضحايا المدنيين بسبب الغارات الجوية. هذا القرار وحده بعدم التحقيق في المخالفات، يظهر أن التحالف لا يتخذ أي إجراء للحد من قتل المدنيين. لكن ما تم كشفه مؤخرا هو أكثر إثارة للقلق، إذ يظهر أن الإدارة الحالية أكثر تأثراً بمطالب تجار الأسلحة من صرخات اليمنيين. في الواقع، تبيح إدارة ترامب ذبح المدنيين لمصلحة ربح شركة أمريكية. من هنا، يجب على الكونغرس الاستمرار في الضغط على الإدارة لاتخاذ إجراءات جادة تنهي التواطؤ الأمريكي مع الموت والمعاناة في حرب اليمن “.
تدين منظمة ADHRB بشدة قرار شهادة الوزير بومبيو، وندعو الكونغرس إلى مواصلة إظهار القيادة في هذه القضية. كما نرحب بالجهود التي يبذلها أعضاء مجلس الشيوخ: ميرفي وساندرز ومينديز ، الذي يحظر حالياً بيع الأسلحة للسعودية والإمارات العربية المتحدة. كما نرحب بجهود الممثلين من ليو وبوكان وخانا وسميث الذين قدموا قرارات بموجب قانون صلاحيات الحرب لإنهاء دعم الولايات المتحدة للحرب. لكننا نشعر بخيبة أمل كبيرة لأن الولايات المتحدة ستواصل دعم الحرب في اليمن، ونحث الوزير بومبيو على سحب شهادته والعمل على إنهاء التواطؤ الأمريكي في الصراع.