27يوليو 2018 – أعلنت البحرين يوم الخميس في 26 يوليو عن تعيين السفير المتجول من أجل التعايش السلمي والحرية الدينية. وقد أثنى العديد من المسؤولين في الولايات المتحدة على هذا الإعلان، بما فيهم الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نوايرت التي أشادت أيضًا “بالبيئة الترحيبية في البحرين للأقليات الدينية وحقهم في العبادة”. وتشعر أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) بالقلق إزاء تقبل الولايات المتحدة الجهود التي تبذلها البحرين لتبرئة نفسها من القمع المنظم والمضايقة للأغلبية الدينية الشيعية في جميع قطاعات الحياة. يعتبرهذا الثناء مثير للقلق بشكل خاص، حيث خفضت اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية البحرين إلى مستوى 2 في تقرير الحرية الدينية السنوي لهذا العام بسبب “تدهور أوضاع الحرية الدينية” في المملكة.
في منتصف يوليو 2016، قامت الحكومة البحرينية بحل أكبر جمعية معارضة سياسية في البلاد بشكل تعسفي، وهي جمعية الوفاق. على الرغم من أنها استأنفت القرار، في وقت سابق من هذا العام استنفدت الوفاق استئنافها النهائي وأكدت الحكومة حل الجمعية. بصفتها جمعية سياسية شيعية معتدلة، كانت “الوفاق” تمثل غالبية سكان البحرين المنتمين الى المذهب الشيعي. وبالتالي ، فإن إغلاق “الوفاق” يزيد من تهميش السكان الشيعة، وهو وضع يزداد سوءًا منذ أن عدلت الحكومة المادة 5 من قانون المجتمع السياسي البحريني في مايو 2016. وتضع المادة 5 حظراً صارماً على المشاركة السياسية من قبل شخصيات دينية مثل رجال الدين والأئمة، وتمنعهم عن مناقشة السياسة خلال الخطب والجمعيات وغيرها ضمن قيود أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، تواصل الحكومة البحرينية مضايقة الشيخ علي سلمان، الأمين العام للوفاق وهو رجل دين شيعي المذهب. في 27 يونيو 2018، تمت تبرئة الشيخ علي سلمان من تهم التجسس الموجهة ضده من قبل الحكومة البحرينية لإجراء محادثات مع قطر حول محاولات وساطة في عام 2011 – وهي مناقشة شجعت عليها الحكومة الأمريكية. على الرغم من تبرئته، ان محاكمته لا تزال تشكل مصدر قلق بالغ. فليس كافيا ان المدعي العام يستأنف الحكم – لقد تمت جدولة المحاكمة في 5 سبتمبر 2018 – ولكن من المحتمل أن الحكومة ستطبق عقوبة الإعدام ضد الشيخ سلمان. تُظهر هذه الإجراءات هدف الحكومة البحرينية المتمثل في استهداف وتقليص نفوذ الوفاق، بالإضافة إلى جهودها لمضاعة تهميش السكان الشيعة في البحرين من ناحية التمثيل السياسي.
يشكل استهداف الشيخ علي سلمان والوفاق جانبًا واحدًا فقط من محاولات الحكومة البحرينية المستمرة لإسكات الأغلبية الدينية في البلاد. وتستهدف الحكومة بشكل منهجي رجال الدين الشيعة، فتعرّض أكثر من 70 رجل دين الى المضايقة أو الاستجواب أو اعتقال أو المحاكمة في العام الماضي وحده، بما في ذلك الشيخ الشيعي البارز الشيخ عيسى قاسم. وقد تم استهداف الشيخ قاسم باستمرار من قبل السلطات فقامت الحكومة باسقاط جنسيته بشكل تعسفي وسجنه تحت الإقامة الجبرية في منزله منذ عام 2016، على الرغم من أنه كان بحاجة إلى رعاية طبية للعديد من المضاعفات الصحية. علاوة على ذلك، هاجمت قوات الأمن مرارًا الاعتصامات السلمية حول منزله في الدراز، مما أسفر عن مقتل ستة متظاهرين في غارتين عنيفتين في أوائل عام 2017. في الشهر الماضي، رضخ المسؤولون البحرينيون سامحين للشيخ قاسم بالسفر إلى لندن للحصول على الرعاية الطبية العاجلة في ضوء آخر تدهور صحي تعرض له.
ان تصرفات المسؤولين في الحكومة البحرينية من تمييز واضطهاد لا تقتصرعلى القادة السياسيين والدينيين فحسب بل تستهدف الطائفة الشيعية أيضا فيظهر أن السكان الشيعة يواجهون التهميش في القطاعات الاقتصادية والعمالية. فقوات الأمن البحرينية بشكل خاص تمارس الطائفية في شؤون التوظيف، مما يلزم الشيعة البحرينيين بالاحتفاظ بمناصب تنفيذية فقط أو مناصب اخرى منخفضة المستوى. فبينما يمثل المجتمع الشيعي حوالي 70٪ من سكان البحرين الأصليين، فهو يشكل أقل من خمسة بالمائة من قطاع الأمن، مما يشير إلى ممارسات طائفية وتمييزية واسعة. وفي الوقت نفسه، تقوم الحكومة البحرينية بتجنيد وتجنيس أعداد كبيرة من الأجانب السنة عبر مختلف الأجهزة الأمنية في المملكة، مما يؤدي إلى تعميق الخلل الطائفي. وعلاوة على ذلك، قام ADHRB بتحديد وتحليل مواد شديدة الطائفية نشرتها قوة دفاع البحرين نفسها والتي تتضمن تبريرا دينيا للعنف وحتى لقتل الشيعة على أنهم غير مؤمنين. دفع هذا التمييز المؤسساتي والطائفية المدعومة من قبل الدولة أحد المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان، نبيل رجب، الى توجيه انتقاد للأجهزة الأمنية واصفًا اياها ب “حاضن إيديولوجي” للتطرف بعد أن شاع أن أعضاء من قوات الأمن البحرينية قد انشقوا للالتحاق بالدولة الإسلامية في العراق وسوريا. وقد يواجه رجب جراء تعليقاته اتهامات يمكن أن تمدد فترة سجنه لمدة سبع سنوات أو اكثر.
وإلى جانب التمييز الوظيفي المنهجي، واجهت الطائفة الشيعية في البحرين تأثيرات اقتصادية سلبية أخرى جراء عدم استطاعة الآلاف من السجناء السياسيين الشيعة وسجناء الرأي على إعالة أسرهم أثناء وجودهم في الحجز. ولأن الوصول إلى خدمات الدولة لا يزال غير متساوٍ، لا سيما للفئات الشيعية، فقد حاولت العديد من الجمعيات الخيرية الشيعية المحلية أن تعمل بمثابة حبل نجاة لدعم الأسر المتضررة. ومع ذلك، استهدف المسؤولون المؤسسات الخيرية الشيعية وقاموا بإغلاقها، مما خلق مزيدًا من الضغوطات على العائلات التي تعتمد عليها وعلى الطائفة الشيعية ككل.
.التمييز في الأرض هو أيضًا ممارسة شائعة ضد الطائفة الشيعية في البحرين. بعد عام 2011 ، قامت الحكومة بجرف 38 مسجدًا شيعيًا، حيث وعدت فيما بعد بإعادة بنائهم، لكنها أهملت المتابعة الكاملة لوعودها. في إحدى الحالات، بدلاً من إعادة بناء مسجد أبو ضهر من القرن الثالث الذي هدمته الحكومة في موقعه الأصلي، قامت الحكومة بنقل موقع المسجد محولة الأرض الى ملعب. بالإضافة إلى ذلك، فقد تم رفض حقوق الطوائف الشيعية في امتلاك أرضهم حيث أن هناك مناطق بأكملها كالرفاع الشرقي، الرفاع الغربي، والحنية لا يسمح للشيعة باستئجار أو شراء المنازل أو الأراضي فيها.
تساءل المدير التنفيذي لADHRB حسين عبدالله : “هل حقا الولايات المتحدة مفتونة للغاية بمحاولات الحكومة البحرينية الجوفاء لإخفاء انتهاكات الحرية الدينية فتمكنت وزارة الخارجية من نسيان نتائجها في تقريرها الخاص؟!”وأضاف : “قامت البحرين بقمع أغلبية سكانها باستمرار على أساس المعتقدات الدينية فقط. من غير المقبول أن نشيد بالمملكة عندما لم تتخذ تلك الأخيرة أي خطوات ملموسة لإنهاء الممارسات التمييزية وتعزيز المساواة للأغلبية الشيعية. جعلت إدارة ترامب من الحرية الدينية أولوية؛ هذا يجب أن يشمل جميع الأديان والأقليات والأغلبية أينما يتم قمعهم. يجب على الولايات المتحدة أن توضح للبحرين أن التمييز الديني على أي مستوى يعد أمرًا غير مقبولًا.”
وتدعو ADHRB الولايات المتحدة إلى التشكيك في قرار البحرين بتعيين سفير متجول للحرية الدينية، كما وتدعو الحكومة الأميركية إلى الضغط على البحرين لاتخاذ خطوات جادة وملموسة لإنهاء التمييز الديني.