بعد أن كانت الحكومة السعودية قد ألقت القبض في مايو 2018 ، على ما يقارب اثني عشرة ناشطًا في مجال حقوق المرأة بسبب عملهم في تعزيز حقوق المرأة، وذلك قبل أسابيع فقط من رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات. إلا أن الحملة ضد النشطاء في مجال حقوق المرأة لم تنته بعد . ألقى المسؤولون القبض مؤخرا على الناشطة البارزة في مجال حقوق المرأة هتون الفاسي في 27 يونيو، وبالإضافة إلى الفاسي أعادت قوات الأمن القبض على المدافعين عن حقوق الإنسان خالد العمير والشريك المؤسس لجمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (حسم) عمر السعيد، وكذلك الشاعر علي عبار الشمري وعدة رجال أعمال بسبب انتقادهم الحكومة على الأرجح. تدين منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) هذه الحملة المستمرة ضد النشطاء وتدعو المملكة العربية السعودية إلى الإفراج الفوري غير المشروط عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين المحتجزين.
واعتقل المسؤولون هتون الفاسي في 27 يونيو بعد شهر تقريباً من اعتقال ما يقارب 12 ناشطاً وبعد أن رفعت المملكة الحظر المفروض على قيادة النساء، مما يدل على استمرار الحكومة في الاعتداء على نشطاء حقوق المرأة. الفاسي هي أستاذة مساعدة في تاريخ المرأة في جامعة الملك سعود ومساهمة منتظمة في جريدة الرياض في المملكة، وهي ناشطة بارزة في مجال حقوق المرأة كانت تناضل من أجل حق المرأة في القيادة إلى جانب حقها في التصويت والمشاركة في الانتخابات البلدية لسنوات عديدة.
لا يقتصر نطاق الحملة على الناشطين الذين يدعون بشكل خاص لحقوق المرأة. وفقا لما أفادته منظمة حقوق الإنسان “القسط”، في 1 يوليو احتجزت قوات الأمن السعودية الناشط خالد العمير لاستجوابه بشأن شكوى تقدم بها تفيد بأن مسؤولين أمنيين قاموا بتعذيبه أثناء سجنه سابقاً قبل تكبيله وأخذه إلى السجن، وكان العمير قد سُجِن من قبل في ديسمبر 2008 عندما اعتقله المسؤولون بعد أن قام هو وآخرون بمسيرة في وسط الرياض للاحتجاج على القصف الإسرائيلي على غزة حتى أبريل 2017. وكان من المقرر إطلاق سراحه في أكتوبر 2016 عندما انتهت فترة الحكم بالسجن لمدة 8 سنوات، لكن المسؤولين لم يفرجوا عنه حتى منتصف أبريل 2017 بعد ستة أشهر من انتهاء فترة عقوبته، وردًا على عدم قيام الحكومة بالإفراج عنه عند انتهاء فترة عقوبته أضرب عن الطعام لمدة 29 يومًا وأدى ذلك إلى نقله إلى مركز استشاري استعدادًا لإطلاق سراحه. أثناء وجوده في السجن كان يعاني من مشاكل صحية متعلقة بمرض السكري ومن آلام قلبية وكلوية. كما يزعم العمير أن قوات الأمن قد قامت بتعذيبه.
كما أفادت “القسط” أن قوات الأمن أعادت اعتقال عمر السعيد، الشريك المؤسس لجمعية حقوق الإنسان السعودية البارزة (حسم). وفي ديسمبر 2013 حكمت السلطات السعودية على السعيد بالسجن أربع سنوات و 300 جلدة بسبب دعوته إلى نظام مملكة دستورية وعمله في مجال حقوق الإنسان. وعلى الرغم من انتهاء فترة حكمه وإطلاق سراحه، فإن السعيد مع اعتقاله الآن ينضم إلى العديد من المؤسسين الآخرين لـ ACPRA في السجن: محمد القحطاني، عبد الله الحامد، فوزان الحربي، عبد العزيز الشبيلي، عيسى الحامد، عبد الكريم الخضر، د. عبد الرحمن الحميد، صلاح العشوان، ومؤخرًا محمد البجادي. وعلى الرغم من أن السلطات السعودية أفرجت عن محمد البجادي الشريك المؤسس لـ ACPRA في نوفمبر 2015 من الحكم بسجنه لمدة أربع سنوات الذي صدر في عام 2012، أعاد المسؤولون اعتقاله في أواخر مايو مع ما يقارب 12 ناشطاً في مجال حقوق المرأة.
إن قمع المملكة العربية السعودية للمعارضة لا ينتهي عند نشطاء ومدافعين حقوقيين بارزين، بل يمتد إلى الفنانين ورجال الأعمال الذين ينتقدون الحكومة أو سياساتها. بالإضافة إلى هتون الفاسي، خالد العمير، عمر السعيد، ومحمد البجادي، يقال أن مسؤولين قد اعتقلوا أيضاً علي عبّار الشمري وهو شاعر كتب عن قضية مالية تتعلق بالعائلة المالكة السعودية، وعدة رجال أعمال.
“كان وضع حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية دائمًا غير مستقر، حيث قيدت الحكومة بشدة حقوق حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات والدين. لكن مع هذه الاعتقالات التي تضاف إلى موجات الاعتقالات في سبتمبر ونوفمبر ومايو أصبح من الواضح أن ولي العهد محمد بن سلمان لا يهتم بالإصلاح بجدية. وبدلاً من ذلك، من الواضح أنه عازم على ممارسة قدر أكبر من السيطرة على المجتمع السعودي والفضاء العام والخاص” كما يقول حسين عبد الله المدير التنفيذي لـ ADHRB. “ولكن بغض النظر عن طموحات محمد بن سلمان، يجب على المملكة العربية السعودية أن تلتزم بواجباتها الدولية باحترام حقوق الإنسان الأساسية. وتحقيقا لهذه الغاية يجب أن تفرج عن جميع المعتقلين الذين اعتقلوا فقط بسبب إبداء تعليقات انتقادية، عندما تُظهر الحكومة السعودية نفسها غير راغبة في القيام بذلك فإننا نناشد المجتمع الدولي لاستخدام نفوذه لضمان الإفراج عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السلميين “.
منذ منتصف مايو وحتى الآن انخرطت الحكومة السعودية في حملة واسعة من الاعتقالات لإسكات أي معارضة، ولكن من المستحيل تقييم إجمالي الحملة أو معرفة عدد الاعتقالات التي قامت بها الحكومة. تعلم ADHRB عن الاعتقال والاحتجاز الأخيرين لهتون الفاسي وخالد العمير وعمر السعيد ومحمد البجادي وعلي عبّار الشمري وعدة آخرين بسبب نشاطهم السلمي وتعبيرهم، وبسبب حملة القمع المنتظمة التي تقوم بها الحكومة لا يستطيع المراقبون المستقلون لحقوق الإنسان العمل بحرية في جو من الخوف إلى درجة أنه يتعذر جمع المزيد من المعلومات حول الاعتقالات. ومع ذلك تدعو ADHRB الحكومة السعودية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين الذين اعتُقلوا بسبب انتقاداتهم أو بسبب نشاطهم السلمي. كما ندعو الحكومة السعودية إلى تعديل قوانينها المحلية وخاصة قانون مكافحة الإرهاب وقانون الجمعيات وقانون الجرائم الإلكترونية لضمان توافقها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان وأنه لا يمكن استخدامها لاستهداف النشطاء السلميين ومحاكمتهم.