إن رفع حظر قيادة السيارة سيئ السمعة في المملكة العربية السعودية خلال الأسبوع الماضي ، أمر في غاية الأهمية، لكن الحكومة السعودية لا تزال تصعّب الأمور إلى حد كبير عندما يتعلق الأمر بحقوق المرأة. إن قبول الحكومة السعودية الى حد ما تعزيز المساواة بين الجنسين هي إنجاز لا يمكن إنكاره للناشطين في مجال حقوق المرأة، وهي لا تمثل سوى الخطوة الأولى للكثيرين في رحلة طويلة نحو المساواة. إن السماح للنساء بقيادة السيارة هو خطوة في الاتجاه الصحيح للبلد،إلا أن المرأة السعودية تواصل تحدي العقبات الكبيرة في الكفاح من أجل تحقيق المساواة الحقيقية بين الجنسين.
لقد قامت النساء بكسب العديد من الحريات منذ تأسيس الدولة في عام 1932، حيث قاتلن بكل قوة من أجل التقدم. إن المملكة العربية السعودية هي آخر دولة ترفع الحظر الذي يمنع النساء من القيادة، وفي عام 2016 ، صنفت الدولة الـ 141 من بين 144 دولة فيما يخص المساواة بين الجنسين وفقا لتقرير الفجوة العالمية بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. في هذا التقرير، كانت سوريا وباكستان واليمن هي البلدان الثلاثة الوحيدة التي سقطت وراء المملكة. وفي حين أنها في مرتبة أعلى من هذه الدول الثلاثة، تجدر الملاحظة بأن المملكة العربية السعودية تحافظ على المساواة بين الجنسين في ما يخص سوريا واليمن، اللتان شابهما صراع عنيف لسنوات. أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإن الاضطهاد المنهجي المستمر منذ 86 عامًا يصيب عددًا كبيرًا من السكان في البلاد ويستمر في التأثير على المرأة السعودية التي تفتقر إلى العديد من الحقوق الأساسية. أما بالنسبة للنساء السعوديات، فإنه يتم تقييد الحصول على العديد من الحقوق من قبل الحكومة ويأتي ذلك على حساب المدافعين عن حقوق النساء الذين يتم سجنهم أو نفيهم باستمرار.
رغم ذلك، فقد استخدمت المرأة السعودية حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي للدفاع عن حقوق المرأة والمشاركة في النشاط بغض النظرعن ذلك. كانت بعض الناشطات من أمثال منال الشريف ولجين الهذلول، اللتان عانتا منذ فترة طويلة من عواقب كونهما مدافعتين عن حقوق المرأة وناشطتين في المملكة العربية السعودية، من بين العديد من النساء في المملكة العربية السعودية اللواتي دافعن عن حقوق المرأة داخل وخارج البلد. بالإضافة إلى ذلك، أطلقت النساء السعوديات حملات متعددة على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل حساب تويتر Women2Drive، لتسليط الضوء على افتقارهن إلى الحقوق والدفاع عن الحق في القيادة. ويعتبر رفع الحظر المفروض على القيادة انتصارا كبيرا خلال الكفاح من أجل حقوق المرأة وشهادة على الدعوة المستمرة.
ومع ذلك، يجب أن تعمل هذه الدعوة المستمرة ضمن بنية المجتمع السعودي. مع تقاليده، وترتيب المساحات المادية، والقوانين، والدين المسيّس، أصبح المجتمع ينظم الهوية النسائية السعودية لجميع الأجيال تحت ستار الحماية. وفي المقابل، فإن الحملة الحكومية السعودية الشاملة على المجتمع المدني والسياسي جزء من قمع أوسع للمعارضة السياسية والاجتماعية، خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان وحرية التعبير وحرية التجمع وإنشاء الجمعيات.
بسبب طبيعة القانون السعودي غير الواضحة، فإن ما يُفهم من حقوق المرأة في المملكة العربية السعودية يتركز في الأساس حول ما لا يستطيعون فعله. بموجب القانون، لا يُسمح للنساء السعوديات بطلب الطلاق أو الزواج أو الحصول على عمل أو السفر أو تحديد موعد لجراحة غير طارئة دون إذن من ولي الأمر. رغم أنه قد يكون بإمكان النساء السعوديات التقدم بطلب للحصول على الحضانة، إلا أنهن لا يضمن الحق في الاحتفاظ بأطفالهن إذا تمت الموافقة على الطلاق. نظام الوصاية هو تذكير للنساء السعوديات بأنهن من اللحظة التي يولدن فيها حتى لحظة موتهن، فإنهن يشكلن المعادل القانوني للقاصر. لا يوجد قانون ينص على السن القانوني الذي تعتبر فيه المرأة بالغة، مما قد يؤدي أيضًا إلى زواج الأطفال. في المملكة العربية السعودية، لا يوجد حظر على زواج الأطفال، مما يجعله قانونيا بموجب القضاء السعودي. وإلى جانب غياب القوانين التي تنص على حق المرأة في الزواج بحرية ، يشكل الزواج في مرحلة الطفولة تهديدًا حقيقيًا للفتيات والشابات.
لا تعتبر حضانة الأطفال والطلاق والزواج الحر القيود الوحيدة والقمع الوحيد الذي تواجهه النساء في ظل نظام الوصاية. لا يسمح للنساء السعوديات بفتح مشروع تجاري أو القيام بأعمال يومية دون رعاية الذكور. وغالباً ما تضطر النساء اللواتي يرغبن في فتح أعمالهن التجارية الخاصة إلى مطالبة رجلين على الأقل بالإدلاء بشهادتهما نيابة عنهن قبل منحهن قرضًا أو ترخيصًا. لا يمكن للمرأة السعودية التقدم بطلب للحصول على بطاقة هوية وطنية أو جواز سفر دون إذن ولي الأمر. إن المركز القانوني للمرأة في المملكة العربية السعودية، كما سبق ذكره، يساوي القاصر، وأسفر بدوره عن قاعدة قانونية غير رسمية تفيد بأن شهادة المرأة لا تساوي سوى نصف شهادة الرجل. إن هذا يؤدي إلى جلسة غير عادلة في إجراءات المحكمة في كثير من الأحيان. في حين أن رفع الحظر عن القيادة هو خطوة في الاتجاه الصحيح في الإصلاح لحقوق المرأة في المملكة العربية السعودية، إلا أنه يأتي مع مضاعفات. تمتلك النساء السعوديات الآن الحرية في القيادة بأنفسهن، لكن حقهن في حرية الحركة يتعرض للانتهاك فهنّ ما زلن بحاجة إلى إذن ولي الأمر الذكر للذهاب إلى أي مكان.
وصلت النساء السعوديات إلى نقطة تختلف فيها تجارب الأجيال السابقة عن الجيل الحالي. ومع ذلك، فإنهن ما زالن يواجهن الكثير من الصراعات نفسها التي فرضتها الحكومة السعودية على حياة النساء. تعتمد تجربة المرأة في المملكة العربية السعودية على وليها الذكر وعلى حسن نيته أو عدم وجودها. إن النساء المتحديات في صدارة الكفاح من أجل المساواة بين الجنسين يستحقن الاعتراف، لكن الكفاح من أجل المساواة الحقيقية بين الجنسين يجب أن يستمر على الرغم من أن العديد من جوانب الحياة اليومية لا تزال بعيدة عن المرأة السعودية.