بعد 3 سنوات من الصراع الدامي، والأزمة الإنسانية المتصاعدة، لا تظهر الحرب الأهلية في اليمن أي علامات على التراجع. منذ مارس 2015، احتدمت الحرب الأهلية اليمنية على حساب آلاف الأرواح، حيث يواجه الملايين من اليمنيين خطر التهجير. الآن، كما لو أن عدد القتلى من المدنيين لم يكن كافياً، وللمرة الثانية في العام الماضي، أبلغت وكالة أسوشيتد برس (AP) عن تعذيب واسع النطاق في السجون السرية التي تديرها دولة الإمارات العربية المتحدة.
يصف التقرير الممارسات المروعة في سجن بير أحمد في عدن، الواقع في جنوب اليمن. ويزعم أن خمسة عشر ضابطًا إماراتيًا – تم تمييزهم بسهولة بسبب اللكنة إماراتية الواضحة – أمروا المحتجزين الجدد بالتجمع في خط واحد، خلع ملابسهم والاستلقاء. ما إن فعلوا ذلك، فتش الضباط داخل الأماكن الحساسة لكل السجناء بحثا عن هواتف محمولة ممنوعة. كما يقول شهود عيان أن السجناء كانوا يصرخون ويبكون أثناء هذا التحرش الجنسي. أي شخص حاول مقاومة الضباط تعرض للتهديد باستعمال الكلاب والضرب المدمي.
للأسف، هذه ليست المرة الأولى التي تتهم فيها الإمارات العربية المتحدة بالتعذيب في السجون الموجودة في اليمن. كشفت تقارير مشابهة عن نتائج مماثلة في خمسة سجون منفصلة في جميع أنحاء اليمن، مع كشف أسوشيتد برس عن تعذيب واسع النطاق في السجون السرية في جميع أنحاء البلاد في يونيو 2017. لقد استمر تعذيب الشعب اليمني بشكل منهجي لمدة عام كامل، مع تقارير أحدث حول التعذيب وقد شملت هذه التقارير شهادات وحتى مذكرات مكتوبة مهربة من السجون التي توضح بالتفصيل سوء المعاملة.
يأتي أحد هذه التقارير من شهود يدعون أن حراسا يمنيين يعملون تحت إشراف دولة الإمارات العربية المتحدة عذبوا وأهانوا جنسيا السجناء. وأثناء الاحتجاز، يُزعم أن حراسا قد اغتصبوا المحتجزين بينما صوّر حراس آخرون هذا الفعل. كما قد تم صعق الأعضاء التناسلية لآخرين، بينما تعرض بعضهم للاعتداء الجنسي باستخدام أعمدة. قال أحد الشهود: “إنهم يجردونك منل كل ثيابك، ثم يربطون يديك بقطب من الصلب من اليمين واليسار، وبذلك تصبح مكشوفا لهم ثم يبدأ التحرش.”
كما تنبع تقارير أخرى من الرسومات التي تم نحتها على ألواح بلاستيكية تم تهريبها خارج السجون. لم تكن هذه الرسوم البيانية التي رسمها المعتقلون بمثابة وسيلة لحفظ السجلات فحسب، بل كصورة مرئية لما يشاهدونه من وراء جدران الزنزانات. تتضمن هذه الرسومات شخصًا يصطدم بالكهرباء أثناء تعليقه عاريًا بالسلاسل، سجين يطرح على الأرض بينما تحيط به الكلاب، وتصويرًا آخر للاغتصاب. ووفقًا لوكالة أسوشييتد برس، بوصف من مصادر أمنية وعسكرية يمنية مجهولة الهوية، فإن أربعة من السجون الخمسة التي وقع فيها التعذيب الجنسي كانت في عدن.
أي شكل من أشكال الاعتداء الجنسي هو انتهاك ليس فقط لجسم الإنسان، ولكن لحقوق الإنسان. ينص القانون الدولي على أن التعذيب غير قانوني. وبالتالي، يجب ألا تتردد الجهات الفاعلة الدولية عن واجبها لاحترام هذه الحقوق. يجب أن ينتهي هذا الاعتداء ويجب على المجتمع الدولي أن يتأكد من فعل ذلك. إن الادعاءات ضد الإمارات وسجونها اليمنية السرية ترقى إلى واحدة من أشد انتهاكات القانون الإنساني في المنطقة. دعا وزير المعارضة البريطاني لشؤون السلام ونزع السلاح، فابيان هاملتون، عن إجراء تحقيق في هذه المزاعم من جانب التحالف الذي تقوده السعودية والولايات المتحدة والأمم المتحدة. من أجل سلامة شعب اليمن، يجب إلغاء مثل هذه الممارسات.
شهدت السنوات الثلاث الماضية في اليمن تطورا سريعا لأزمة ملحة، ولازال الشعب اليمني في مرمى من هذا الصراع المروع. في العام الماضي، وبعد عامين من الحرب الأهلية، وصفت الأمم المتحدة اليمن بأنها أسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان في العالم. لقد دمرت الحرب المدن، وقتلت الآلاف، وتسببت في نزوح الملايين داخل دولة تعتبر أصلاً أفقر دولة في الشرق الأوسط. والآن على حافة المجاعة، يعيش السكان تحت خطر متزايد بالاصابة بوباء الكوليرا. بعد الحصار البحري الضخم، قام التحالف بقيادة السعودية، بمساعدة من الإمارات العربية المتحدة، بحصار على أهم ميناء في اليمن، الحديدة.
خلال العام الماضي ، كانت جهود الإغاثة الإنسانية تحاول جاهدة أن تجد طريقها من خلال الحصار السعودي لإيصال الطعام إلى الشعب اليمني الجائع. لقد لعبت الحديدة دوراً حاسماً في جهود الإغاثة – حيث يعمل الميناء كخط حياة للإغاثة الإنسانية ويمثل حوالي 80٪ من جميع المواد الغذائية والمياه والوقود التجاري الذي يعتمد عليه 8 ملايين يمني من أجل البقاء. مع الحصار الجاري الآن، تخشى الأمم المتحدة والمسؤولون الإنسانيون من أن هذه الإمدادات الحيوية ستكون الآن في خطر. وضعت الأمم المتحدة خططًا للسيطرة على المدينة إلا أن التحالف الذي تقوده السعودية يقول إنه لن يقبل سوى استسلاما مطلقا وغير مشروط من طرف مقاتلي الحوثيين. ومع انكشاف أكبر معركة في هذه الحرب في المدينة، يبدو أن هذه الأزمة ستزداد سوءًا قبل أن تتحسن.
أصبح من الواضح أن الوضع في اليمن قد وصل إلى حالة عصيبة جديدة. احتدمت الحرب الأهلية لمدة ثلاث سنوات طويلة، مما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد الملايين في طريقها. ومع تزايد خطر انتشار الكوليرا والمجاعة بين الناس، تشير المزاعم المتفشية حول التعذيب والاعتداء الجنسي في جميع أنحاء الجزء الجنوبي من البلاد إلى وجود حالة أكثر إلحاحاً في البلاد. تتطلب الحرب في اليمن عناية دولية فورية. يجب ألا يقتصر الأمر على وقف إطلاق النار فحسب، بل يجب التحقيق في مزاعم التعذيب، ويجب التصدي للمجاعة والكوليرا على نطاق واسع. من أجل الشعب اليمني، يجب على المجتمع الدولي أن يتصرف قبل فوات الأوان.