في نهاية هذا الأسبوع في 24 يونيو ستبدأ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) دورتها الثانية والأربعين للجنة التراث العالمي في المنامة، البحرين. وتُعقد الدورة التي تختتم في 4 يوليو سنوياً لمناقشة إدارة مواقع التراث العالمي الموجودة وقبول الترشيحات الجديدة من قبل الدول، تشعر منظمة من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) بخيبة أمل عميقة بسبب قرار اليونسكو باستضافة مؤتمر هذا العام في البحرين وهي دولة ذات سجل مروع في حقوق الإنسان – خاصة فيما يتعلق بالحقوق الثقافية.
وتشمل رؤية اليونسكو “تعزيز التراث الثقافي والكرامة المتساوية لجميع الثقافات”، وتدعي المنظمة أنها تدافع عن “حرية التعبير كحق أساسي وشرط أساسي للديمقراطية والتنمية”، من ناحية أخرى تتمتع مملكة البحرين بتاريخ من تدمير المواقع ذات الأهمية الثقافية وقمع حرية التعبير بعنف، في 14 فبراير 2011 انضم الآلاف من المواطنين البحرينيين معاً للدعوة السلمية إلى الإصلاحات الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان، وبعد يومين احتل المتظاهرون دوار اللؤلؤة في 16 فبراير وهو عبارة عن حلقة مرورية في المنامة أخذت اسمها من نصب اللؤلؤ الذي بلغ ارتفاعه 300 قدم في وسطها، خيم المتظاهرون هناك وبقوا ليلتها حتى قاموا بتنظيم الخطب والمناقشات السياسية، ومع ذلك داهمت قوات الأمن البحرينية في الساعة 3:00 صباحا من يوم 17 فبراير التجمع بعنف مما أسفر عن مقتل وإصابة المتظاهرين، وبحلول 19 فبراير عاد المتظاهرون إلى الموقع وأعادوا التجمع في الدوار حتى 16 مارس عندما هاجمتهم قوات الأمن مرة أخرى، وفي هذه المرة حاصرت السلطات المنطقة ومنعت المتظاهرين من العودة، وفي 18 مارس هدمت الحكومة البحرينية دوار اللؤلؤة الذي أصبح في ذلك الوقت رمزا للديمقراطية في البحرين ونقطة محورية للحركة، كما قامت الحكومة في وقت لاحق بإزالة جميع صور الدوار بما في ذلك إيقاف عملات 500 فلس التي كانت تحتوي على صورة نصب دوار اللؤلؤة على الجانب الخلفي.
بالإضافة إلى ذلك في أعقاب انتفاضة 2011 ألحقت السلطات البحرينية الضرر بما لا يقل عن 53 مسجدًا ومؤسسات دينية شيعية حيث تم تدمير 28 منها بالكامل، وحتى يومنا هذا أعادت الحكومة أماكن العبادة هذه جزئيا فقط، ولا تزال المجتمعات الشيعية في العديد من مناطق البحرين تحتفظ بالخدمات الدينية في المساجد المتضررة أو الهياكل المؤقتة، في حين تم قطع المواقع الأخرى بشكل تعسفي من قبل طواقم الشرطة.
لا يزال التمييز المنهجي ضد الأغلبية المسلمة الشيعية منتشراً على نطاق واسع في البحرين، وتواجه مجموعات البحارنة والعجم الدينية العرقية على وجه الخصوص التمييز على أساس التقاطع بين الإيمان والتراث، إن التحيز الرسمي وغير الرسمي ضد هذه الطوائف قديم في البحرين، لكن في السنوات الأخيرة – وخاصة منذ ظهور الحركة الشعبية المؤيدة للديمقراطية عام 2011 – أشرفت الحكومة على تكثيف الانقسامات الطائفية، وزادت الحكومة البحرينية من مضايقاتها وملاحقتها أمام شخصيات دينية شيعية بارزة، بما في ذلك رجل الدين البارز والسياسي المعارض الشيخ علي سلمان الذي قُبض عليه وحُكم عليه بالسجن أربع سنوات في عام 2014 لخطب سياسية، وبالمثل ألغت الحكومة بشكل تعسفي الجنسية البحرينية من الشيخ عيسى قاسم الزعيم الشيعي البارز في المملكة وحاصرته في منزله تحت الإقامة الجبرية الفعلية، في حين أن قضية الشيخ قاسم هي واحدة من أكثر قضايا إسقاط الجنسية شهرة في المملكة ألغت الحكومة البحرينية جنسية أكثر من 700 بحريني آخر منذ عام 2012 – غالبيتهم من الشيعة المسلمين، وكونهم من الشيعة وعديمي الجنسية على حد سواء فإن هؤلاء الأفراد هم الأكثر عرضة للحرمان من الوصول إلى برامج الرعاية الاجتماعية أو المساعدات الاجتماعية المتاحة لغيرهم من المواطنين البحرينيين أو المستهدفين بالطرد القسري.
ويتميز قطاع الدفاع في البحرين أيضاً بالتمييز الطائفي الشديد الذي يتراوح بين ممارسات التعيين المنحازة ونشر مواد التدريب الراديكالية المناهضة للشيعة، إن العديد من الأجهزة الأمنية التي تعد من أكبر أصحاب العمل في البحرين ترفض إلى حد كبير توظيف الشيعة كمسألة سياسة غير رسمية مستقطبة بشكل غير متناسب المجندين السنة والأجانب، لذلك يواجه أفراد الطائفة الشيعية العنف خارج نطاق القضاء ومضايقات الشرطة بما في ذلك القوة المفرطة والتعذيب، في 23 مايو 2017 قامت قوات الأمن بتفريق عنيف لمظاهرة سلمية للاحتجاج على سحب جنسية الشيخ قاسم في مسقط رأسه في الدراز وقُتل خمسة متظاهرين وجُرح المئات وتم اعتقال 286 شخصاً على الأقل.
“كمنظمة تعزز حماية المواقع الثقافية والتراثية والحفاظ عليها، من المثير للغالطات أن تقرر اليونسكو استضافة دورة لجنة التراث العالمي لهذا العام في البحرين” هذا ما قاله المدير التنفيذي لـADHRB حسين عبد الله، “لقد أثبتت البحرين عدم احترامها للحقوق الثقافية وينبغي لليونسكو أن تتعامل بشكل حاسم مع البحرين كمخالِف خطير لمهمتها الأساسية، لا أن تسعى للرعاية من الحكومة البحرينية”.
تشعر المنظمة بالقلق العميق إزاء اختيار اليونسكو الشراكة مع البحرين في هذا الوقت، وترى أن عقد الدورة الثانية والأربعين للجنة التراث العالمي في البحرين غير مناسب للغاية بسبب تاريخ البحرين في تدمير المواقع الثقافية والتمييز الثقافي المنهجي المستمر.