ندوة ADHRB خلال HRC38: من اليمن إلى المنطقة الشرقية – انتهاكات السعودية للحقوق داخلياً و إقليمياً

أقامت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان (ADBHR) يوم الخميس 21 يونيو ندوة خلال الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بالتعاون مع منظمة العفو الدولية والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان (ESOHR) ومعهد القاهرة وحقوق الإنسان والمركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان (ECDHR) ومنظمة مواطنة لحقوق الإنسان. أدار الندوة عضو التحشيد في منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، تايلر براي، وشارك فيه بنيان جمال من منظمة مواطنة، ودانا أحمد من منظمة العفو الدولية، و زينة طاهر من ESOHR وجيريمي سميث من معهد القاهرة بصفتهم أعضاء اللجنة. خلال تقديم ملاحظاتهم، تناول أعضاء اللجنة انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها المملكة العربية السعودية محليا و إقليميا، وسلطوا الضوء على اعتقال الناشطين السياسيين المسالمين ونشر عمليات الإعدام كأداة سياسية، بالإضافة إلى انتهاكات الحقوق في اليمن من قبل جميع أطراف الصراع، وما يمكن للمجتمع الدولي القيام به لإنهاء الصراع.

افتتح السيد براي الندوة من خلال إثارة المخاوف إزاء انتهاكات حقوق الإنسان المحلية والإقليمية في المملكة العربية السعودية. وسلط الضوء يشكل خاص على الإعتقالات الأخيرة للمدافعين عن حقوق المرأة قبل رفع الحظر المفروض على قيادة النساء، وعقوبة الإعدام. كما وصف دور التحالف الذي تقوده السعودية في الحرب في اليمن، مشيرا إلى هجوم التحالف على الحديدة والآثار الكارثية التي سيخلفها ذلك على الأزمة الإنسانسة في اليمن وإمكانية زيادة المعاناة على مستوى كارثي، لأن الهجوم على الميناء الذي يقوم باستيراد 80 في المئة من السلع الضرورية لليمن سوف يكون له أثر مضاعف على اليمنيين. وذكر السيد براي أن الهجوم على الحديدة يرمز لنهج المملكة العربية السعودية إزاء الحرب في اليمن، النهج الذي يتسم بالهجمات على مناطق المدنيين، وتعطيل المساعدات الإنسانية والطبية، وعدم الإكتراث لحياة غير المقاتلين. كما ذكر السيد براي أن اللوم يقع على جميع أطراف النزاع، ولا يوجد أي عذر لانتهاكات القانون الإنساني الدولي، ولا يمكن لأن يكون هناك أي مبرر لاستخدام المجاعة كسلاح. وقد اختتم ملاحظاته الإفتتاحية بالإشارة إلى أن إحدى الأسئلة التي ستناقشها اللجنة هو الدور الذي يمكن أن يلعبه مجلس حقوق الإنسان في معالجة هذه الإنتهاكات.

بدأت دانا أحمد عن منظمة العفو الدولية مداخلتها بمناقشة الإنتهاكات التي ترتكبها المملكة العربية السعودية ضد مواطنيها. وأثارت رفع الحظر المرتقب المفروض على النساء، كما أكدت أن الفضل في هذه اللحظة التاريخية يعود إلى المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين المحتجزين حاليا. قامت هؤلاء النساء بحملات من أجل حق المرأة في القيادة، إضافة إلى نهاية نظام ولاية الذكور. وبالتالي، فإن اعتقالاتهم في هذا الوقت المسمى بوقت الاصلاح تمثل خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الخلف من أجل حقوق المرأة في المملكة العربية السعودية. وفي هذا السياق، سلطت الضوء على قضايا ثلاث نساء مدافعات عن حقوق الإنسان تم احتجازهن دون تهمة منذ مايو 2018، واللواتي تم استجوابهن دون حضور محامين، وتم منعهم من الوصول إلى عائلاتهن، وتم اتهامهن بأنهن قمن بخيانة بلدهن من خلال حملة تشويه شرسة في وسائل الإعلام. ومع كل هذه التهم الموجهة إليهن، فإنهن معرضات لحطر الحكم عليهن بالسجن لمدة 20 سنة أو أكثر. أشارت السيدة أحمد إلى محاولات ولي العهد محمد بن سلمان تقديم نفسه كإصلاحي، لكنها ذكرت أن الإصلاحات الحقيقية لا يمكن أن تحدث عندما تقوم الحكومة بإسكات الناس الذين يدافون عن هذه التغييرات.

كما سلَّطت السيدة أحمد الضوء على الإصلاحات السياسية والقانونية السلبيَّة، بما في ذلك إعادة توزيع السلطة بعيداً عن وزارة الداخلية إلى رئاسة أمن الدولة، واستخدام قانون مكافحة الإرهاب لعام 2017 لإدانة النشطاء. ركَّزت خصيصاً على التقرير الأخير للمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، الذي ينص على أنه في عهد ولي العهد محمد بن سلمان، فإن حملة القمع هذه يمكن اعتبارها الأشد قسوة على المعارضة حيث لم يواجه البلد شيء مماثل من عقود، مع عدم وجود مساحة للمجتمع المدني وحرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع. وخلصت إلى أن الإصلاح الحقيقي يجب أن يبدأ بالإفراج عن السجناء السياسيين، وأن المجتمع الدولي يجب أن يرفع صوته في مجلس حقوق الإنسان وغيره من المحافل لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية.

بدأت السيدة طاهر ملاحظاتها بالإشارة إلى أن المحادثة ستكون مستحيلة داخل السعودية بسبب قمع المجتمع المدني والمعارضة. ركَّزَت تعليقاتها على استخدام عقوبة الإعدام في السعودية. وأشارت إلى أن المملكة العربية السعودية هي واحدة من الدول التي لديها أعلى استخدامات لعقوبة الإعدام في العالم. في عام 2015 أعدمت المملكة 157 شخصا كما قامت بإعدام 154 شخصًا في عام 2016، و 146 شخصًا عام 2017. وبعد أن لاحظت هذه الإحصاءات، أكَّدت على كلام المقرر الخاص المعني بمكافحة الإرهاب، مشيرةً إلى أن المملكة العربية السعودية “متشبثة بعبادة الإعدام”.

كما أشارت السيدة طاهر إلى اتجاه أحكام الإعدام ذات الدوافع السياسية التي تم تنفيذها منذ الربيع العربي في عام 2011 بالإضافة إلى الإجراءات القمعية اللاحقة في المنطقة الشرقية. وفي محاولةٍ لوصف حملة القمع في المنطقة الشرقية وإعدام المنشقين هناك، ألقت الضوء على الدور الذي لعبته المحكمة الجنائية المتخصصة، وهو نظام محاكم مكافحة الإرهاب في المملكة الذي كان يهدف إلى محاكمة الإرهابيين، ولكنه يُستخدم الآن لمحاكمة المنشقين والناشطين. وفي هذا الإطار، أثارت العمل الذي قامت به منظمة ESOHR، مشيرة إلى كيفية قيام المنظمة بتوثيق عدد من الحالات التي لم تراعَ فيها الضمانات الإجرائية مثل المحاكمات العادلة، وعانى المتهمون من عدم إمكانية الوصول إلى مستشار قانوني وعدم وجود سلطة قضائية مستقلة. وأشارت إلى الزيادة في عمليات الإعدام في عام 2016، وأثارت قضية الشيخ نمر النمر وحالات ثلاثة متظاهرين سلميين آخرين، من بينهم قاصر. بعد ذلك بعام ، في عام 2017 ، أعدمت المملكة العربية السعودية أربعة متظاهرين على جرائم سياسية. بالإضافة إلى هذه الحالات، أجرت المملكة محاكمات جماعية حيث حُكم على المتهمين بالإعدام ، بما في ذلك محاكمة 14 رجلاً حُكم عليهم بالإعدام بتهم إرهابية مزيَّفة، وكان هذا الحكم وليدة نشاطهم في العوامية عام 2016. ومن بين الرجال منير الآدم، الذي تعرَّض للتعذيب الشديد لدرجة أنه فقد السمع بشكل دائم في إحدى الأذنين. ثم في عام 2017، حُكِمَ على 12 رجلاً آخرين بالإعدام بتهمة التجسس لصالح إيران. وأشارت السيدة طاهر إلى أنه على الرغم من الحظر الدولي المطلق المفروض على عقوبة الإعدام بالنسبة للقاصرين، يوجد حالياً ثمانية قاصرين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام، وتم تنفيذ الحكم بحق قاصر واحد في السابق. اختتمت السيدة طاهر تعليعاتها بالقول أنَّ الحكومة السعودية تستخدم وسائل الإعلام الحكومية من أجل تعزيز أسلحتها، كما تستخدم مجلس حقوق الإنسان لإساءة تمثيل الوضع في البلاد، وتأكيد إدعاءاتهم بمكافحة الإرهاب.

تبعت السيدة جمال السيدة طاهر وتحدثت عن حالة حقوق الإنسان في اليمن. وبدأت بتقديم بعض المعلومات الأساسية عن “مواطنة” والعمل الذي يقومون به في محافظات اليمن الثمانية عشر وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها جميع أطراف النزاع. وتشمل أنشطتهم الدعوة والضغط والدعم القانوني في سبع محافظات. في أوروبا، تركز المنظمة جهودها على التحديات القانونية لصفقات الأسلحة الرئيسية التي تقوم فيها الشركات الأوروبية بتصنيع وبيع الأسلحة إلى طرفي النزاع. ثم ناقشت السيدة جمال تقرير “مواطنة” السنوي لعام 2017، الذي نشر انتهاكات حقوق شاملة من قبل جميع الأطراف. ركَّزت بشكل خاص على استخدام التجويع كأسلوب حرب؛ الهجمات على السكان المدنيين؛ الهجمات البريَّة العشوائية على المدنيين بما في ذلك استخدام الألغام الأرضية؛ الاختفاء القسري؛ التعذيب؛ الاعتقال التعسفي؛ الانتهاكات ضد الأقليات الدينية؛ الانتهاكات ضد الصحفيين؛ تجنيد الأطفال في صفوف الجنود؛ الهجمات على المستشفيات، الهجمات على المدارس؛ الهجمات باستعمال طائرات بدون طيار؛ واشتباك في ديسمبر/ كانون الأول 2017 بين الحوثيين والتحالف الذي تقوده السعودية والذي أسفر عن انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان.

في مناقشتها لانتهاكات حقوق الإنسان، قدمت السيدة جمال العديد من الأرقام المحددة، وأبرزت أن “مواطنة” أفادت بوجود 26 حادثة منع وصول المساعدات الإنسانية خلال عام 2017، و 89 هجومًا على السكان المدنيين من قبل قوات التحالف السعودية/ الإماراتية، حيث قُتِل 357 مدنيًا. وأشارت السيدة جمال إلى أن قوات التحالف استهدفت المنازل والأسواق والمدارس والمزارع وقوارب الصيد. وأفادت “مواطنة” أن التعذيب ارتُكب من قبل القوات الحوثية والقوات السعودية، مما أسفر عن 17 حالة وفاة في عام 2017 فقط. كما أفادوا عن 18 هجومًا على المستشفيات وتجنيد 879 من الأطفال في صفوف الجنود. أنهت السيدة جمال ملاحظاتها بالدعوة إلى إجراء حوارات سلمية للتوصل إلى حل سلمي، ولاحظت أن جميع أطراف النزاع قد ارتكبت هذه الانتهاكات، ويجب أن تُحاسب جميعًا على هذه الانتهاكات.

شدد السيد سميث في ملاحظاته على أهمية إجراء تحقيق دولي فيما يتعلق بالوضع في اليمن. وأبرز كيف أن السلوك غير القانوني من جانب بعض الجهات الفاعلة هو الذي يخلق أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث تتعرض حياة ما يقرب من 22 مليون شخص للتهديد بسبب المصلحة السياسية لحفنة قليلة. في حين أن دولاً مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا تواصل معارضة التحقيقات في استخدام عقود الأسلحة، فإن الموقف المبدئي الذي اتخذته كندا وهولندا ومجموعة صغيرة من الولايات الأخرى أدى إلى إصدار قرار في مجلس حقوق الإنسان في العام الماضي لإنشاء مجموعة من الخبراء للتحقيق في هذه الأعمال غير المشروعة في اليمن. وقد تم الاعتراف بذلك كآلية حاسمة تعمل على ضمان ممارسة القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بالنزاع اليمني. سيكون هذا القرار قيد التمديد في المجلس مرة أخرى في سبتمبر 2018، وأبرز السيد سميث الجهود السعودية لمنع الحدوث هذا، بما في ذلك من خلال التهديدات الاقتصادية. وشدد على ضرورة ضمان منظمات المجتمع المدني والدول إلى ألا يؤثر هذا الإكراه على نتائج المجلس – “إن الأمر متروك لنا للبقاء ملتزمين وإيلاء الاهتمام”.

تناولت جلسة الأسئلة والأجوبة أولاً قضايا زيادة مشاركة المجتمع الدولي فيما يتعلق بحالة النزاع في اليمن، وتوريد الأسلحة، والانخراط في الحوار السلمي لإنهاء النزاع وزيادة المساءلة، كخطوات نحو ضمان إنهاء الصراع. وقد تم التأكيد على أنه بالإضافة إلى الحوار الجاد بين جميع الأطراف اليمنية، يجب أن يكون التركيز الأساسي على إمدادات السلاح والسيطرة عليه، من جانب كل من القوات المسلحة والحكومة. وقد لوحظ أيضاً أن طبيعة الصراع اليمني تؤدي إلى “إزالة التنمية” في البلاد، وهذا الاضطراب لا بد أن يؤثر على المملكة العربية السعودية. فيما يتعلق بالمساءلة ودور المجتمع الدولي، أُشير إلى أن الموقف المبدئي من قبل عدد قليل من البلدان، كما أثبتته ألمانيا وبلجيكا وغيرها، يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في حياة المتأثرين مباشرة بالصراع. كما تم طرح سؤال حول طبيعة الإصلاحات التي أدخلها ولي العهد، وتم التأكيد على أن جميع الإصلاحات يجب أن تبدأ باحترام حقوق الإنسان. وقد وُصفت الإصلاحات الحالية بأنها سطحية بطبيعتها و تهدف إلى تصوير صورة إيجابية للمجتمع الدولي بينما تظل الحالة على الأرض كما هي في حين لا يزال الناس غير قادرين على التعبير عن رأيهم ومحرومين من حقوقهم.