بمناسبة انعقاد الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان ، قدمت منظمة “أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” بيانًا مكتوبًا إلى المجلس حول ثقافة الإفلات من العقاب المتبعة من قبل المتهمين في البحرين.
للحصول على نسخة الكترونية لهذا البيان ، يرجى النقر هنا.
ثقافة الافلات من العقاب في البحرين
تغتنم منظمة “أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB)” هذه الفرصة في الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (HRC) لاعراب قلقها البالغ ازاء استمرار ثقافة الإفلات من العقاب في البحرين. يواصل المسؤولون البحرينيون ارتكاب انتهاكات واسعة النطاق وبصفة منتظمة لحقوق الإنسان، لكن الحكومة والمحاكم البحرينية لا يفعلون الكثير فيما يتعلق بمساءلة المسؤولين.
1- الانتهاكات المنتشرة حديثًا:
في البحرين، هناك العديد من التقارير الموثوقة عن الانتهاكات التي ارتكبها المسؤولون – بمن فيهم كبار المسؤولين وأعضاء العائلة الملكية. يسود التعذيب والمعاملة السيئة من طرف المسؤولين في مراكز الاحتجاز والسجون البحرينية، وخاصة في الحالات التي تستخدم فيها قوانين مكافحة الإرهاب ضد النشطاء. كما يظل الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري منتشراً في جميع أنحاء المملكة. عمليات القتل التي ارتكبتها قوات الأمن خارج نطاق القضاء من خلال غارات عنيفة على الاحتجاجات السلمية والهجمات على المدنيين لم يكن لها أي تداعيات تقريبًا. كثير من هذه الجرائم موجهة نحو المدافعين عن حقوق الإنسان وزعماء المعارضة السياسية والشخصيات الدينية والصحفيين. كما تستخدم هذه الاستراتيجية للقضاء على المجتمع المدني والسياسي، هذا وقد أيدت الحكومة إلى حد كبير هذه الجرائم بالفشل في السعي إل الامساك الجناة ومعاقبتهم.
2- استهداف الصحفيين
كانت الجرائم ضد الصحفيين فاضحة إلا أنه لم تتم مقاضاة وإدانة سوى عدد قليل من المسؤولين من الدرجات الدنيا، مع فشل معظم الأحكام في إظهار خطورة الجرائم. في حالة نزيهة سعيد، على سبيل المثال، وعلى الرغم من الأدلة الواضحة، تم في نهاية المطاف تبرئة الضابط المسؤول عن تعذيبها في عام 2011. في هذه الأثناء، تواصل قوات الأمن ارتكاب الانتهاكات بشكل ممنهج وحتى الانتقام من أولئك الذين يتقدمون بشكاوى.
حتى في حالات القتل المشبوه أو القتل خارج نطاق القضاء، رفضت الحكومة التحقيق بشكل مناسب وملاحقة الجناة. توفي زكريا راشد حسن العشيري في ظروف مريبة بعد اعتقاله واتهامه بنشر أخبار كاذبة والتحريض على الكراهية في عام 2011. وزعمت السلطات البحرينية أن العشيري توفي من مضاعفات فقر الدم المنجلي، لكن عائلة الصحفي قالت للصحفيين أن لم يعاني من هذا المرض أو أي مرض آخر. بعد أيام قليلة من وفاة العشيري، قُتل كريم فخراوي، المؤسس المشارك لـ”الوسط” ، على يد جهاز الأمن الوطني البحريني. وقامت الحكومة بالتحقيق في القضية وسط ضغوط شعبية، لكن لم يتم توجيه اتهام رسمياً للمسؤولين الرسميين بتهمة التعذيب المؤدي إلى الموت، التهمة التي قد تؤدي إلى السجن مدى الحياة. وبدلاً من ذلك، حُكم على المسؤولين في نهاية المطاف بالسجن لمدة ثلاث سنوات فقط بتهم أقل بعد الاستئناف. وفي عام 2012، توفي الصحفي المستقل أحمد إسماعيل بعد إطلاق النار عليه أثناء تصويره للاحتجاج في قرية سلماباد. بعد وفاة حسن، دعت الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق في مقتله، لكن وضع التحقيق القضائي في القضية لا يزال دون حل.
3- انعدام المساءلة
يستمر مناخ الإفلات من العقاب في البحرين -حيث فشلت الحكومة في محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان. لم تؤدِّ هذه الانتهاكات التي ارتكبت أثناء وبعد الاحتجاجات السلمية في عام 2011 إلا إلى عدد محدود من الملاحقات القضائية والإدانات، في حين أن الأحكام القليلة المحدودة التي صدرت في وقت لاحق كان قد تم تخفيضها بنسبة كبيرة.
في أوائل كانون الثاني/يناير 2017، هاجم أفراد أمن مقنعون، يعتقد أنهم من أفراد جهاز الأمن الوطني، اعتصاماً سلمياً في قرية الدراز، وأطلقوا الرصاص الحي على الحشد متسببين في مقتل مصطفى حمدان البالغ من العمر 18 عاماً. ثم تم تفريق الاعتصام في مايو عندما داهمت قوات الأمن مرة أخرى دراز، واعتقلت هذه المرة المئات وقتلت خمسة أشخاص، بما في ذلك شقيق حمدان الأكبر. ولم يكن هناك أي تحقيق أو محاكمة في قضية ومقتل الرجال الستة.
في نفس العام، تعرضت ناشطة بحرينية، ابتسام الصايغ، لمضايقات واحتجاز وتعذيب متكرر. من يناير إلى أبريل -وبشكل خاص بعد مشاركتها في مجلس حقوق الإنسان الـ34- تم التحقيق مع الصايح مراراً وتكراراً. كما تعرضت لحملة تشهير مدعومة من الدولة؛ تم حظرها من السفر وهددت بهجمات محتملة على عائلتها. ثم في مايو، تم استدعاء الصايغ للاستجواب من قبل جهاز الأمن الوطني البحريني (NSA) وتعرضت للتعذيب جسديا ونفسيا وجنسيا. هددت السلطات بمواصلة استهداف الصائغ وعائلتها إذا لم توقف أنشطتها في مجال حقوق الإنسان. لم يتم إجراء تحقيق في هذه الجرائم.
وحتى الآن، لم يُحاسب أي مسؤولين كبار على التعذيب أو الاستخدام المفرط للقوة أو القتل خارج نطاق القضاء في البحرين. عندما تحدث تحقيقات في أفراد الأمن المتهمين بارتكاب انتهاكات، فإنها تكون بطيئة وغير فعالة في كثير من الأحيان، مما يؤدي إلى تعميق ثقافة الإفلات من العقاب. غياب المساءلة هو أيضا مشكلة نظامية تمتد إلى الحكومة. واتهم مبارك بن حويل بتعذيب ستة مسعفين، وتمت تبرئته في يوليو/تموز 2013. وبعد أقل من أسبوع، شوهد مبارك في اجتماع مع رئيس وزراء البحرين الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، الذي شكره على “عمله الجيد”. وأكد له أن “القوانين لا تنطبق عليك”. تمت ترقية مبارك بن حويل لاحقاً إلى رتبة عميد وتم تعيينه لرئاسة قوة شرطة المحافظة الجنوبية بالكامل.
وبسبب ثقافة الإفلات من العقاب في البحرين، يواصل نفس الأشخاص الإشراف على انتهاكات جسيمة لحقوقهم. وبينما كان بن حويل مسؤولاً عن قوة شرطة محافظة سورين، تعرض نبيل رجب – المدافع عن حقوق الإنسان – لظروف رهيبة أثناء احتجازه لمدة طويلة على ذمة المحاكمة في مركز شرطة محلي صغير، وبعد ذلك، احتاج إلى دخول المستشفى لأشهر.
4- تورط العائلة المالكة:
إن أفراد العائلة المالكة محصنون بشكل خاص من التحقيق والملاحقة القضائية، وبالتالي لا معاقبة لثقافة التعذيب والعنف والإفلات من المسؤولية. بعد قمع الحكومة العنيف للحركة المؤيدة للديمقراطية عام 2011، ظهرت أدلة موثوقة بأن الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة – نجل ملك البحرين – هو وجه الاعتقال التعسفي والتعذيب للمحتجين ونشطاء المعارضة والرياضيين. بصفته رئيس اللجنة الأولمبية، أنشأ الشيخ ناصر لجنة خاصة لتحديد ومعاقبة أكثر من 150 من أعضاء المجتمع الرياضي الذين تظاهروا سلميا. كما ذكر اثنين من زعماء المعارضة أن الشيخ ناصر قام بتعذيبهم شخصياً في منشآت وزارة الداخلية في المنامة. كما اتهمت شخصيات المعارضة، ومنهم محمد حبيب المقداد، الشيخ ناصر بالجلد والضرب على جميع أطراف جسدهم لمدة 12 ساعة، من بين انتهاكات أخرى. لم يخضع الشيخ ناصر للتحقيق أو المقاضاة في البحرين. ثم في عام 2017، عينه ملك البحرين ليعمل كعضو في مجلس الدفاع الأعلى (SDC) – أعلى سلطة دفاعية في البلاد، والتي ترأس وتصدر قرارات الأمن الوطني الرئيسية.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تعين فيها الحكومة البحرينية مسؤولًا متهمًا بالتعذيب في مجلس الدفاع الأعلى. في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، بعد أن وجدت لجنة مستقلة أن جهاز الأمن الوطني (NSA) – هيئة المخابرات العامة في المملكة – كانت متورطة بشكل عميق في التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء، أزال الملك مديرها الشيخ خليفة بن عبد الله آل خليفة. ومع ذلك، بدلاً من إجراء تحقيق جنائي كامل، شرع الملك في تعيين الشيخ خليفة أمين عام مجلس الدفاع الأعلى ومستشار شخصي للأمن القومي برتبة وزير.
كما زُعم أن الشيخة نورة بنت إبراهيم آل خليفة، وهي عضو آخر في العائلة الملكية البحرينية، متورطة في التعذيب. بعض الأطباء الذين حُكم عليهم بالسجن لمدد طويلة في عام 2011 بتهمة مساعدة المحتجين المصابين زعموا أن الشيخة نورة ضربت سجناء بالعصي وخرطوم مطاطي، وصعقت وجوههم بالصدمات الكهربائية. تمت تبرئة الشيخة نورة بالنسبة لجميع الجرائم في عام 2013.
5- فشل آليات المساءلة:
لا تزال هيئات حقوق الإنسان والرقابة البحرينية – وأهمها أمين المظالم في وزارة الداخلية، ووحدة التحقيقات الخاصة التابعة لمكتب المدعي العام، والمعهد الوطني لحقوق الإنسان – على اتصال وثيق بالحكومة وهي غير قادرة أو غير راغبة في معالجة القضايا المرفوعة بشكل صحيح. على الرغم من الاتصالات والشكاوى المتكررة من منظمات حقوق الإنسان المستقلة والإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، فإن هيئات الرقابة هذه لم تفِ بولاياتها، وعملت مراراً وتكراراً على إخفاء انتهاكات الحقوق التي يعتبر هؤلاء مسؤولون عن التحقيق فيها.
لا يزال أمين المظالم يفشل في التعامل مع أدلة واسعة النطاق وذات مصداقية حول الاعتقال التعسفي الممنهج والتعذيب وسوء المعاملة، ولا يوفر معلومات شاملة وواضحة حول حل الشكاوى. وأغفل أحدث تقرير له ادعاءات موثوقة عن مسؤولية الحكومة عن وفاة حدثت في الحجز خلال الفترة الأخيرة.
وقد أيدت المؤسسة الوطنية البحرينية لحقوق الإنسان (NIHR)، التي يتم تعيين أعضائها من قبل الملك، بعض الانتهاكات الجسيمة التي قامت بها الحكومة. فشل أحدث تقرير صادر عن المعهد الوطني لحقوق الإنسان، في تفصيل لأحداث عام 2017، عن الاعتراف بأي دور حكومي في العنف ضد المدنيين أو حتى الدعوة لإجراء تحقيقات في الغارتين القاتلتين على اعتصام دراز السلمي، والذي أدى في النهاية إلى مقتل ستة متظاهرين.
كما تم تكليف وحدة التحقيقات الخاصة بالنظر في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة. لا توجد ولاية إبلاغ عام ولا يتم التعامل مع الشكاوى بشفافية. فشلت المنظمة إلى حد كبير في ضمان الحصول على إدانة ضد مرتكبي التعذيب وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان.
6- توصيات:
لذلك ندعو حكومة البحرين إلى:
- إصلاح آلية المساءلة لضمان استقلالها الفعال
- القيام بمقاضاة جميع مزاعم التعذيب وسوء المعاملة بشكل شفاف
- مساءلة المسؤولين الحكوميين على جميع المستويات – بما في ذلك العائلة الملكية – فيما يخص سوء المعاملة