في 17 نيسان/ أبريل 2018، قدّم مارتن غريفيثس، المبعوث الخاص للأمم المتحدة الجديد إلى اليمن، أول مُلخّص لمجلس الأمن الدولي. في ملاحظاته، أخبر المجلس أنه سيقدم لهم إطارًا للمفاوضات خلال الشهرين القادمين وأن الحل السياسي لإنهاء القتال المدمر في اليمن هو خيار قابل للتطبيق. منذ تعيينه في 11 آذار/ مارس، كان غريفيثس نشطًا جدًا في اليمن. وقد التقى مع الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، قادة حركة أنصار الله، وأعضاء الميليشيات في جنوب البلاد. خلال المناقشة للوصول الى حلٍ سياسي للصراع في اليمن، يقول غريفيثس “لن يكون هناك سلام في اليمن إذا لم نستمع أيضا لأصوات الجنوب والتأكّد من أن الترتيبات السياسية التي تنهي هذه الحرب تشملهم”.
في السنوات الثلاث التي تلت بدء القتال، اعتُبرَت اليمن أكبر كارثة إنسانية في العالم، حيث بلغ عدد القتلى 10 آلاف على الأقل وثلاثة أرباع السكان في حاجة للمساعدات الإنسانية. يواجه اليمنيون أيضا مجاعة من صنع الإنسان وسوء التغذية وتفشي الكوليرا و الدفتيريا، ويرجع جزء كبير منها إلى حملة الغارات الجوية التي قادتها قوات التحالف بقيادة السعودية. في غضون هذه السنوات الثلاث، قام مشروع بيانات اليمن بتسجيل 16،749 غارة جوية نفذها التحالف.
في عام 2018، حقق فريق خبراء الأمم المتحدة في اليمن في عشر غارات جوية قام بها التحالف السعودي. ضربت تسع من الغارات العشر هذه منشآت مدنية: خمسة مبان سكنية، وسفينتان مدنيتان، وسوق واحد، وفندق صغير واحد. واستنتج الفريق أن التّحالف يستخدم أسلحة موجهة بدقة، مما يدل على أن الأهداف التي يستهدفها هي في الواقع الأهداف المقصودة.
مؤخراً، خفّفت إدارة ترامب القيود المفروضة على نقل الأسلحة التقليدية، ووضعت الاعتبارات الاقتصادية والأمنية والوظائف فوق حقوق الإنسان والمخاوف الإنسانية. إن سياسة ترامب تتناول موضوع حقوق الإنسان بشكلٍ موجز، وذكرت عبارة “حقوق الإنسان” مرّتين فقط. تنص هذه السياسة أنّ الولايات المتّحدة لن تأذن بنقل الأسلحة التقليدية إلى البلدان التي تخطط لارتكاب الإبادة الجماعية، وتنتهك قوانين الحرب الأخرى، أو مهاجمة المدنيين بطريقة متعمدة. ومع ذلك، يبدو أن الرئيس ترامب أقل اهتمامًا بتأثيرات نقل الأسلحة التقليدية على حقوق الإنسان مقارنةً بالرّئيس السابق أوباما. منذ تولّيه منصبه، قام الرئيس ترامب بعكس التعليق المبني على حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية ونيجيريا والبحرين. وفي المقابل، ركَّزت سياسة الرئيس السابق أوباما لنقل الأسلحة التقليدية على أهمية الدفاع عن حقوق الإنسان، وممارسة ضبط النفس وعدم السماح بعمليات النقل لتلك الحكومات التي ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان. كما قالت راشيل ستول من مركز ستيمسون، “لم نكن بحاجة لهذه السياسة كي نعرف كيف تشعر الادارة الأميركية [الجديدة] حيال حقوق الانسان.”
تُخَفّف هذه السياسة الجديدة القيود المفروضة على الأنظمة الجوية بدون طيار (UAS)والمركبات الجوية بدون طيار (VAS). سوف تسهّل لوائح التصدير بيع الطائرات الصغيرة بدون طيار وطائرات الاستطلاع بدون طيار. كما أعيد تصنيف الطائرات بدون طيار المزوّدة بتكنولوجيا الضرب كغير مسلَّح من أجل تخفيف ضوابط التصدير. قبل ذلك، تم بيع الطائرات بدون طيار الأمريكية فقط إلى المملكة المتحدة وإيطاليا وفرنسا. وما يثير القلق بشكل خاص هو أن سياسة نقل الأسلحة التقليدية ستعجل من قدرة الولايات المتحدة على تأمين صفقات أسلحة لحلف الناتو، والمملكة العربية السعودية (والشركاء الخليجيين الآخرين)، وغيرهم من حلفاء المعاهدات. كما سيسمح لبعض الطائرات بدون طيار بتخطي عملية المبيعات العسكرية الأجنبية والقيام بعملية البيع التجاري المباشرة بدلاً من ذلك. إن التغييرات في السياسة ليست مفاجئة للغاية، حيث وافقت وزارة الخارجية على عملية بيع بقيمة 2.3 مليار دولار إلى المملكة العربية السعودية، وهي أكبر الصفقات وأكثرها إثارة للقلق من بيع 1.38 مليار دولار من مدافع الهاوتزر.
على الرغم من تصريح مسؤول في البيت الأبيض لرويترز، “نحن ندرك أن نقل الأسلحة قد يكون له عواقب مهمة على حقوق الإنسان، ولا شيء في هذه السياسة يغير المتطلبات القانونية أو التنظيمية الحالية في هذا الصدد”، تبدو كما لو أن هذه السياسة الجديدة تفعل عكس ذلك. اتُهمت السعودية بارتكاب جرائم حرب في اليمن، وهي تهمة حظيت بتأييد من ممثل الولايات المتحدة الأمريكية رو خانا (D-CA) والسيناتور تيد ليو (D-CA) . وفقاً لمشروع البيانات اليمني، فقد استَهدفت 31٪ من جميع الغارات الجوية التي شنتها قوات التحالف السعودية منذ آذار/ مارس 2015 مواقع غير عسكرية.
تُصَدّر الولايات المتحدة أكثر من ثلث الأسلحة عالمياً وتقريباً نصف تلك الصادرات تذهب إلى الشرق الأوسط. من غير المستغرب أن السعودية هي ثاني أكبر مستورد أسلحة سنوياً، في حيث يأتي 61٪ منها من الولايات المتحدة. لا شك في أن الأسلحة التي تُصدّرها الولايات المتحدة إلى السعودية تُستخدم في شنّ غارتهم الجوية القاتلة على اليمن. بعد اتهامات متعددة بجرائم الحرب، قررت ألمانيا وهولندا وقف صادراتهم من الأسلحة إلى السعودية وأي مجموعة متورطة في نزاع اليمن. يجب على الولايات المتحدة أن تفعل مثل هاتين الدولتين وأن لا تسحب دعمها من التحالف الذي تقوده السعودية فحسب، بل أن توقف فوراً كل صادرات الأسلحة إلى السعودية. إذا لم يكن الاتهام بارتكاب جرائم حرب كافياً لتشجيع الولايات المتحدة على اتخاذ هذه الإجراءات الصعبة، يجب أن يكون ذلك ضرورياً من اجل الوصول الى حل سياسي ضروري جداً في البلد الذي مزقته الحرب.
ماكينا هولمن هي متدربة التحشيد في ADHRB