افتتحت المملكة المتحدة مؤخراً قاعدة عسكرية في البحرين في محاولة لتعزيز دورها “كفاعل رئيسي” في الشرق الأوسط. وقد افتتح الأمير أندرو رسميا الحفل الرسمي يوم الخميس الماضي ، أمام الحشد ، من بينهم ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد آل خليفة. تعتبر القاعدة هي أول قاعدة دائمة جديدة في المملكة المتحدة في الشرق الأوسط منذ عام 1971. وبذلك ستتمكن المملكة المتحدة من تشغيل سفن حربية أكبر في الخليج العربي بدعم من القاعدة الجديدة التي تبلغ كلفتها 40 مليون جنيه إسترليني في ميناء سلمان. وستستوعب القاعدة 500 من الجنود والملاحين والبحارة البريطانيين . لقد تدهور وضع حقوق الإنسان في البحرين بشكل أكبر خلال العام الماضي، لذا اختارت قيادة المملكة المتحدة الوقت غير الملائم لإبراز العلاقة المتزايدة من خلال فتح القاعدة ودعوة الأمير سلمان للحضور. فضلاً عن انَّ هذه الحالة من التقارب العام بين قادة البلدين هي جزء من اتجاه أكبر تظهر فيه المملكة المتحدة التزامها بالتحالف.
بَقِيَت العائلات الملكية البريطانية والبحرينية قريبة حتى مع تعميق المملكة المتحدة والبحرين لعلاقاتهما الثنائية. رغم قلَق جماعات حقوق الإنسان واهتمامهم بحقوق وطريقة معاملة البحرين للمتظاهرين المؤيدين للديمقراطية وأعضاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك الادعاءات الموثقة بالتعذيب والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي، دعت ملكة إنجلترا الملك حمد إلى احتفالات عيد ميلادها التسعين منذ عامين. ثم قبلت في العام الماضي هدية منه عبارة عن خيل أصيل .
جاءت هدية الملكة من الخيل الأصيل في أكتوبر 2017 بعد أقل من شهر من نشر منظمة العفو الدولية لتقرير يفيد بأن البحرين رفضت تنفيذ الإصلاحات الموعودة، وقد صعَّدت السلطات بشكل كبير من قمع المعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. كجزء من هذا القمع، أفاد ناشطون بحرينيون في المملكة المتحدة بأن عائلاتهم تتعرَّض للمضايقة والتهديد والاعتقال في البحرين، لكن المملكة المتحدة لم تتخذ إجراءات كافية للتحقيق في مثل هذه الهجمات الانتقامية. رداً على ذلك، قال سيد أحمد الوداعي – مدير التحشيد في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية ، لـ “ميدل إيست آي“: “يبدو ان الملكة تكافئ الملك حمد الآن، رغم انَّه أخذ واحتجز أفراد من عائلات مواطنين بحرينيين في مملكته كرهائن في محاولة جبانة منه لمنع البحرينيين المتواجدين في المملكة المتحدة من الاحتجاج. هذه الهدية هي في الواقع الضوء الأخضرالذي يشيرالى انه ليس هناك أية مشاكل مع الملك البحريني”.
تمتد علاقة بريطانيا الوثيقة مع البحرين أيضًا إلى مجال التعاون الأمني. في هذا الشهر فقط، انتُقدت بريطانيا لأنها درَّبت العميد فواز حسن الحسن ، قائد الشرطة الذي يشرف على المنشأة التي تسيء فيها السلطات وتعذب المنشقيِّن السياسيين. وباعتباره أكبر ضابط شرطة في مدينة المحرق، فإنه يرأس السجن حيث قامت قوات الأمن البحرينية بضرب واعتداء جنسي على نجاح أحمد يوسف ، وهي معارِضة سلمية تم احتجازها لانّها شاركت في فعاليّات على وسائل التواصل الاجتماعي. فضلاً عن، إبتسام الصايغ، وهي امرأة بحرينية أخرى تدافع عن حقوق الإنسان على وسائل التواصل الاجتماعي، أفادت أن قوات الأمن اغتصبتها في نفس مركز الشرطة بعد شهر واحد.
تبرّر المملكة المتحدة علاقتها الحميمة مع البحرين من خلال الادعاء بأن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين تثبت تقدم المملكة في مجال حماية حقوق الإنسان وتعزيزها. ومع ذلك، لا تمتثل المؤسسة الوطنيَّة لحقوق الإنسان امتثالاً كاملاً لمبادئ باريس التي تحكم المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، بعد أن فشلت في الحصول على تصنيف ” أ ” وحصولها بالتالي على درجة “ب” فقط. إن الفشل في الحصول على درجة “أ” ينبع من عملية تعيين أعضاء غير شفَّافين إلى حد ما، وعدم استقلال الحكومة، وعدم تقديم الدعم الكامل لجميع الشكاوى والمدافعين عن حقوق الإنسان، وعدم وجود مراقبة مُرضية لغُرف الاحتجاز، وعدم وجود تعاون كافٍ مع هيئات حقوق الإنسان الأخرى.
يجب على حلفاء البحرين في الغرب، ومن بينهم المملكة المتحدة والولايات المتحدة، أن يتوقفوا عن دعمهم للبحرين عسكريًّا ودبلوماسيًّا. لدى الحلفاء الغربيين قواعد عسكرية في البحرين ويقومون ببيع أسلحة ضخمة إلى مملكة الخليج، انَّ هذه العلاقة التجارية والعسكرية المريحة مدعومةٌ بالَّصداقة الشخصيَّة للقادة الغربيين مع الملك حمد، الأمر الذي يلقي بظلال من الشك على استعدادهم لإثارة بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان. في حالة المملكة المتحدة، يوضح فشل الحكومة المتكرر في إثارة المخاوف بشأن حقوق الإنسان على مستوى عالٍ تحديد أولويات الحكومة البريطانية لعلاقات العمل بسبب الانتهاكات المنهجية المنتشرة على نطاق واسع مثل التعذيب والإعدامات.