أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الجمعة 20 نيسان/ أبريل تقريرها السنوي لحقوق الإنسان لعام 2017 للمملكة العربية السعودية. ترحب منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) بشكل عام بالتقرير إلا أنها ما تزال قلقة بشأن عدة استثناءات. يتناول التقرير العديد من انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها الحكومة السعودية خلال العام الماضي. في الوقت الذي ترى فيه ADHRB أن التقرير جيد ومتوافق إلى حد كبير مع تقارير ووثائق المنظمة، نحث وزارة الخارجية على إدراك الطبيعة الهيكلية لانتهاكات حقوق الإنسان في السعودية والعمل مع المملكة للتصدي لها.
تسلط وزارة الخارجية في التقرير الضوء على العديد من قضايا وانتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك “عمليات القتل غير القانوني وعمليات الإعدام في غير الجرائم الأكثر خطورة ودون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، والتعذيب، والاعتقال والاحتجاز التعسفي للمحامين ونشطاء حقوق الإنسان والإصلاحيين المناهضين للحكومة والسجناء السياسيين، والتدخل التعسفي في الخصوصية.” ويبين التقرير أيضاً الطبيعة الهيكلية للعديد من انتهاكات حقوق الإنسان مشيراً إلى حظر المملكة الواسع للحريات الأساسية مثل حرية التعبير “بما في ذلك التعبير على الإنترنت وتجريم التشهير وحريات التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والحركة والدين”. وأبرز التقرير أيضًا افتقار المواطنين إلى الوسائل القانونية والقدرة على اختيار حكومتهم من خلال انتخابات حرة ونزيهة واستمرار انتشار العنف والتمييز بين الجنسين ضد المرأة.
والأهم من ذلك أن التقرير لا يزال ينتقد تصرفات المملكة العربية السعودية بشأن الإصلاح الجندري. رغم إعلان السلطات عن إصلاحات تتعلق بحقوق المرأة، لم تتناول هذه التطورات القيود الأساسية الهيكلية الناجمة عن استمرار انتشار نظام الوصاية الذكوري. وبهذه الطريقة، مع التسليم بالمبادرات الجديدة في مجال حقوق المرأة ومشاركة المرأة في الانتخابات البلدية لعام 2015، أبرزت وزارة الخارجية استمرار العنف وإقرار التمييز ضد المرأة رسمياً، وقد ذكر التقرير الحالات الرئيسية لهذه الانتهاكات بما في ذلك قضايا دينا علي لسلوم ومريم العتيبي.
وبالإضافة إلى حقوق المرأة، يذكر التقرير انتهاكات منهجية وواسعة النطاق ناشئة عن النظام القضائي للمملكة، لا سيما استخدام السلطات لقانون مكافحة الإرهاب وتقييد المجتمع المدني والجرائم الإلكترونية وقوانين النشر والصحافة. وتستخدم الحكومة هذه القوانين لتقييد حرية التعبير وحرية التجمع و حرية إنشاء الجمعيات، واستهداف النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان. وبالإضافة إلى تقييد الحريات الأساسية، تبرز وزارة الخارجية مزاعم التعذيب المتكررة والمخاوف من عدم وجود محاكمات عادلة وشفافة حيث يمكن للمدعى عليهم التوصل إلى مستشار قانوني والتواصل بشكل فعال مع محاميهم. إن الأثر التراكمي لهذه القيود والحظورات والحواجز هو نظام قضائي غير مؤهل لتحقيق العدالة للناشطين السلميين والمهاجرين والمعارضين.
وبينما شدد التقرير على هذه المشاكل وأبرزها، لم يشدد على المخاوف بشأن حقوق الإنسان في العديد من المجالات المهمة الأخرى، فعلى سبيل المثال يزعم التقرير أنه “لم تكن هناك تقارير عن حالات اختفاء من قبل السلطات الحكومية أو نيابة عنها”، وفي الواقع تم اختطاف ثلاثة أمراء سعوديين يعيشون في أوروبا وينتقدون الحكومة واختفى هؤلاء قسراً في السنوات الأخيرة. بين أيلول/ سبتمبر 2015 و شباط/ فبراير 2016، اختُطف الأمير سلطان بن تركي والأمير سعود بن سيف النصر والأمير تركي بن بندر، وحتى تاريخ كتابة هذا المقال لا توجد أية معلومات عن مكان وجودهم أو ظروفهم رغم أنه من المرجح أن يكونوا في السعودية. وبالمثل، أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش بأن مكان دينا علي لسلوم لا يزال مجهولاً في نهاية عام 2017 بعد إعادتها قسراً إلى المملكة العربية السعودية من الفيليبين عندما كانت في طريقها إلى أستراليا لطلب اللجوء.
كما أخطأ التقرير فيما يتعلق بسجن الأحداث مشيرًا إلى أن الأحداث “كانوا محتجزين في منشآت منفصلة عن البالغين وفقًا للمعلومات المتاحة”، ومع ذلك هناك حالة واحدة على الأقل في عام 2017 حيث نقلت فيها السلطات قاصرًا من سجن الأحداث إلى منشأة للبالغين، وتم نقل مرتجى القريريص من دار الملاحظة – وهو مركز احتجاز الأحداث في الدمام – إلى سجن الإدارة العامة للتحقيقات في الدمام. هذه القضية مثيرة للقلق بشكل خاص لأن الإدارة العامة للتحقيقات معروفة بتعذيب السجناء وإجبار الاعترافات قسرًا.
إن تقرير وزارة الخارجية لعام 2017 أقوى من تقرير عام 2016 لكنه يواجه بعض المشاكل نفسها، أي أنه ما يزال على نطاق واسع غير منتقد بما فيه الكفاية للمملكة وممارسات الحكومة. تم نقل عدة إشكاليات من تقرير عام 2016 إلى تقرير 2017 بما في ذلك عبارات مثل “الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي كان مشكلة في بعض الأحيان، وبحسب ما ورد لم تحترم السلطات دائمًا حق المعتقلين في الاتصال بأفراد عائلاتهم عقب الاعتقال.” وعلى النقيض من ذلك، وجدت ADHRB أن الاحتجاز المنعزل قضية متكررة ومنهجية تتزامن مع تعذيب المعتقلين، بدلاً من كونها “مشكلة في بعض الأحيان .”
قال حسين عبد الله المدير التنفيذي لـ ADHRB : “ترحب ADHRB بتركيز وزارة الخارجية على العديد من انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية ولا سيما طبيعتها الشاملة. إن تسليط الضوء على الطبيعة الهيكلية للانتهاكات والمخالفات يبعث رسالة مهمة أن الإصلاح سيتطلب أكثر من مجرد حملة علاقات عامة مبهرة. ومع ذلك، في حين أن هذا التقرير يُعد تحسناً عن ما سبقه، إلا أنه لا يزال يغفل عن بعض الانتهاكات ويبقى مترددا في انتقاد الحكومة السعودية بقوة. كحليف وثيق للحكومة السعودية، تتمتع الولايات المتحدة بنفوذ واسع يسمح لها بالضغط على السعودية لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها. إضافة إلى ذلك يجب على صانعي السياسة الأميركيين وأعضاء الإدارة العمل مع الحلفاء الدوليين لضمان محاسبة المملكة العربية السعودية على الانتهاكات وتنفيذ أجندة إصلاحية جادة. “
ترحب ADHRB بتقرير وزارة الخارجية رغم التحفظات على إخفاقها في التعامل بشكل ملائم مع جميع انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. ومع ذلك فإن التقرير يُمثّل تحسناً عن تقرير حقوق الإنسان لعام 2016 حيث سلطت الإدارة الضوء على المجموعة الواسعة من الانتهاكات بالتفصيل وذكرت الهوة الواسعة بين التشريع والممارسة. وحيث لم يكن تقرير عام 2016 منتقدًا بشكل كاف للحكومة السعودية فإن تقرير 2017 يوضح أن الحكومة مسؤولة عن مجموعة واسعة من الانتهاكات. تدعو ADHRB الولايات المتحدة إلى متابعة تقرير وزارة الخارجية للتأكيد على الاهتمام بحقوق الإنسان على الصعيدين العام والخاص، كما ندعو الولايات المتحدة إلى الاستفادة من نفوذها لصنع التغيير الإيجابي في سجل حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية.