قامت منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية و حقوق الإنسان في البحرين(ADHRB) ، يوم الثلثاء 6 مارس 2018، بندوة جانبية خلال الدورة السابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان. ركزت المنظمة فيها على تدهور حالة حقوق الإنسان في البحرين و عرضت إطار يمكن لمجلس حقوق الإنسان بموجبه معالجة انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين من خلال تحديد معايير موضوعية. وشارك في رعاية هذا الحدث كل من هيومن رايتس ووتش، والمركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان (ECDHR) ، و نادي القلم الدولي، و مراسلون بلا حدود، و “سيفيكوس”، و المنظمة الدولية لتبادل حرية التعبير، و لجنة حماية الصحفيين (CPJ)، و الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH)، ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية(BIRD) . وحضر الندوة أفراد من وفود الدول فضلا عن منظمات غير حكومية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى.
أدارت هذا الحدث سونيا تانسيك من FIDH، وشملت الندوة المتحدثين حنان صلاح، باحثة في هيومن رايتس ووتش، يوسف الحوري، ناشط بحريني؛ ومایکل باین، موظف التحشيد الدولي في ADHRB.
افتتحت السيدة سونيا تانسيك من FIDH ، الحدث بالترحيب بالمشاركين والضيوف، وأشارت إلى عدم اهتمام المجلس بالانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان في البحرين. وأشارت السيدة تانسيك إلى أنّ دولاً عدّة كرست نفسها مؤخرا لمجموعة من المعايير الموضوعية للعمل في مجلس حقوق الإنسان من شأنها أن تفرض و تجبر الدول على الردّ في حال حصول انتهاكات جسيمة ومنهجية متسقة، مما يُشكّل فرصة مهمة للمجلس للمشاركة في قضية البحرين.
عبّرت السيدة حنان صلاح عن قلق هيومن رايتس ووتش إزاء تدهور حالة حقوق الإنسان في البحرين. وعلى وجه الخصوص، قمع السلطات لحرية التعبير والإجراءات الجديدة التي يتخذها المسؤولون في إلغاء الجنسية، كوسيلة لعقاب الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان. وسلطت السيدة صلاح الضوء على الوقف المفاجئ لوقف التنفيذ الفعلي لعقوبة الإعدام في البحرين بإعدام رجال في يناير 2017، عرغم مزاعم التعذيب و سوء المعاملة و إجراءات المحاكمة غير العادلة. وأشارت السيدة صلاح أيضا إلى قرار الحكومة للسماح بمحاكمة المدنيين عسكرياً، واستعادة سلطات الاعتقال التابعة للوكالة الوطنية للأمن القومي، التي تم إلغاؤها بناء على توصية اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق في عام 2011. أثارت السيدة حنان صلاح أيضا مخاوف بشأن الطبيعة الهيئات الرقابية لحقوق الإنسان في البحرين، غير الفعالة، مثل أمانة المظالم بوزارة الداخلية، التي لم تنجح في عكس ثقافة الإفلات من العقاب التي تتمتع بها السلطات البحرينية لأفعال مثل التعذيب أو محاكمات غير عادلة، أو حتى التصدي لها.
طرحت السيدة حنان صلاح أيضا المخاوف المحيطة بقمع حرية التعبير، مشيرةً إلى أن هناك “مناخاً من الخوف” فيما يتعلق بحرية التعبير، مثل حل صحيفة الوسط، و هي المنفذ الإخباري الشبه المستقل الوحيد في البحرين، و حزب وعد السياسي . و يعكس إبطال حزب وعد قمع المساحة المدنية. وفي هذا السياق، أشارت إلى إجراء البحرين انتخاباتها قريباً، ولكنها ستجري في بيئة قمعية دون معارضة سياسية. و أوضحت صلاح في تصريحها أن هناك حالياً ما لا يقل عن 13 ناشطا في السجن، بمن فيهم نبيل رجب، لجرائم تتعلق بحرية التعبير، فضلا عن حظر السفر بحكم الأمر الواقع للمدافعين البحرينيين عن حقوق الإنسان: الصحفيون والناشطون والمدافعون عن حقوق الإنسان غير قادرين على السفر مما منعهم حضور مجلس حقوق الإنسان. ورداً على قضية إلغاء الجنسية، أشارت إلى أنه تم تجريد 578 شخصا من جنسيتهم منذ عام 2012، مع إلغاء الحكومة جنسية 72 شخصا في الشهرين الأولين من عام 2018 وحده. واختتمت كلمتها بتسليط الضوء على رفض حكومة البحرين باستمرار العمل بالتعاون مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، ورفضت السماح لسنوات لزيارات ولايات الإجراءات الخاصة.
استخدم السيد يوسف الحوري ملاحظاته لإبراز محنة المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين، ولا سيما الضغوط والتخويف والمضايقات التي يتعرض لها المدافعين عند تعاونهم مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان مثل مجلس حقوق الإنسان. افتتح تصريحه بالتحدث بشكل عام عن كيفية استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين بالاعتقال و بالتعذيب و بالمضايقة بسبب نشاطهم، قبل أن يتعمق في حالات محددة. وأشار إلى استهداف عائلة سيد أحمد الوداعي في البحرين لنشاطه في لندن. كما عرض السيد الحوري قضية التهديد الذي تعرّض له، و أخبر الحاضرين عن كيفية اعتقال السلطات البحرينية لأبيه و اتصلوا به من برلين من هاتف والده. هددوا بإلحاق الضرر بأفراد أسرته واعتقالهم إذا لم يعتذر للملك عن نشاطه في برلين باسم حقوق الإنسان في البحرين.
عندما رفض السيد يوسف الحوري الدعوة و أنهى المكالمة، عادت السلطات و اتصلت من هاتف شقيقته وهددوه بإيذاءها. وذكر السيد الحوري أنه سمع شقيقته تبكي عبر الهاتفي. أشار أيضا إلى رغبات ضحايا السلطات البحرينية في رفع قضاياهم أمام المجتمع الدولي و المنظمات غير الحكومية الأخرى، لأن الحكومة البحرينية وآلياتها الرقابية لن توفر، ولا يمكنها أن توفر، أي شكل من أشكال الانصاف.
اختتم تصريحاته بدعوة مجلس حقوق الإنسان إلى اتخاذ قرار أو أي شكل آخر من أشكال الضغط العام على الحكومة البحرينية، مشيرا إلى أن الوضع تدهور بشكل ملحوظ، منذ عام 2011: احتجزت الحكومة البحرينية أكثر من 50،000 شخص، وهناك حاليا أكثر من 4000 معتقل في السجون البحرينية. وأشار إلى أن آلية الاستعراض الدوري استخدمت في الماضي اللغة القاسية التي وردت في طلبات الدول والمنظمات غير الحكومية، و يأمل أن يتابع المجتمع الدولي ذلك باتخاذ إجراءات صارمة.
افتتح السيد مايكل باين كلمته بالقول إن حالة حقوق الإنسان في البحرين أسوأ مما كانت عليه في السنوات السابقة، رغم أنّ الرأي العام اتّفق على أنّ سنة 2011 كانت بارزةً بالعنف و الفساد. وأبرز بشكل خاص التراجع منذ يونيو 2016. وذكر أن الدولة مارست العنف عام 2011 بطرق عديدة مثل ردّة فعلهم القاسية على الاحتجاجات الشعبية، ولكن منذ ذلك الحين، قامت البحرين بإضفاء الطابع المؤسسي على أساليب القمع والقضاء على المجتمع المدني، وذلك باستخدام المحاكم اعسكرية لمحاكمة المدنيين، واقتراح تشريع يجرم التعليقات على تويتر وغيرها من أشكال وسائل الإعلام الاجتماعية بموجب قانون مكافحة الإرهاب.
انتقد السيد باين لا مبالاة المجتمع الدولي في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي، ولا سيما مجلس حقوق الإنسان، كانا يستجيبان جدا في أعقاب حملة قمع عام 2011 مباشرة، ولكن منذ عام 2015، تراجع المجلس والجهات الفاعلة الدولية الأخرى عن اهتمامهم بانتهاكات حقوق الإنسان في البحرين والالتزام بمعالجتها. وأشار السيد باين إلى أن المفوض السامي لحقوق الإنسان قد بذل عدة محاولات لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين من خلال آليات متعددة، إلا أن حكومة البحرين رفضت مرارا المشاركة البناءة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان. كما أن مكاتب الإجراءات الخاصة كانت ناشطة في البحرين، حيث أدانت انتهاكات المملكة مرات عديدة: منذ عام 2011، تضمّن كل تقرير مشترك قضايا مرفوعة في البحرين. رغم ذلك، تواصل البحرين رفض السماح بزيارات مكاتب الإجراءات الخاصة. في هذه المرحلة لم تكن تتم زيارة المكلف بالولاية إلى البحرين منذ عام 2006، على الرغم من الطلبات المتكررة. وكرر السيد باين تعليقات السيدة حنان صلاح قائلا إن مؤسسات حقوق الإنسان في البحرين “هيئات فارغة” لا تتبع ولاياتها أو تنفذها بفعالية وليست مستقلة. أيّد السيد باين رأي السيدة صلاح والسيد الحوري في قضايا الانتقام وحظر السفر بحكم الأمر الواقع على المجتمع المدني البحريني في مجلس حقوق الإنسان.
اختتم كلمته بملاحظة عن أهمية المعايير الموضوعية التي أثارتها ايرلندا والتي أشارت إليها السيدة صلاح، لمعالجة الانتهاكات الجارية والجسيمة والمنهجية في البحرين. و بما أنّ هذه المعايير تُطبَّق على البحرين، ينبغي أن تُدرج المملكة في جدول أعمال المجلس. وينبغي أن يكون استخدام هذه المعايير لتحليل حالة حقوق الإنسان وسيلة جيدة لإلغاء تسييس عمل المجلس والنضال من أجل إثارة قضايا ذات أهمية بالنسبة لدول محددة. كما أنّه أشار إلى الضرورة تكثيف الضغط العام و الدولى و وتكثيف الارادة السياسية حتى الشعور بالضغط، بما اننا لم نصل بعد الى هذا المستوى.
طرحت السيدة تانسيك مجموعة من الأسئلة المتعلقة بكيفية معالجة المجلس للفساد في البحرين، وسألت ماذا يمكن أن يفعل المجلس أكثر؟ هل يكفي أن يستمر المجلس بذكر البحرين؟ ما هو سبب عدم استجابة المجلس للوضع في البحرين؟
أتى رد السيد باين على أن جهود المجلس ليست كافية حتى الآن. وقد بذلت الحكومة البحرينية جهوداً مشتركة لعزل الزعماء السلميين من الحركة الاحتجاجية، لأن في حال تكتّلت هذه المشكلة مع المشاكل الاقتصادية المتزايدة و المسائل التي ستؤثر تسويتها على الموارد المالية، قد يؤدي ذلك إلى زيادة الإحباط لدى الشباب و يخلق العنف بينهم. هذا ما لا يريد أن يشهده أحد، و ما يضغط عليه المجتمع المدني، رغم أن الحكومة قامت بقمعه بشكل منهجي. فرصة انتخابات عام 2018 يمكن أن تؤدي إلى تحسينات، حيث تريد المملكة البحرينية أن تكسب السمعة الطيبة خلال الانتخابات. ويمكن للمجتمع الدولي أن يستخدم ذلك كمقدمة، ولكن يتمّ ذلك عبر وجود إرادة سياسية كبيرة هي غائبة حتى الآن. أخيراً، هناك حاجة ملحة أكثر في حال آلت الأمور للتغيير بشكل ملحوظٍ وأفضل.