تنتهز منظمة أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) هذه الفرصة خلال الدورة السابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإثارة القلق البالغ إزاء تدهور حالة حقوق الإنسان في البحرين. شهد العام الماضي بعضاً من أسوأ الإنتهاكات لحقوق الإنسان في المملكة منذ عقود. منذ بداية عام 2017، تعرض الناشطون والمدافعون عن حقوق الإنسان للتعذيب وسُجنوا تعسفياً؛ قتلت الشرطة المتظاهرين السلميين في غارات عنيفة؛ أُغلق المجال السياسي تماماً؛ و تمتّع مُرتكبي هذه الانتهاكات بالإفلات من العقاب على جرائمهم.
- سجن المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين في المجال السياسي
واصلت حكومة البحرين الإعتقال التعسفي والتعذيب والحرمان من الرعاية الطبية للمدافعين البحرينيين عن حقوق الإنسان والناشطين السياسيين في عام 2017. حكمت المحكمة في تموز/يوليو، على المدافع عن حقوق الإنسان نبيل رجب بالسجن لمدة سنتين بسبب “نشر شائعات وأخبار كاذبة” فيما يتعلق بالمقابلات الإعلامية. وفي قضية منفصلة، يواجه رجب إتهامات أخرى مثل “نشر شائعات كاذبة في وقت الحرب” و “إهانة السّلطات العامة” و “إهانة دولة أجنبية.” وتنبع هذه الإتهامات من تعليقات نشرها على حسابه على تويتر يُبرز فيها مزاعم التّعذيب في سجون البحرين وينتقد دور البحرين في العملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن. إذا أُدين رجب، سيواجه 15 سنة إضافية في السجن.
تعرّض رجب، رطوال فترة احتجازه، لمعاملة قاسية وأوضاع معيشية لا إنسانية، بما في ذلك الحبس الإنفرادي المُطوّل. وذكر رجب أن زنزانته قذرة ومليئة بالحشرات. ونتيجة لذلك، تدهوَرَت صحة رجب، ممّا أدى إلى تكرار دخوله المستشفى. كما تعرض للمعاملة المُهينة من قبل الحراس ، بما في ذلك حلاقة شعره بالقوة، ومُداهمة زنزانته بشكل تعسفي في الليل، ومُصادرة أغراضه الشّخصية.
كما تعرّضت ناشطة بحرينية أخرى، إبتسام الصّايغ، للمضايقات والإحتجاز والتّعذيب مراراً في عام 2017. تم إستجواب الصّايغ بشكل متكرر و ذلك من يناير/ كانون الثاني إلى أبريل/ نيسان، وخاصة بعد مشاركتها في الجلسة الرابعة والثلاثين للجنة حقوق الإنسان؛ تمّ استجوابها مراراً ؛تعرّضت لحملة تشهير، و حظر السّفر؛ وللتهديد بهجمات على عائلتها. تمّ إستدعاء الصّايغ، في مايو / أيار، لإستجوابها من قبل وكالة الأمن الوطني وتعذيبها جسديًا ونفسياً وجنسياً. هدّدت السّلطات بمواصلة إستهداف الصايغ وأسرتها إذا لم تتوقف عن أنشطتها في مجال حقوق الإنسان. اعتقلت الحكومة الصايغ في أوائل يوليو/تموز، واتّهمتها فيما بعد بتهم “إرهابية” لا أساس لها من الصحة مع ناشطين آخرين. وعلى الرغم من إطلاق سراحها في أكتوبر/تشرين الأول، فإنّ التّهم الموجهة إليها لا تزال قائمة.
كما شهد العديد من سجناء الرأي الذين سُجنوا تدهورمعايير الإحتجاز في عام 2017. فعلى سبيل المثال، يعاني الدكتور عبدالجليل السنكيس – وهو أكاديمي ومدوّن وناشط حقوقي بحريني سُجن منذ عام 2011 – يُعاني عدد من الحالات الصّحية الخطيرة والمستمرة التي لم يتم علاجها طوال فترة احتجازه، بما في ذلك شلل الأطفال التي تركته مشلول جزئيا في كلا السّاقين. كما شُخّص الدكتور السنكيس بفقر الدم المنجلي، وارتفاع ضغط الدم، ومشاكل صحية متعلقة بالأذن الداخلية، بما في ذلك الالتهاب والدوار. إلاّ أن السلطات منعت عنه باستمرار العلاج الطبي المنتظم الذي يحتاجه الدكتور لمعالجة هذه الأمراض وكذلك الجراحة التي يحتاج إليها نتيجة للتعذيب الذي تعرض له أثناء اعتقاله الأولي.
وبالمثل، فإن الناشط حسن مشيمع، الذي سُجن مع الدكتور السنكيس في أعقاب احتجاجات عام 2011، هو من الناجين من سرطان الغدة الليمفاوية ويخضع لأوامر الأطباء لتلقي الفحوصات السرطانية المنتظمة. ومع ذلك، فإن سلطات السجن منعته من حضور أي من مواعيده منذ أيلول / سبتمبر 2016.
- استخدام القوة المفرطة والقتل خارج نطاق القضاء
كان العام الماضي أيضاً من الأكثر دموية في البحرين منذ عقود، حيث ارتكبت السلطات ما لا يقل عن 9 عمليات قتل خارج نطاق القضاء. وفي 15 كانون الثاني / يناير، أنهت الحكومة الوقف الفعلي لعقوبة الإعدام بإعدام ثلاثة محتجزين بعد محاكمة غير عادلة انتهكت الإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك التعذيب والاعترافات القسرية. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، هاجم أفراد أمن ملثمون، يُعتقد أنهم أعضاء في وكالة الأمن الوطني، اعتصاماً سلمياً في قرية الدراز، حيث أطلقوا الرصاص الحي على الحشد وقتلوا مصطفى حمدان البالغ من العمر 18 عاماً. تم تفريق الاعتصام بشكل دائم في 23 أيار/مايو عندما داهمت قوات الأمن مرة أخرى الدراز، واعتقلت هذه المرة المئات وقتلت خمسة أشخاص، بمن فيهم الأخ الأكبر ل حمدان.
- إغلاق المجال المدني والسياسي
فرضت الحكومة البحرينية قيوداً إضافية على الحريات السياسية في عام 2017، مما أغلق تقريباً مساحة المعارضة الرسمية قبل الانتخابات البرلمانية لعام 2018. وفي آذار / مارس، قامت وزارة العدل بحل “وعد”، وهي آخر مجموعة معارضة كبرى لا تزال تعمل في البحرين، مشيرة إلى ادعاءات غير مؤكدة “بالتحريض على أعمال إرهابية وتعزيز العنف والإنقلاب بالقوة” على الحكومة بعد أن أصدرت الجماعة بياناً حول “الأزمة السياسية الدستورية في المملكة”. تم تأكيد حل المجموعة في أكتوبر / تشرين الأول، وهو ما يمثل القضاء شبه التام على المعارضة السياسية الرسمية في البحرين.
استخدمت الحكومة أيضاً حظر السفر الانتقامي والاحتجاز التعسفي لمنع الجهات الفاعلة المستقلة في المجتمع المدني البحريني من مغادرة البلاد لإشراك المجتمع الدولي، بما في ذلك آليات الأمم المتحدة. وقبل انعقاد الدورة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل للبحرين في أيار / مايو ، فرضت الحكومة حظراً على السفر على ما لا يقل عن 32 جهة فاعلة من المجتمع المدني، على سبيل المثال. ونتيجة لذلك، لم يتمكن سوى ثلاثة ناشطين بحرينيين مستقلين من حضور الدورة، مقارنة ب 47 مشارك على الأقل خلال الدورة الثانية في عام 2012. وتم منع نضال السلمان، وهي عضو بارز في مركز البحرين لحقوق الإنسان (BCHR)، من مغادرة البحرين خمس مرات خلال العام الماضي. فشلت السلطات في إعطائها سببا لأي الحظر، مما منعها في نهاية المطاف من حضور دورات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومنتدى المنظمات غير الحكومية التابع للاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان.
- إفلات الجناة من العقاب
فشلت الحكومة تماماً في مساءلة المسؤولين عن الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان مثل التعذيب والإحتجاز التعسفي، واستمر هذا الفشل في عام 2017. إن هيئات حقوق الإنسان والرقابة في البحرين، ومن أبرزها الأمانة العامة للتظلمات في وزارة الداخلية، وحدة التحقيقات الخاصة التابعة لمكتب النيابة العامة، ولجنة حقوق السجناء والمحتجزين، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان – ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحكومة، وهي غير قادرة أو غير راغبة في معالجة القضايا المعروضة عليها على نحو سليم. وعلى الرغم من البلاغات والشكاوى المتكررة من منظمات حقوق الإنسان المستقلة والإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، فإن هذه الهيئات الرقابية لم تفي بولاياتها، وعملت أحياناً على إخفاء انتهاكات الحقوق التي يجب عليها التحقيق فيها. ولم يُلاحق إلا عدد قليل من المسؤولين ذوي المراتب المتدنية وأُدينوا، ولم تعكس معظم الأحكام عن خطورة الجرائم. في الوقت نفسه، تُواصل قوات الأمن ارتكاب انتهاكات منهجية بل وحتى الانتقام من أصحاب الشكاوى الذين شاركوا في آليات المساءلة.
لا يزال الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، على وجه الخصوص، متفشياً. في حزيران/ يونيو 2017، علّقت وزارة شؤون الإعلام البحرينية لأجل غير محدد صحيفة “الوسط“، الصحيفة المستقلة الوحيدة في البحرين. وتعرض كريم فخراوي، المؤسس الشريك لصحيفة “الوسط” للتعذيب حتى الموت من قبل وكالة الأمن الوطني البحرينية في عام 2011، وبينما قامت الحكومة بالتحقيق في القضية وسط ضغط عام، لم يتم الحكم على المسؤولين بتهمة التعذيب حتى الموت، مما قد يؤدي إلى السجن المؤبد. بدلاً من ذلك، حُكم على المسؤولين في نهاية المطاف بالسجن ثلاث سنوات فقط. في عام 2012، توفي الصحفي المستقل أحمد إسماعيل حسن الصمادي بعد إطلاق النار عليه أثناء تصويره احتجاجاً في قرية سلماباد. وبعد وفاة حسن، دعت الأمم المتحدة إلى التحقيق في مقتله، إلا أن حالة التحقيق القضائي في القضية لا تزال تعتبر دون حل.
يتمتع أفراد العائلة المالكة بالحصانة بشكل خاص من التحقيق والملاحقة القضائية. وظهرت أدلة موثوقة على أن الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة – ابن الملك وقائد عسكري كبير – أشرف على الاعتقال التعسفي والتعذيب أثناء قمع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في عام 2011، على سبيل المثال. وأبدى الشيخ ناصر بتعليقات علنية تشير إلى عزمه على القيام بأعمال انتقامية ضد الناشطين، وأبلغ اثنان من قادة المعارضة المسجونين أنه قام بتعذيبهم شخصياً. وفي عام 2014، قضت المحكمة العليا في لندن بإلغاء الحصانة الملكية بعد أن رفع أحد اللاجئين البحرينيين تحت اسم “ف. ف” قضية ضده في المملكة المتحدة. ومع ذلك، فإن حكومة البحرين لم تحقق أبداً الشيخ ناصر وتواصل الاعتراض على هذه الادعاءات.
- التوصيات
بحلول نهاية عام 2017، وصلت حالة حقوق الإنسان في البحرين إلى مستوى متدنّي جديد. كثفت الحكومة جهودها لإغلاق المجال المدني والسياسي المستقل، وتواصل السلطات إساءة معاملة الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين دون عقاب. لذلك نحث المجتمع الدولي على دعوة حكومة البحرين إلى:
- التقيد بالتزاماتها الدولية بدعم الحريات الأساسية وحقوق الإنسان الأساسية؛
- الإفراج عن جميع سجناء الرأي الذين يواجهون اتهامات ناشئة عن حرية التعبير السلمي أو نشاط حقوق الإنسان، بمن فيهم نبيل رجب وإبتسام الصايغ والدكتور عبد الجليل السنكيس وحسن مشيمع.
- ضمان حرية تنقّل المدافعين عن حقوق الإنسان في جميع الظروف بإلغاء ممارسة إصدار حظر انتقامي على السفر؛
- السّماح لمجموعات المعارضة السياسية بالعمل بحرية، بما في ذلك عن طريق استعادة وضع المجتمعات المنحلة بشكل تعسفي مثل وعد.
- محاسبة جميع المسؤولين عن الانتهاكات بما في ذلك التعذيب والاحتجاز التعسفي.