حكمت المحكمة الجنائية العليا في البحرين يوم الأربعاء 21 فبراير 2018 على المدافع عن حقوق الإنسان نبيل رجب بالسجن لمدة خمس سنوات في انتهاك صارخ لحرية التعبير. واجه رئيس مركز البحريني لحقوق الإنسان، رجب، ملاحقةً دائمة بسبب نشاطه، و يقضي حالياً عقوبة السجن لمدة سنتين بتهمة الإدلاء بتصاريحٍ في مقابلات مع وسائل الإعلام. بعد سبع سنوات على انتفاضة 2011 المؤيدة للديمقراطية، يؤكد الحكم الصادر أخيراً بسجنه على التخلي شبه التام عن الإصلاح في البحرين. تُدين منظمة أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين قرار المحكمة بمعاقبة نبيل رجب على عمله في مجال حقوق الإنسان بأقوى العبارات الممكنة، و تدعو المنظمة حكومة البحرين إلى الإفراج عنه فوراً و عن جميع المعتقلين الآخرين الذين احتجزوا لمجرد ممارستهم حقّهم في حرية التعبير.
استهدفت مراراً السلطات البحرينية رجب انتقاماً من نشاطه في مجال حقوق الإنسان، و جرى اعتقاله الأخير في يونيه 2016. وبعد أكثر من عام على التأجيل و من إجراءات المحاكمة غير العادلة و من ظروف اعتقال قاسية سابقة للمحاكمة، حكمت المحكمة الجنائية العليا في يوليو 2017 على رجب بالسجن لمدة سنتين بسبب “نشر و إصدار الشائعات والأخبار الكاذبة” (المادة 134 من قانون العقوبات). وجاءت هذه التهم عقب مقابلات تلفزيونية أجراها في عامي 2015 و 2016، حيث ناقش خلالها القيود المفروضة على حرية الصحافة في البحرين. استأنف رجب القرار لكن الحكم أُيّد مرتين، مع تأكيد نهائي في 15 يناير 2018 من محكمة العليا في البحرين.
حكم على رجب بخمس سنوات إضافية بتهمة “تسريب شائعات كاذبة في وقت الحرب” (المادة 133 من قانون العقوبات)، و “إهانة السلطات العامة” (المادة 216 من قانون العقوبات)، و “إهانة دولة أجنبية” (المادة 215 من قانون العقوبات)، نابعة من التعليقات التي نشرت على حسابه الخاص على تويتر حيث يوثق التعذيب في سجون البحرين وينتقد دور البحرين في العملية العسكرية التي شنّتها السعودية على اليمن. و كانت السلطات قد اعتقلت رجب لهذه المجموعة من الجرائم في 2 أبريل 2015، لكن الملك أعفا عنه في يوليو لأسباب صحية. و مع ذلك، ظلت التهم قائمة، وبدأت الحكومة بمحاكمته مرة أخرى في 12 يوليو 2016. مددت الساطات المحاكمة ما يقرب 20 شهرا بين إعادة الجدولة المتكررة والتأجيل منذ اعتقاله مجدداً في يونيو.قد يصل مجموع أحكام التهم إلى 15 عام سجنٍ، و هو مألوف على النيابة العامة البحرينية أن تستأنف هكذا إدانة ناجحة سعياً إلى إصدار حكم أشد.
إن التهم الموجهة ضد رجب تتعارض مع الحق في حرية التعبير، والادعاء ب “نشر شائعات كاذبة” لا أساس له على الإطلاق، كما وثّق مراقبون موضوعيون في الأمم المتحدة – بما فيهم المفوض السامي لحقوق الإنسان، و معاون الأمين العام لحقوق الإنسان، و لجنة مناهضة التعذيب – الانتهاكات التي برزتها التغريدات المعنية.علاوة على ذلك، منذ الاعتقال، ذكر معاون الأمين العام و لجنة مناهضة التعذيب قضية رجب تحديداً من بين تقارير أخرى عن الاعتقال التعسفي والتعذيب والإنتقام في البحرين.
تعرض رجب لمعاملة قاسية و ظروف معيشية غير إنسانية خلال فترة احتجازه. و قد احتجزته السلطات البحرينية في معظم فترة ما قبل المحاكمة، لعدة أشهر، في الحبس الإنفرادي في زنزانة غير صحية في المركز الشرقي لشرطة الرفاع، ما يخالف الأحكام القانونية البحرينية التي تقضي على التقصير استخدام العزل. و قد عانى رجب من التهابات جلدية حادّة و الحصى المزمن في المرارة، و أمراض أخرى. و تمنعت السلطات من تأمين الرعاية الطبية المناسبة له. تدهورت حالة رجب الصحية عقب ذلك و تم نقله مرَّتين إلى المستشفى. بعد نقله إلى سجن جاو في أكتوبر 2017، تعرض إلى معاملة مهينة من قبل الحراس، بما في ذلك حلاقة شعره بالقوة، و الهجوم على زنزانته بشكل تعسفي في الليل، ومصادرة أغراضه الشخصية. و أفاد المركز البحريني لحقوق الإنسان، و الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، و مركز حقوق الإنسان في الخليج في يناير 2018، بأنه يبدو أن إدارة السجن تتدخل عمداً في العلاج الطبي الخاص برجب. و في فبراير 2018، قبل الإدانة الأخيرة، منعت السلطات رجب من حضوره جنازة خالته، ما يخالف للقانون البحريني.
بالاضافة الى الحكمين بالسجن لمدة سنتين وخمس سنوات، قد يواجه رجب عقوباتٍ أخرى بالسجن بسبب الاتهامات الجديدة الموجهة إليه أثناء احتجازه. و رغم أن الإجراءات لم تبدأ رسميا، هددت السلطات باتّهام رجب ب “نشر أخبار وبيانات كاذبة وشائعات خبيثة تزعزع هيبة الدولة” فيما يتعلق برسائل نشرت في صحيفة نيويورك تايمز و لوموند. علاوة على ذلك، اتهمته الحكومة في 12 سبتمبر 2017 ب “نشر أخبار كاذبة” و “التحريض على الكراهية ضد النظام” و “التحريض على عدم الامتثال للقانون” على مواقع التواصل الاجتماعي التي نُشرت على حسابه الخاص على تويتر و إنستغرام في حين كان محتجراً لدى الشرطة منذ يناير 2017. و ما زالت القضية تحت تعيين المحاكمة ويمكن تفعيلها في أي وقت.
تأتي أحدث إدانة رجب إثر تخفيف حلفاء البحرين الأقربين ضغتهم من أجل الإصلاح. رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية، من بين دول أخرى، دعت في الماضي إلى الإفراج عن رجب، إلا أن وزارة الخارجية قد بدأت بالتراجع عن موقفها مؤخراً. و أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية نهار الثلاثاء 20 فبراير عن “خيبة أمله” و “قلقه الشديد” حيال استهداف “ناشط بارز في مجال حقوق الانسان” مثل رجب لكنه رفض طلب الافراج عنه قائلا أن الولايات المتحدة تواصل “المحادثات” مع الحكومة البحرينية. و يأتي هذا البيان الضعيف في أعقاب قرار صادر عن إدارة ترامب بإلغاء نص حقوق الإنسان من عقد بيع الأسلحة التي تصل إلى البحرين، و إثرَ تفويضٍ عقده أعضاء الكونغرس في بداية هذا الأسبوع. كما أنه يصدر على رغم مخاوف قادة الكونغرس الأخيرة، من بينهم عضو الكونغرس جيم ماكغفرن من لجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان و السيناتور رون وايدن، اللذين دعا خلال الذكرى السابعة لانتفاضة البحرين المؤيدة للديمقراطية الأسبوع الماضي، و بشكلٍ صريح، إلى إطلاق سراح رجب.
قال حسين عبد الله المدير التنفيذي لمنظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية و حقوق الإنسان في البحرين(ADHRB) : “إن قرار اليوم بتمديد السجن التعسفي لنبيل رجب هو هجوم واضح ليس فقط على المدافعين عن حقوق الإنسان، بل على الحريات الأساسية في البحرين أيضاً “. “التهم نفسها هي انتهاكات فظيعة لحرية التعبير، و االادعاء بنشر ’أخبار وهمية‘ هو محاولة خبيثة ساخرة لمعاقبة الناشط لمجرد قيامه بعمله: كشف حقيقة الانتهاكات الشديدة. على الولايات المتحدة – و بالأخصّ السيد ترامب، بصفته واحد من أبرز مؤيدي هذه العبارة الخطيرة ’الأخبار المزيفة‘ – أن تدعو علناً و على الفور حليفها إلى تحرير نبيل رجب و إسقاط جميع التهم. واذا لم تتصرف الإدارة فإن الكونغرس بحاجة الى التدخل والقيام بما هو مناسب للولايات المتحدة والبحرين “.
نبيل رجب واحد من آلاف البحرينيين المستهدفين لممارستهم حقوق الإنسان الأساسية مثل حرية التعبير والتجمع، بينما يوجد في المملكة حالياً ما بين 3000 و 4000 سجين سياسي. على المدافعين عن حقوق الإنسان التمتع بحريّة أداء عملهم، و ألا يعد رجب قضية استثنائية. و من خلال سجن رجب لمجرد التكلم عن الانتهاكات، تنتهك البحرين حقه المحمي دولياً في حرية التعبير بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ويجب أن يٌطلق سراحه دون قيد أو شرط. كما تدعو ADHRB مجلس المجتمع الدولي – وخاصة الحلفاء الرئيسيين مثل الولايات المتحدة – إلى الإصرار على إسقاط البحرين فوراً لجميع التهم الموجهة ضد نبيل رجب وإنهاء جميع أشكال الانتقام ضد نشطاء المجتمع المدني.