أكملت الثورة البحرينية التي انطلقت في الرابع عشر من فبراير 2011 عامها السابع، ولم تتوقف الأعمال القمعية التي تستهدف المواطنين من سحب للجنسيات واعتقالات تعسفية ومحاكمات غير عادلة وغيرها بل تزايدت وتيرتها من دون خجل !! وفي إشارة واضحة على مدى تدهور سجل حقوق الإنسان في البحرين، أفاد تقرير أصدره “ذي ايكونوميست انتليجانس” إنّ موقع البحرين على مؤشر الديمقراطية لعام 2017 تدهور إلى 146 من إجمالي الدول ال 167. وحصلت البحرين على تقدير 2.71 بعد أن كانت 3.53 في العام 2006.
لم تختلف مطالب الشعب البحريني في عام 2011 عن تلك التي يُطالب بها اليوم، فبعد مرور سبع سنوات على انطلاق شرارة الثورة لا يزال الشعب يُطالب بإنهاء الفساد والقمع. وما زالت قوات الأمن البحرينية تستخدم الأساليب القمعية ضد المطالبين بحقوق الإنسان. في عام 2011 وبعد المواجهة الدموية ضد المواطنين المحتجين في دوّار اللؤلؤة، واجهت الحكومة ضغوطات دولية كبيرة ممّا دفع الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى تكليف اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق (لجنة بسيوني) التحقيق في الاضطرابات التي وقعت. ووجدت اللجنة أن السلطات تقوم بارتكاب انتهاكات جسيمة، بدءاً من الاعتقال التعسفي إلى القتل والتعذيب وأصدرت عدة توصيات إصلاحية للسيطرة على الوضع المضطرب الذي كان قائماً آنذاك. وفي هذا الصدد، وفي جلسة عقدتها منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين في 16 فبراير 2016، مع لجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان من الكونغرس الأميركي، تمّ التطرّق إلى تخلي الحكومة عن برنامج إصلاح اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق تقريبا بشكل كامل في السنوات الأخيرة تقريبا. ومن الجدير بالذكر أيضاً أن الحكومة لم تفشل فقط في تنفيذ تلك التوصيات بل أنّ أسلوبها القمعي قد أخذ في التصاعد وقد تبيّن ذلك من خلال الكثير من الإجراءات التي بدأت الحكومة بتنفيذها. وفي تقرير لها في يوليو 2011، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنّ السلطات أقدمت على اعتقال ما يزيد على 1000 شخص وتمّ وضع العديد من الأطباء والمدرسين قيد الحبس الإنفرادي.
ومع مرور السنوات لم تعمل الحكومة على التحسين من سياساتها، بل كانت الأوضاع تزداد تدهوراً عاما بعد عام. وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، فإنّ الأوضاع تفاقمت بعد مرور عامين على الثورة، حيث كانت هناك حالات موثقة تبيّن إدانة المدعى عليهم في “جرائم” تتعلّق فقط بالتعبير السلمي عن الآراء السياسية أو بممارسة حرية التعبير عن الرأي أو التجمع السلمي. ومثال على ذلك، فقد تمّ توجيه اتهامات لرئيس جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان تتعلّق بإهانته لوزارة الداخلية، وذلك على خلفية قيام الشيخ سلمان بالتطرق إلى ملف حقوق الإنسان في البلاد. وتفاقم الوضع في عام 2015 عندما ازداد عدد الاعتقالات ذات الدوافع السياسية وتزايدت حالات سوء المعاملة في السجون بهدف انتزاع الاعترافات.
وفي 1 ديسمبر 2015 وافق مجلس النواب البحريني على تعديل بعض المواد من قانون مكافحة الإرهاب. ويمنح التعديل الجديد في القانون مأموري الضبط القضائي صلاحيات إضافية، من بينها الحق في احتجاز المعتقل إلى مدة 28 يوما من دون توجيه اي تهمة اليه. وتلجأ الحكومة البحرينية لاستخدام هذه القوانين في محاكمة المعارضين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان وزعماء المعارضة السياسية. وتعّدت هذه الإجراءات المعارضيين السياسيين والنشطاء الحقوقيين لتشمل رجال الدين، ففي 6 ديسمبر 2015، وافق مجلس الشورى على عدة مواد إضافية في قانون 26 لسنة 2005 بشأن الجمعيات السياسية، ومن بينها منع رجال الدين الذين هم أعضاء في الجمعيات السياسية من إلقاء الخطب الدينية. واستمر التضييق على رجال الدين الشيعة عندما تمّ إسقاط جنسية أكبر مرجعية دينية في البحرين الشيخ عيسى قاسم وذلك في 20 يونيو 2016.
ووصل الأمر ذروته مع قيام البحرين بمنح المحاكم العسكرية صلاحية أكبر في محاكمة المدنيين وذلك عام 2017. وفي 25 ديسمبر 2017 حكمت المحكمة العسكرية الكبرى في البحرين على 6 بحرينيين بالإعدام. وفيما تمّ وصفه بأنّه ضربة صادمة لحقوق الإنسان، أقدمت السلطات البحرينية في 15 يناير 2017 على إعدام ثلاثة مواطنين وهم سامي مشيمع، عباس السميع وعلي السنكيس. وفي حلقة نقاش عقدتها منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين بتاريخ 20 سبتمبر 2017، تمّ التطرق لعدد التوصيات التي ارتفعت بشكل ملحوظ من ثماني توصيات في المراجعة الأولى للاستعراض الدوري الشامل في البحرين إلى ما يقارب ال 200 توصية في المراجعة الثانية، مما يعكس التراجع الخطير والمقلق في سجل البحرين الحقوقي.
تطالب منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، السلطات بالتخلي عن كل السياسات والإجراءات القمعية التي اتبعتها خلال السنوات الماضية ولا زالت. وتحث المنظمة المجتمع الدولي أن يتابع الأوضاع الحقوقية المتدهورة في البحرين وأن يقوم بالضغط على السلطات للتخلي عن سياساتها ولتنفيذ أي توصيات من شأنها أن تقضي على الحالة المتدهورة التي وصلت إليها الأوضاع في المملكة. وفي هذا العام، على السلطات في البحرين أن تتخذ مساراً مغايراً وأن توقف أعمال الإعتقالات التعسفية بلا مبرر وسحب الجنسيات وغيرها من الممارسات، فهذا العام سيكون هناك انتخابات برلمانية، ولا انتخابات حرة مع وجود السجناء السياسيين والمطالبين بحقوق الإنسان وراء القبضان. وتدعو المنظمة البحرين إلى الالتزام باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادتان 7 و 9) والبحرين طرف في كل من هذه المعاهدات.