في خطوة برهنت أنّ الممارسات القمعية في البحرين مستمرة في التصاعد، أصدرت المحكمة العسكرية الكبرى في 25 ديسمبر 2017 حكما بالإعدام بحق ستة متهمين وأسقطت الجنسية عنهم بعد إدانتهم بتهم من بينها “تشكيل خلية إرهابية والشروع في اغتيال القائد العام لقوة دفاع البحرين المشير خليفة بن أحمد آل خليفة”. وحكمت المحكمة بالسجن سبع سنوات على سبعة متهمين آخرين مع إسقاط الجنسية عنهم. وتعد أحكام الإعدام هذه الأولى منذ تعديل الدستور الذي سمح بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. وتسلّط حادثة إصدار أحكام الإعدام الضوء على ما جرى في عام 2011 وتحديداً في 15 مارس-آذار، حين صدر مرسوم ملكي ببدء “حالة السلامة الوطنية” وأسفر عن إنشاء محاكم عسكرية خاصة، أُطلق عليها محاكم السلامة الوطنية، التي تقوم في التحقيق في الجرائم التي أدّت إلى إعلان حالة السلامة الوطنية. ولا تختلف ذريعة محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية بين عامي 2011 و2017 كثيراً، ففي 2011 حوكم المدنيين بحجة الحفاظ على السلامة الوطنية وفي العام السابق، برّر مسؤولون في وزارة الداخلية والقوات المسلحة الأمر بأنّ التعديل الدستوري يسمح للجهات المختصة بإحالة الجرائم التي تشكّل “ضرراً على المصلحة العامة” إلى القضاء العسكري.
في نيسان- أبريل 2017، صدّق ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة على تعديل دستوري من شأنه السماح بمحاكمة المدنيين في محاكم عسكرية. وقد استبدل التعديل فقرة في الدستور تنص على حصر المحاكمات العسكرية بالجرائم التي يرتكبها عسكريون ورجال أمن. وسرعان ما تمّ العمل بهذا التعديل، عندما أحيل فاضل السيد عباس حسن رضي، سيد علوي حسين، محمد عبد الحسين المتغوي، مرتضى السندي، حبيب الجمري، والموظف في السلك العسكري مبارك عادل مهنا إلى القضاء العسكري. سبق هذا الاجراء قيام الحكومة البحرينية بإخفاء كل من علوي وعباس ومتغوي بشكل قسري عن ذوويهم وحرمتهم من أن يلتقوا أو يصلوا اليهم والى محاميهم .. ففي قضية سيّد علوي، مارست البحرين أسلوب الإختفاء القسري. ففي 24 أكتوبر 2016، اعتقلت قوات الأمن سيد علوي في مكان عمله في شركة البحرين للاتصالات السلكية واللاسلكية “بتلكو”. وفي الأسابيع التي تلت اعتقاله، تلّقت عائلة علوي تفاصيلاً متناقضة وغير واضحة حول مصيره. وطوال فترة اعتقاله، لم يتمكن علوي من التواصل مع عائلته إلا ثلاث مرات، بين أواخر نوفمبر 2016 وأواخر فبراير 2017، إلى جانب محادثة أخيرة في 27 يوليو 2017 لم تدم إلا دقيقة واحدة. وباعتقال علوي لمدة سنة من دون توجيه أي تهمة له وإخفاءه قسراً، انتهكت البحرين أبسط الحقوق الإنسانية. وقد بذلت عائلة علوي محاولات عدة للإتصال بمديرية التحقيقات المركزية للحصول على معلومات وترتيب زيارة لسيد علوي ولكن دون نجاح. وفي 22 كانون الثاني/يناير 2017، طلبت الأسرة إجتماعا مع مدير مديرية التحقيقات المركزية ولكنه رفض مقابلتهم. وقد بعثت العديد من المنظمات، ومنهم منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، رسالة إلى الحكومة البحرينية تطالب فيها بالكشف عن مصير سيد علوي. وكما حصل في قضية علوي، أقدمت قوات الأمن في28 سبتمر 2016على مداهمة منزل المعتقل فاضل عباس رضي وعمدت إلى إخفاءه قسراً ولم تقدم القوات أية مذكرة تفويض بتوقيفه أو تفتيش المنزل، كما لم تقدّم توضيحا عن سبب احتجازه.
تخرق المحاكم العسكرية في البحرين المتطلبات الأساسية الواردة في القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يرفض وبقوة محاكة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. وهذه الأخيرة ليست سوى أداة بيد السلطات البحرينية لإصدار الأحكام بحق ضد المدعى عليهم وإدانتهم في جرائم تزعم أنّها خطيرة. وتدين منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان بشدة إصدار أحكام الإعدام بحق المدنيين الستة وتُطالب بإلغاء الحكم إلى حين الإفراج الفوري عنهم، كما تُدين جميع الإنتهاكات ونهج الإختفاء القسري الذي يبدو وأنّ السلطات في البحرين باتت تستخدمه كطريقة لتجنب كل الإتهامات التي تُوجه ضدها.