إلياس فيصل الملا هو شاب بحريني من مواليد العام 1991، اعتقلته قوات الأمن البحرينية في 11 مايو 2012 بعد اتهامه بحرق دورية أمنية. شهدت قصة الياس منعطفا كبيرا في العام 2015 بعد أن بدأ رحلته مع مرض السرطان داخل قضبان سجن جو، مُنع خلالها من حقه في تلقي العلاج لفترات عديدة وهو ما تسبب في مضاعفات صحية جعلت حياته معرضة لخطر الموت لعدة مرات ولا زالت حتى الآن .
بداية وبعد انطلاق الحراك الشعبي المطالب بالديمقراطية عام 2011، كان الياس الملا من الذين داهمت قوات النظام منزل عائلته واعتقتله في العام 2012 من دون أي مذكرة اعتقال رسمية. اقتيد الياس إلى الإدارة العامة للتحقيقات والمباحث الجنائية، حيث تعرّض للتعذيب النفسي والجسدي، ليتم بعدها نقله إلى سجن الحوض الجاف وبعد إصدار الحكم عليه نقل إلى سجن جو المركزي. مارست القوات البحرينية أسوأ أساليب التعذيب بحق إلياس من ركل، حرمان من النوم والأكل، حرمان من أداء الصلاة، وإجباره على الوقوف لساعات طويلة. وتحت وطأة التعذيب، أُجبر الياس على التوقيع على اعترافات كاذبة وحُكم عليه بالسجن لمدة 15 عام. وتمّ توجيه عدة اتهامات له من بينها الشروع في قتل أحد عناصر القوات الأمنية.
وفي شهر مايو 2015 بدأ الياس يشكو من ألم شديد في بطنه إلى أن أُدخل في الأول من أغسطس 2015 إلى المستشفى العسكري. ولم تُبلّغ سلطات السجن عائلة المعتقل بخبر نقله إلى المستشفى. وقام أحد المعتقلين بالاتصال بوالدة الياس وأبلغها أنّ ولدها قد نُقل إل المستشفى. وتوجهت الوالدة لزيارته في 6 أغسطس 2015، إلاً أنّها منعت من ذلك. وبعدها ذهبت إلى سجن جو المركزي للحصول على موافقة بالزيارة، إلاً أنّ المسؤولين هناك رفضوا ذلك. ولم تتمكّن من رؤيته إلا في العاشر من أغسطس، لتتفاجأ بمدى تدهور حالته الصحية. وبعد مرور يومين، أي في 12 أغسطس 2015، أبلغت الطبيبة المعالجة أم الياس بخبر إصابة ولدها بمرض السرطان وبحاجته للخضوع لجلسات العلاج الكيماوي. حاولت الوالدة مراراً وتكراراً الحصول على نسخة من التقارير الطبية، إلاَ أنّ طلبها دائماً ما كان يُقابل بالرفض. وبعد محاولات عديدة، نجحت الوالدة بعد مرور أكثر من شهر في استلام التقارير الطبية، أي في 29 سبتمبر 2015. وتأكدت حينئذ أنّ الياس مصاب بسرطان الغدد الليمفاوية في مرحلته الثالثة وقبل الأخيرة.
لم تمنع معاناة الياس من الآثار الجانبية المؤلمة للعلاج كتساقط الشعر وفقدان بعض أسنانه، السلطات البحرينية من اقتياده من وإلى المستشفى وهو مكبّل اليدين والرجلين بالقيود. وبسبب إهمال السلطات في سجن جو المركزي، لم يتمكّن الياس من تلقي علاجه بشكل منتظم. وإلى يومنا هذا، لم تحصل العائلة على نتائج فحوصات المتابعة التي خضع لها الياس للتأكد من عدم عودة المرض مرة أخرى. وبحسب معلومات حصلت عليها منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، قامت الوالدة بإرسال رسائل إلى كل من إدارة سجن جو المركزي وقاضي تنفيذ العقاب ومحكمة التمييز، تطلب فيها تسليمها التقارير الطبية من مستشفى السلمانية وتخبرهم بما يتطلبه ولدها من ضرورة الحصول على علاج بأسرع وقت ممكن، ولم تحصل على رد من أي من هذه الجهات حتى الآن. وفي هذا الإطار نلفت إلى الفقرة 2 من المادة 25 من القواعد النوذجية الدنيا لمعاملة السجناء والتي تنص على أنه (على الطبيب أن يقدم تقريرا إلى المدير كلما بدا له أن الصحة الجسدية أو العقلية لسجين ما قد تضررت أو ستتضرر من جراء استمرار سجنه أو من جراء أي ظرف من ظروف هذا السجن).
وبالرغم من قيام والدة الياس بتقديم أكثر من شكوى عند مكتب الأمين العام للتظلمات التابع لوزارة الداخلية، تشكو فيها الإهمال الذي كان يتعرّض له ولدها داخل السجن، إلا أن السلطات البحرينية أبقت الياس في نفس الظروف رغم وضعه الصحي المتأزم. ولم تأبه بالمطالبات التي توجهت بها عدد من المنظمات الحقوقية للإفراج عنه ، كونه “يحتاج لمرافقٍ دائمٍ ومتابعةٍ صحيّة لا تتوفّر داخل أماكن الاحتجاز”. وطالبت بالإفراج الفوري عن الياس “بسبب حالته الصحية غير المستقرة”. وأيضاً بحسب آخر المستجدات التي حصلت عليها منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، لم يتمكن إلياس من الحصول على العناية الطبية المناسبة وذلك بسبب تعذّر تأمين الملف الطبي، وبالتالي لم تكن هناك نتيجة واقعية محسوسة تُذكر.
لا يزال الياس فيصل الملا اليوم، القابع في سجن جو المركزي، يعاني من أعراض صحية مقلقة، كضيق في التنفس، ارتفاع ضغط الدم، ألم حول محيط الكلى وفقدان جزئي للرؤية. وتستدعي حالته الصحية تدخلاً عاجلاً لا تتوافر داخل أماكن الاحتجاز.. وليس منع المعتقل الياس من الحصول على رعاية طبية دقيقة، إلا انتهاكاً للمادة 12.1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي يؤكد حق الفرد في الحصول على أفضل مستوى من الرعاية الصحية في ظل الظروف المحلية. وتعد إساءة معاملة المعتقل الياس والحكم عليه انتهاكاً لحقوقه الإنسانية الأساسية التي يتوجب على البحرين ضمانها وبالتالي أن تفي بالتزاماتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة التي صادقت عليها.
تدعو منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين إلى الإفراج الفوري عن المعتقل الملا أو التعهد بتقديم جميع العلاجات الصحية المناسبة له إلى أن تتم محاكمته بشكل عادل من خلال إثبات جميع الاتهامات الموجهة له بالدلائل والوثائق. فالمسؤولية هنا في وضع الياس الصحي تقع أولاً وأخيراً على عاتق الحكومة البحرينية التي، وبآذان صماء وضمائر نائمة تجاهلت ما رأته أمامها من وضع إنساني مزر ولم تأبه بمناشدات المنظمات الحقوقية بالإفراج عن إلياس.