في 29 و 30 تشرين الأول / أكتوبر، حاكمت المملكة العربية السعودية اثنين من المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان، عصام كوشاك وعيسى النخيفي على التوالي. وكان النخيفي قد اعتقل في البداية في عام 2012 بعد أن ظهر في برنامج تلفزيوني واتهم السلطات السعودية بالفساد وانتهاكات حقوق الإنسان. تم اعتقال كوشاك في يناير/كانون الثاني 2017 واتهم ب “تحريض الرأي العام” و “دعم الهاش تاغ لإنهاء نظام ولي الأمر للمرأة (#أنا_ الوصية_على_نفسي)”. وعلى الرغم من محاكماتهم التي كان من المقرر أن تجري في 3 أكتوبر / تشرين الأول التي أجلها النائب العام، حوكما أخيرا من قبل قاضي “غير مستقل” بحسب ما ورد. ومن المتوقع أن يعاد حكم كوشاك في 28 تشرين الثاني/نوفمبر، و إعادة حكم النخيفي في 19 تشرين الثاني/نوفمبر.
النخيفي هو ناشط، ومحامي بارز في مجال حقوق الإنسان، ورئيس التحرير السابق لصحيفة الواقة الإلكترونية. وهو مدافع عن الأشخاص الذين نزحوا قسرا من الحدود بين السعودية واليمن، وهو معارض للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. وكثيرا ما يُستهدف الناشطون والمدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون عند الحدود السعودية اليمنية لعملهم ضد التحالف، والنخيفي هو معارض صريح لهذه الأعمال. وفي عام 2009، قام بتوثيق قصص ما يقرب 12،000 من السكان السعوديين الذين طردوا قسرا من جيزان، وهي مقاطعة على الحدود. بسبب عمله، تم القبض على النخيفي في 13 سبتمبر 2012، بعد أن استُدعي من قبل مديرية التحقيقات العامة، بتهمة “عدم المواطنة الصالحة” – وهو مصطلح شامل غالبا ما يُستخدم لإدانة الناشطين لمشاركات في وسائل الإعلام الإلكترونية. وفي كلماته المنقولة عنه، اعتُقل النخيفي “بسبب كشفه عن الفساد في مدينة جيزان التي يقودها نائب الأمير عبد الله السويد والمافيا في المدينة التي أصدرت مذكرة توقيف بحقي أُرسلت إلى التحقيق الجنائي لاعتقالي في محافظة العريضة “.
أُطلق سراح النخيفي من السجن في منتصف عام 2016 بعد أن قضى أربع سنوات تقريبا. ثم، بعد بضعة أشهر فقط في 18 كانون الأول/ديسمبر 2016، اعتقل مرة أخرى. وتشمل التهم الجديدة “تحريض الرأي العام ضد الحكام” و “إهانة السلطات” و “الدعوة إلى الإفراج عن الأفراد المنتسبين إلى منظمات محظورة مثل الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية (ACPRA) ، والتواصل مع أعضاء مزعومين من المعارضة “. ويدّعي أن السلطات قامت بتعذيبه أثناء احتجازه، وقام بالإضراب عن الطعام للدفاع عن نفسه. بينما كان ينتظر آخر محاكمة له عام 2017، كان النخيفي محتجزا في سجن الحائر الجنائي في الرياض حيث تم نقله من سجن مكة العام في أغسطس/آب.
واحتجزت السلطات السعودية كوشاك، وهو ناشط مهتم في فضح الفساد السعودي والدفاع عن حرية التعبير، في يناير/كانون الثاني 2017 لدى وصوله إلى مديرية التحقيقات العامة، حيث كان يستجيب للاستدعاء. وذكر أنه لم يتمكن من التواصل مع أسرته أو محاميه في انتظار محاكمته. وأثناء احتجازه، تأخرت محاكمته بشكل مستمر وتم تمديد فترة احتجازه مرارا، وكان يتم نقله إلى سجون مختلفة، منها سجن الحائر الجنائي في الرياض وسجن مكة العام. وأثناء احتجازه، أخضعه المسؤولون لاستجوابات عنيفة ومهينة واستجوبوه عن عمله الدفاعي في مجال حقوق الإنسان، ولا سيما الآراء التي أعرب عنها في حسابه الشخصي على تويتر.
ويتحمل كل من مكتب التحقيقات والادعاء العام (BIP) ومديرية التحقيقات العامة (GID) مسؤولية إساءة معاملة كوشاك والنخيفي وتعذيبهما، فضلا عن تهمهما الزائفة المتعلقة بالتعبير. إلى جانب كوشاك والنخيفي، استهدفت هاتان المؤسستان العديد من المواطنين السعوديين الذين كانوا شجاعين بما فيه الكفاية للتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان. ومنذ فترة طويلة، أشرف وزير الداخلية على كلتا الوكالتين – الوكالة المسؤولة عن العديد من انتهاكات الحقوق في السعودية. ولا تزال مديرية التحقيقات العامة (المعروفة أيضا باسم المباحث) تخضع لسلطة وزير الداخلية وهي تعمل كشرطة سرية في المملكة. وتحقيقا لهذه الغاية، قامت باستهداف واعتقال وتعذيب عددا كبيرا من المواطنين السعوديين، ولا سيما الناشطين في مجال حقوق الإنسان، والمعارضين السلميين، وأفراد الأقلية الشيعية في المملكة. وحيثما كانت مديرية التحقيقات العامة مسؤولة عن استهداف السجناء واحتجازهم، فإن مكتب التحقيقات والادعاء العام هو المسؤول عن محاكمة وإدانة السجناء، بمن فيهم العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين والمعارضين السلميين. وتقول هيومن رايتس ووتش إن مكتب التحقيقات والادعاء العام مذنب “بمضايقات، واستدعاءات لا متناهية للاستجواب، والاحتجاز التعسفي، والملاحقة القضائية في محاكمات غير عادلة بشكل صارخ بشأن تهم زائفة ومضحكة”.
إن عصام كوشاك وعيسى النخيفي ليسا سوى بعض من أحدث المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يقعون ضحية لقمعية الحكومة السعودية. لقد تم استهدافهم لأنهم سعوا إلى ممارسة حقهم المعترف به دوليا في حرية التعبير، ولا تتم مُعاقبتهم على نحو غير عادل فحسب، بل أيضا مُحاكمتهم بشكل غير عادل، وربما يُحكم عليهم بشكل غير عادل بالسجن فقط للتعبير عن آراء مخالفة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها حكومتهم. ومثل العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان الآخرين، أفيد بأن الاثنين تعرضا لأنواع مختلفة من التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز. يجب الإفراج عن كوشاك والنخيفي، وعن جميع سجناء الرأي في السعودية، وحمايتهم من إمكانية انتقام الحكومة في المستقبل لعملهم في مجال حقوق الإنسان.
صوفي ماريانوس هي متدربة في منظمة ADHRB