في 1 نوفمبر 2017، أنشأت المملكة العربية السعودية قانونا جديدا لمكافحة الإرهاب. ويحل هذا القانون، الذي يتألف من 96 مادة (27 منها تتناول العقوبات فقط)، محل قانون مكافحة الإرهاب الأخير الذي صدر في ديسمبر 2013. بدلا من استخدام ما يقرب من أربع سنوات منذ آخر مرور للقانون لتحسين التشريعات التي انتُقدت بشدة لأوجه القصور، أصدرت المملكة مرسوما “يتضمن نفس العيوب التي تحلى بها سلفه ولا يزال يتبع نفس النهج القمعي غير المقبول”.
وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة النطاق لقانون مكافحة الإرهاب السابق، فإن الحكومة السعودية لم تفعل الكثير في طريق الإصلاح. وكان قانون عام 2013 قد واجه انتقادات ليس فقط من منظمات حقوق الإنسان، بل أيضا من المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب بن إيمرسون. زار إيمرسون المملكة العربية السعودية في أوائل عام 2017، بعد عدة سنوات من إقرار قانون مكافحة الإرهاب لعام 2013. وعلى غرار تحليلات منظمات حقوق الإنسان للقانون، وجد أن القانون يفتقر إلى تعريف قوي ومحدد بما فيه الكفاية “للإرهاب”. وأشار إلى أن “التعريف الواسع وغير المقبول” في القانون يُستخدم لقمع حرية التعبير، ولم يمتثل للمعايير الدولية. ووفقا لما ذكره ايمرسون، فإن قانون عام 2013 “يسمح بتجريم نطاق واسع من أعمال التعبير السلمي”، الأمر الذي أشار إليه بعض منتقدي القانون الجديد أيضا. وقال فى تقريره الرسمي عن زيارته للمملكة “إنني أدين بشدة استخدام تشريعات مكافحة الارهاب والعقوبات الجنائية ضد الافراد الذين يمارسون سلميا حقوقهم في حرية التعبير والدين والجمعيات”.
في تحليلها للقانون الجديد، تثير منظمة القسط مخاوف خطيرة، مرددةً التحفظات حول القانون السابق. كما تشير المنظمة إلى أن تعريف السعودية “للإرهاب” و “أعمال الإرهاب” هو موضع خلاف كبير دوليا، وليس له أساس قانوني متين. وبسبب التعريف الغامض والملتبس للإرهاب، يمكن تطبيق هذا القانون على عدد من الحالات. فعلى سبيل المثال، يستخدم القانون “إخلال بالنظام العام” و “تقويض أمن المجتمع واستقرار الدولة” و “تعريض الوحدة الوطنية للخطر” و “عرقلة نظام الحكم الأساسي” لتعريف الأعمال الإرهابية، مما يضع الناشطين والصحفيين وأعضاء المعارضة في خطر متزايد من الانتقام المباشر والاضطهاد. وعلى الصعيد الدولي، فإن تعريف الإرهاب يشمل استخدام العنف سعيا لعمل إرهابي. ومع ذلك، فإن العنف غير مدرج في القانون السعودي الجديد. ويذكر فقط العنف في مواد القانون التي تحدد الاستخدام المناسب للتعذيب ضد السجناء والمحتجزين.
إن القانون الجديد يجرم ارتكاب أو التحريض على أعمال معينة تُعتبر أعمال إرهابية لا يمكن إنكارها. فعلى سبيل المثال، يمكن للأفراد الذين يسيطرون على شن هجمات إرهابية أثناء حملهم الأسلحة والمتفجرات أن يُسجنوا لمدة ما بين 10 و 30 عاما. وبالمثل، يمكن لأي شخص يتلقى تدريبا من خلية إرهابية حول استخدام الأسلحة والمتفجرات والمواد الكيميائية وأجهزة الاتصالات السلكية واللاسلكية أن يُسجن من 20 إلى 30 سنة. غير أن القانون يترك مجالا غير واضح في بعض أوصاف العقوبة: إن إنشاء خلية إرهابية يحمل عقوبة تتراوح بين 10 و 25 سنة، ولكن مصطلح “خلية إرهابية” غير مُعرّف بوضوح. ومع ذلك، فإن أحد أكثر العقوبات المثيرة للقلق هي تلك ضد الأفراد الذين “يسيئون استخدام مركزهم بأي شكل من الأشكال إما على المستوى الأكاديمي أو الاجتماعي أو وسائل الإعلام لترويج الإرهاب”. ومن المرجح أن يُستخدم هذا القانون ضد الناشطين، ويأتي مع عقوبة سجن تصل إلى 15 عام.
كما تساهم المادتين 3 و 10 من هذا القانون الجديد في زيادة المخاطر التي يواجهها الصحفيون والناشطون. وتجرم المادة 3 مختلف الأعمال غير العنيفة مثل “تغيير نظام الحكم” و “عرقلة نظام الحكم الأساسي أو أحكامه” و “حث الدولة على القيام بأي عمل أو الامتناع عن القيام به”. وهذه الإجراءات أساسية في نجاح عمل الناشطين في المنطقة، والصياغة الغامضة لهذه الأحكام من المحتمل أن يساء تفسيرها من قبل عملاء الحكومة واستخدامها ضدهم. وتشكل المادة 10 مزيدا من المخاطر على الناشطين، من خلال التعدي على حقهم في الإجراءات القانونية الواجبة وحرية التنقل من خلال إدارة حظر السفر دون إبلاغ المتضررين.
ويتمثل أحد التغييرات الإيجابية بين هذا القانون و القانون السابق في حذف عبارة “الإضرار بسمعة الدولة ومركزها” من تعريف الإرهاب، مما يساعد في إيضاح تعريف المملكة الغامض و الملتبس للإرهاب. غير أن هذا الإجراء يتناقض بشكل مباشر مع المادة 30 التي تعتبر “تصوير الملك وولي العهد بأي طريقة تسيء إلى سمعة الدين والعدل” جريمة إرهابية يعاقب عليها بالسجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات وتصل إلى عشر سنوات.
فيما أن المملكة العربية السعودية ذائعة السيط كأحد أسوأ مرتكبي جرائم الإعدام في العالم، فإن هذا القانون يساهم أيضا في زيادة سمعة المملكة السيئة بسبب الإفراط في استخدام عقوبة الإعدام، وخاصة فيما يتعلق بأحكام عقوبة الإعدام في المادتين 40 و 41. تنص المادتين على أنه إذا قام فرد بعمل إرهابي يؤدي إلى وفاة أحد، فإن الفرد سيواجه عقوبة الإعدام. كما يتضمن القانون أحكاما بشأن استخدام القوة من قبل الأفراد العسكريين وأفراد الشرطة في إطار أنظمة محددة (المادة 15). لكنه لا يتضمن أية قوانين فعلية لهذا الاستخدام للقوة. وعندما تكون هذه المواد مقترنة بالانتهاكات المباشرة للإجراءات القانونية الواجبة الواردة في المواد 10 و 19 و 20 و 27، فإن هذه المواد تشكل سببا كبيرا للقلق.
في حين أن القانون الجديد يغير بعض الأشياء، فإنه لا يزال مشابها جدا للقانون السابق. فعلى سبيل المثال، لا يحظر أو يدين القانون الجديد التعذيب، على عكس سابقه. وكثيرا ما يشار إلى “استخدام القوة” في القانون، ولكن لا توجد مبادئ توجيهية تنظيمية. ونتيجة لهذه القضايا وغيرها، بما في ذلك تعريف الإرهاب المتنازع عليه على نطاق واسع، فإن القانون مليء بالعيوب ولا يصلح للتنفيذ القانوني. قد يدّعي هذا القانون الحماية، ولكن من المرجح أن يُستخدم من قبل قوات أمن الدولة كأداة لتنفيذ أعمال العنف ضد الناشطين. يجب أن يشمل تعريف الإرهاب استخدام العنف لتجنب سوء التفسير. ويجب تعديل انتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة في مختلف مواد القانون، وحماية النشطاء الذين يعبرون عن آراء مخالفة بشكل واضح في هذا القانون.