في 2 نوفمبر 2017، تحتفل منظمة أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) باليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، والذي أنشأته الأمم المتحدة. وفي جميع أنحاء العالم، توفي أكثر من 900 صحفي في السنوات العشر الماضية، في خلال قيامهم بعملهم بتغطية ونشر الأخبار والمعلومات للعامة. ولكن لم تنجح سوى حالة واحدة فقط من بين كل عشر حالات بإدانة المسؤولين. وتحث الأمم المتحدة، في القرار A/RES/68/163، جميع الدول الأعضاء على “تنفيذ تدابير محددة لمواجهة ثقافة الإفلات من العقاب الحالية”. يجب أن ينتهي العنف ضد العاملين في الإعلام والصحفيين، وأن تُجلب جميع الجهات المتورطة في استهداف الصحفيين إلى العدالة.
تعتبر البحرين من بين أسوأ البلدان في مجال حرية الصحافة في العالم. وقد تلقت المملكة تصنيفات منخفضة للغاية في تقرير كل من “مراسلون بلا حدود” السنوي للمؤشر العالمي لحرية الصحافة، وتقرير حرية الصحافة السنوي الصادر عن دار الحرية. وفي عام 2017، احتلت البحرين المرتبة 163 من أصل 180 بلدا قيمتها منظمة “مراسلون بلا حدود”، مما جعلها أعلى من المملكة العربية السعودية ترتيباً فقط من حيث حرية الإعلام في دول مجلس التعاون الخليجي. وحصلت البحرين على درجة 87 في تقرير “دار الحرية” لعام 2017، حيث درجة 100 تعني تقييد الإعلام بشكل كامل. ويأخذ التقرير في الاعتبار البيئة القانونية والسياسية والاقتصادية لكل بلد، ويعود انخفاض درجة البحرين إلى حد كبير إلى القيود الواسعة المفروضة على حرية التعبير – ولا سيما الانتقادات الحكومية والمعارضة السلمية. فعلى سبيل المثال، يجرم قانون مكافحة الإرهاب الواسع النطاق في المملكة أي شيء يحدده بأنه مسيء إلى الملك.
واستخدمت السلطات البحرينية على نحو متزايد تشريعات مثل هذه لقمع المجتمع المدني ككل، فالحكومة تقوم بتفكيك ما تبقى من مساحة للمجتمع المدني في المملكة بشكل منهجي. وفي أعقاب الاحتجاجات الجماهيرية المؤيدة للديمقراطية في عام 2011، كثفت الحكومة اضطهادها والرقابة على جميع الأصوات الناقدة من الصحفيين المدنيين والمهنيين، إلى المدافعين عن حقوق الإنسان والزعماء الدينيين. وعلى الرغم من أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة أصدر تصريحات سابقة تقول أن حرية الصحافة “حجر أساس لحقوق الإنسان ومرآة لديمقراطيتنا الوليدة”، فإن أقواله تتناقض تماما مع استمرار حكومته في قمع الصحافة المنفتحة والنزيهة. بل إن السلطات قد منعت الصحفيين الأجانب من الدخول وطردتهم، كما قامت بمحاكمة الناشطين لمجرد إجراء مقابلات، مثل القائد للمعارضة إبراهيم شريف، والمدافع عن حقوق الإنسان نبيل رجب.
في السنوات الأخيرة، تعرض أفراد من وسائل الإعلام للمضايقات والاعتداءات والاعتقالات والترحيل والمحاكمة في البحرين. في هذا العام فقط، علّقت الحكومة صحيفة الوسط، آخر صحيفة مستقلة في البحرين، بشكل تعسفي، مما أجبرها على تسريح أكثر من 150 موظفا، وأوقفت أعمالها. حتى قبل هذه الحادثة، عرضت الحكومة مرارا صحيفة الوسط للإيقاف والقيود تعسفياً، كما أنها فشلت في التحقيق في حالات التخويف والمضايقات. اعتُقل الصحفيون بشكل متكرر أو رُفض الاعتراف الأكاديمي المحلي بهم وسط حملات التشهير عبر الإنترنت التي تستهدف الصحيفة.
في عام 2011، اعتقلت وكالة الأمن القومي البحرينية كريم فخراوي، الشريك المؤسس لصحيفة الوسط، وعذبته حتى الموت. وعلى الرغم من أن الحكومة حققت في القضية وسط ضغوط عامة، لم توجه أي تهمة بالتعذيب المؤدي إلى الوفاة الى المسؤولين المعنيين، مما يمكن أن يؤدي إلى السجن مدى الحياة. وبدلا من ذلك، حكم على اثنين من المسؤولين في نهاية المطاف بالسجن ثلاث سنوات فقط مع امكانية الاستئناف، مما يساهم بنشر ثقافة الإفلات من العقاب في البحرين.
صحافية أخرى استهدفتها السلطات البحرينية هي نزيهة سعيد، مراسلة البحرين لفرنسا 24 وراديو مونتي كارلو الدولي باللغة العربية. في مايو / أيار 2011، احتجزت الشرطة سعيد بعد أن غطت عملية قتل من قبل الشرطة خلال الاحتجاجات، وعرّضوها للتعذيب الشديد. على الرغم من أن سعيد تعرفت بشكل مباشرة عن المرتكبين، فإنهم لم يخضعوا للمساءلة. في يونيو 2016، وُضعت سعيد على لائحة حظر السفر دون إنذار أو تبرير، ومؤخرا قامت الحكومة باحتجازها وتغريمها أكثر من 2000 دولار أمريكي بزعم أنها تقدم تقارير دون إذن رسمي أو ترخيص. وتصر على أن وثائق التصديق قد قُدّمت في موعدها، وأن هذا الإجراء هو انتقام منها بسبب عملها.
وقد واجه المصوران حسين حبيل وأحمد حميدان اعتداءات مماثلة. حبيل الحاصل على جائزة كصحفي مستقل والذي يوثق الاحتجاجات غالباً. اعتقل في يوليو / تموز 2013 واقتيد إلى مديرية التحقيقات الجنائية للتحقيق معه، حيث قامت السلطات بتعذيبه وحرمانه من العلاج الطبي للحالة التي يعاني منها في القلب. وأُدين في وقت لاحق بتهم تتعلق بالتحريض على الكراهية ضد النظام، وحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات. وبالمثل، تم إخفاء حميدان من قبل رجال في ملابس مدنية بعد أن قام بتغطية مظاهرة قبل أن يحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات. وقالت عائلة حميدان أن السلطات سعت منذ فترة طويلة إلى القبض عليه، وأفادت بأن تمت مداهمة منزلهم خمس مرات في الأشهر الأخيرة.
قد تكون قضية أحمد إسماعيل حسن، الذي شاركت في إعداد ملفه الشخصي كل من ADHRB و الشبكة العالمية للدفاع عن حرية التعبير والترويج لها (IFEX) خلال حملتها “لا للإفلات من العقاب،” هي الأكثر رمزية. كان حسن مصور فيديو وصحفي يبلغ من العمر 22 عاما يغطي الحركة المؤيدة للديمقراطية عندما أُطلق النار عليه من قبل قوات الأمن البحرينية في عام 2012. ويقول بعض الشهود أنه أطلق رجال الشرطة عليه النار بعد أن اشتبهوا بمعدات التصوير التي كانت بحوذتها. وقد تعرض حسن في السابق للمضايقات من قبل السلطات، وتم استجواب أسرته عندما توفي متأثرا بجروحه. ولم تحدد الحكومة قط المسؤولين عن مقتله.
وقال المدير التنفيذي لمنظمة ADHRB حسين عبد الله: “أنشأت الحكومة البحرينية -من خلال مقاضاة الصحفيين وإغلاق الصحف وعدم إخضاع السلطات المسيئة للمسؤولية – بيئة تشجع وتسهل الهجمات على وسائل الإعلام.” وتابع قائلاً، ” يحظر المسؤولين بشكل متزايد الصحفيين الأجانب من البلاد أو يحاكمون الناشطون وغيرهم لمجرد التحدث معهم. أغلق ذلك كل الفرص المتاحة لتقديم تقارير مفتوحة وموثوقة عن أزمة البحرين السياسية والحقوقية المتفاقمة. يحتاج المجتمع الدولي في يوم مثل هذا إلى مضاعفة جهوده لضمان عدم السماح لدول مثل البحرين بالاستمرار في إسكات أصوات مستقلة دون عقاب “.
بمناسبة اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب للجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، تدعو ADHRB حكومة البحرين إلى إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب فيما يتعلق بالهجمات على وسائل الإعلام من خلال التحقيق النشط والشفاف في جميع التقارير المعنية بالإساءة. وتحث ADHRB حلفاء المملكة على ممارسة ضغط حقيقي على الحكومة لرفع القيود الواسعة المفروضة على حرية التعبير والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الصحفيين المحتجزين تعسفا.