اليوم، 20 سبتمبر 2017، في مكاتب الأمم المتحدة في جنيف، عقدت منظمة أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) حلقة نقاش حول البحرين وعملية الاستعراض الدوري الشامل في ندوة جانبية خلال دورة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة السادسة والثلاثين. وأدار النقاش المدير التنفيذي للمنظمة، حسين عبد الله، في حين كان المتحدثون في اللجنة هم خالد إبراهيم، المدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان، سارة برانت، محللة السياسية والبحوث في CIVISCUS؛ زهراء البرازي، الباحثة في المعهد المعني بانعدام الجنسية والإدماج؛ وجواد فيروز، النائب البحريني السابق، والمدير التنفيذي الحالي لمنظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان. وتتزامن المناقشة مع اعتماد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رسميا لجولته الثالثة من التوصيات إلى البحرين في إطار الاستعراض الدوري الشامل يوم الخميس 21 سبتمبر 2017. ودرست اللجنة المجموعة السابقة من التوصيات وقيمت مدى تقيّد البحرين، وتناولت ما يجب القيام به مستقبلاً، وقدمت توصيات إلى المجتمع الدولي بشأن كيفية ضمان الالتزام في المستقبل.
افتتح السيد حسين عبد الله المدير التنفيذي ل ADHRB بشرح الحالة، فيما يتعلق بالخلفية الإجرائية لمجلس حقوق الإنسان و فيما يتعلق بالوضع على أرض الواقع في البحرين. وأشار إلى أنه خلال الدورة السابقة للاستعراض الدوري الشامل، حددت عشرات الدول، التي شملت أكثر من ثلث مجموع الأعضاء في الأمم المتحدة، 176 توصية محددة لتحسين أداء البحرين في مجال حقوق الإنسان، مثل انهاء التعذيب ووضع حد لممارسة التجريد من الجنسية (تجريد مواطني البحرينيين الأصليين من الجنسية). وهذا هو الاستعراض الثاني للبحرين منذ أن قامت الحكومة بقمع حركة الاحتجاج السلمي الجماعي في عام 2011، وشنت حملة واسعة النطاق على الحريات الأساسية التي تكثفت في السنوات الماضية. وخلال السنوات الخمس بين الدورتين الثانية والثالثة من الاستعراض الدوري الشامل، لاحظ عبد الله أن حكومة البحرين فشلت في تنفيذ أي توصيات بشكل كامل، مما حقق تقدما ملحوظا في حوالي 1٪ (اثنان من مجموع 176). ولم تبذل أي جهد لوضع 76٪ من الإصلاحات المقترحة، ورفضت 10٪ منها بشكل مباشر. وبجميع المعايير القابلة للقياس، أثبتت مشاركة البحرين في الاستعراض الدوري الشامل – أو عدم مشاركتها – رفضا واضحا للإصلاح.
وبسبب هذا الفشل، أشار عبد الله إلى أن العديد من التوصيات المقدمة خلال هذه الجولة من الاستعراض الدوري الشامل تستند إلى الإصلاحات التي كانت مطلوبة من قبل. وأضاف ان بعض الدول قدمت توصيات ايجابية جديدة رداً على التدهور المقلق لظروف حقوق الانسان. وحثت دول من بينها بلجيكا وألمانيا والجمهورية التشيكية والولايات المتحدة، الحكومة على كبح استخدامها للحرمان التعسفي من الجنسية لاستهداف الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، وهي ممارسة أدت إلى تجريد المئات من جنسيتهم منذ عام 2012. وهذه التوصيات هي الأولى من نوعها في الجهد الدولي لمعالجة هذه الممارسة في الاستعراض الدوري الشامل للمملكة. وقال عبد الله ان من الضروري ان يستغل المجتمع الدولي الزخم الحالي لتأمين تغيير حقيقي. وعند اعتماد توصيات هذه الدورة، يجب على حكومة البحرين أن تواجه ضغوطا متضافرة لتنفيذ هذه الإصلاحات بشفافية، أو أننا سنواجه أزمة أسوأ في الاستعراض المقبل في عام 2022. على جميع الدول التي تقدر حقوق الإنسان – أعضاء المجلس و والبعض الآخر – الضغط على البحرين من خلال البيانات المشتركة وقرارات المجلس للوفاء بالتزاماتها كعضو في المجتمع الدولي.
بدأ جواد فيروز ملاحظاته مشيرا إلى أنه في المراجعة الأولة للاستعراض الدوري الشامل في البحرين، كانت هناك ثماني توصيات فقط، مقابل ما يقارب ال 200 توصية في الاستعراض الثاني، مما يعكس اندلاع الأزمة مع كبح انتفاضة 2011 وزيادة التدقيق الدولي نتيجة هذا القمع في المنامة. وكرر أن تكرار نسبة عالية جدا من التوصيات من دورة الاستعراض الدوري الشامل إلى المدورة التالية هو “مؤشر واضح وكبير” على أن المجتمع الدولي غير مقتنع بأن البحرين تسعى فعلاً إلى الإصلاح. وفيما يتعلق بالتطورات على أرض الواقع، وصف فيروز الغارة الدموية التي وقعت في مايو / أيار 2017 على مدينة دوراز والحصار المرتبط بها على منزل الشيخ عيسى قاسم، رجل الدين الشيعي الأكثر احتراما في البحرين، وأشار إلى قضية المدافع عن حقوق الإنسان المسجون نبيل رجب. وأشار إلى أنه قبل يوم واحد فقط من هذا الحدث، أرسل 22 شخصا من أعضاء المجتمع المدني المحتجزين في البحرين رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان يعلنون فيها عن وضعهم. وبالنظر إلى الإشارات الواضحة التي بعث بها المجتمع الدولي في الدورتين الأخيرتين من الاستعراض الدوري الشامل، والحقيقة الواضحة أيضا أن البحرين مصرّة على عدم التعاون مع المجتمع الدولي، فإنها تتطلب إجراءات أكثر حزما من مجلس حقوق الإنسان والدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وقال فيروز “لقد أعطيت البحرين فرصا كافية”، ودعا إلى اتخاذ تدابير ملموسة مثل تعيين مقرر خاص معني بالبحرين، وعقد دورة استثنائية للمجلس بشأن الحالة في البحرين، وإلى قرار واضح من المجلس يتناول تقصير الحكومة البحرينية في عملية الاستعراض الدوري الشامل.
استخدمت سارة براندت تصريحاتها لتسليط الضوء على أنه وفقا لمؤشر التحالف العالمي من أجل مشاركة المواطنين (CIVICUS)، المستخدم لقياس مساحة المجتمع المدني عبر البلدان، فإن البحرين ليست في فئة “الإغلاق” ولكنها “مغلقة” تماما، مما يعني أنه لا يوجد مجال متاح للمجتمع المدني للعمل . وأشارت إلى أن الحريات الرئيسية الثلاث التي يحتاجها المجتمع المدني – حرية المشاركة، والتجمع، والتعبير – كلها غائبة في البحرين. ولا تسمح التشريعات المتعلقة بلجمعيات في البحرين لأي منظمات مجتمع مدني مستقلة بالعمل. ونقلت عن أحكام من القانون تمنع المنظمات غير الحكومية من الانخراط في نشاط “سياسي”، وتفويض السلطة التنفيذية بحل المنظمات التي تتعارض مع “القواعد” الاجتماعية الغامضة، وتتطلب موافقة الدولة المسبقة لأي منظمة على قبول التمويل من المانحين الأجانب. وتحدثت عن 30 منظمة من منظمات المجتمع المدني قد حُلت في البحرين منذ عام 2000، مع تصاعد ملحوظ لمثل هذه القرارات منذ عام 2016.
وأضافت براندت أن التشريع الجديد الذي تم إقراره منذ دورة الاستعراض الدوري الشامل لعام 2012 جعل الوضع أسوأ. يجرم آخر قانون للجرائم الإلكترونية التشفير، الذي بحكم التعريف من شأنه أن يجعل استخدام ال واتساب (WhatsApp) وخدمات رسائل خاصة غير قانوني. وقد ألقي القبض على 40 شخصا لاستخدامهم الإنترنت بموجب هذه القوانين، ويمكن أن يواجهوا عقوبات تصل إلى 10 سنوات. وتنص قوانين أخرى على أحكام بالسجن ل “إهانة” العلم أو النظام الملكي. وقالت إن الأفراد الذين “هم في الواقع مجرد أصوات سلمية من المعارضة” هم “يتعرضون للاضطهاد من خلال قانون مكافحة الإرهاب”. وفي عام 2016، حظر مرسوم صادر على الصحف تنظيم التغطية الإخبارية عبر الإنترنت دون موافقة مسبقة من الحكومة، مما مهد الطريق لإغلاق جريدة “الوسط” مؤخرا، وهو آخر منفذ إعلامي مستقل في البحرين. وإذ تشير إلى أنه عندما احتُجز ناشطون بحرينيون في مجال حقوق الإنسان وتمت ملاحقتهم قضائيا في الماضي، لم يكن هناك سوى الضغوط القوية من المجتمع الدولي لتأمين الإفراج عنهم، واتفقت مع أعضاء اللجنة الآخرين على أن التدخل الدولي أمر الزامي. هذا هو النهج الوحيد الذي بدا أنه عمل مع الحكومة البحرينية في الماضي، ويجب تجديد الالتزام بالضغط الإيجابي على المنامة. واختتمت براندت بملاحظة أن السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والأمن في أي بلد هو إتاحة المجال للمشاركة الاجتماعية، حتى لا يلجأ المواطنون إلى العنف كالوسيلة الوحيدة للبحث عن التغيير. واضافت ان اغلاق المجال امام المجتمع المدنى يعد اتجاها عالميا اليوم ولكنه “شديد الخطورة” فى البحرين، وتحث المجتمع الدولى على ادانة البحرين لقوانينها وممارساتها القمعية.
كما قدم الفريق شريط فيديو أرسله ناشط بحريني في مجال حقوق الإنسان لم يتمكن من الحضور شخصيا، إبراهيم الدمستاني. الديميستاني هو مسعف تم استهدافه في عام 2011 بعد مشاركته في الاستجابة الطبية الطارئة للإصابات في مظاهرات دوار اللؤلؤة. وقد احتجز هو و 46 موظفا طبيا آخرين عالجوا المتظاهرين المصابين وتعرضوا للتعذيب، وحكم عليهم بالسجن لمدة سنوات بسبب تأدية واجباتهم الأخلاقية في مهنتهم. وأشار إلى الأحداث الأخيرة في البحرين التي هي رمز للقمع المستمر، مثل إعادة السلطة لوكالة الأمن الوطني لتنفيذ الاعتقالات، وإطلاق النار على المتظاهر الشاب مصطفى حمدان في دوراز في يناير 2017. ونُقل حمدان الى المستشفى من قبل مقربين له، مشيرا إلى أن خدمة الإسعاف التي تديرها الدولة معروفة باحتجاز الجرحى من قبل قوات الأمن. أما المستشفى الخاص الذي نقلوه إليه، لم يسمح له بالدخول بسبب سياسة الحكومة الصادرة في تعميم للمستشفيات تمنعهم من التعامل مع المتظاهرين المصابين دون إخطار الشرطة، التي بدورها ستحتجز الشخص المصاب. تأخر علاج حمدان، ويتعين نقله إلى مستشفى عام، وتوفي في وحدة العناية المركزة في أواخر مارس / آذار. واختتم الدمستاني قائلا إن المدافعة عن حقوق الإنسان ابتسام الصايغ، اعتقلت بسبب مشاركتها في الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان، وهو ما يسلط الضوء بوضوح على كيف تستهزئ البحرين بمؤسسات المجتمع الدولي.
شاركت الباحثة زهرة البرازي عبر سكايب، واشارت الى العيوب في مفهوم الحكومة البحرينية للجنسية، وهو بعد رئيسي لحقوق الإنسان ك “العلاقة القانونية بين الفرد والدولة”. وأشارت الى ثلاث مشاكل رئيسية في قانون البحرين وممارساتها المتعلقة بالجنسية، والتي تم تسليط الضوء عليها في تقرير الاستعراض الدوري الشامل أنها شاركت في كتابته مع ADHRB. الأول هو حالة مجموعة عديمي الجنسية تاريخيا المعروفة باسم “البدون”، الذين هم طبقة اجتماعية متميزة في البحرين ودول الخليج العربي الأخرى ومعروفون بسبب انعدام جنسيتهم، مما يدفعهم إلى هوامش المجتمع ويحرمهم من جميع الحقوق القانونية. وينتقل انعدام الجنسية بين البدون من جيل إلى جيل حيث ترفض الدولة الاعتراف بهم كأشخاص أمام القانون. والبعد الثاني هو التمييز بين الجنسين في نقل الجنسية. فتعترف البحرين بالجنسية بالولادة فقط على الخطوط الأبوية، بحيث لا تستطيع الأم البحرينية نقل جنسيتها إلى طفلها إذا لم يكن الأب مواطنا بحرينيا. وأخيرا، أثارت البرازي مسألة “الحرمان التعسفي من الجنسية” من خلال مراسيم استخدمت لنزع جنسية المئات، وغالبا ما تستند إلى اتجاهاتهم السياسية. على الرغم من أن هذه الإجراءات “محاطة” بحجج الإرهاب، قالت السيدة البرازي إن أولئك الذين تُركوا عديمي الجنسية هم في الغالب الأفراد الذين “أعربوا عن رأي معارض للنظام الحاكم”.
واختتم خالد إبراهيم النقاش، مشيرا إلى أن الاستعراض الدوري الشامل آلية فريدة من نوعها لديها القدرة على المساهمة حقا في التغيير الإيجابي. واشار ابراهيم الى توصية الدورة الثالثة لايرلندا “باتخاذ خطوات عاجلة لتسهيل عمل المجتمع المدنى والمدافعين عن حقوق الانسان، وضمان حماية جميع الاشخاص من التخويف او الانتقام بسبب تعاونهم مع الامم المتحدة”. ووصف ابراهيم الحملة المكثفة للحكومة البحرينية من الأعمال الانتقامية ضد الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، ولا سيما المدافعين عن حقوق الإنسان. استهدفت السلطات تقريبا جميع المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين بطريقة ما، عادة بنعهم من المشاركة في مجلس حقوق الإنسان وآليات الأمم المتحدة الأخرى. ومع ذلك، لا يوجد ما يكفي من الإجراءات لوقف هذه الممارسات أو توفير ملاذ للذين تعرّضوا لأعمال انتقامية. وأبلغت ابتسام الصايغ مؤخرا عن تعذيبها من قبل وكالة الأمن الوطني، وهي ممارسة شائعة بشكل خطير في البحرين. وقد اختُطف المدافع عن حقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة، الذي شارك في تأسيس مركز الخليج لحقوق الإنسان ومركز البحرين لحقوق الإنسان، وتعرض للتعذيب والاعتداء الجنسي من قبل السلطات في عام 2011. وهو لا يزال في السجن، حيث تعرض للحرمان تعسفي من الرعاية الطبية وغيرها من الظروف اللاإنسانية. وبالمثل، فإن نبيل رجب، الرئيس الحالي لمركز البحرين لحقوق الإنسان، وهو أحد مؤسسي مركز الخليج لحقوق الإنسان، سجن بسبب مقابلات إعلامية، على الرغم من عمله الإضافي مع مجموعات دولية كبرى مثل الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH) و هيومن رايتس ووتش (Human Rights Watch). زينب الخواجة، الناشطة في مجال حقوق الإنسان وابنة عبد الهادي، تعيش الآن في المنفى بسبب التهديدات بسجنها أيضا. يجب أن يكون هناك تدخل أقوى على مستوى المجلس والمستوى الدولي على نطاق أوسع لمحاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات، حيث لا يوجد سوى إفلات من العقاب في البحرين.