يعتبر فاضل السيد عباس راضي حالة من أصل حالتين إختفاء قسري مطوّل في البحرين (يعتبر سيد علوي الضحية الأخرى للإختفاء القسري وقد أثارت قضيته منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين في السابق.) إعتقلت قوات الأمن البحرينية التابعة لوزارة الداخلية فاضل في منزل عائلته في مدينة حمد في 28 أيلول/ سبتمبر 2016 دون تقديم أي مذكرة إعتقال أو تفتيش أو حتى تفسير لسبب احتجازه.
وقد حجبت السُّلطات البحرينية جميع المعلومات عن موقع فاضل وحالته منذ إعتقاله. يرفض مكتب النيابة العامة الكشف عن التُّهم الموجهة ضد فاضل، قائلاً إنها قضية إرهابية تقع تحت سلطة النيابة العامة الخاصة. و ذلك إشارة إلى مكتب نيابة الجرائم الإرهابية الذي تم انشاؤه بعد إقرار تعديلات عام 2014 على قانون مكافحة الإرهاب القمعي في البحرين. وبموجب القانون المعدل، يؤذن لمكتب نيابة الجرائم الإرهابية بإحتجاز المشتبه بهم في الحبس الإحتياطي لمدّة تصل إلى ستة أشهر. لا يسمح خلال هذا الوقت للمدعى عليه بالمثول أمام قاضي. ويشير سلوك النيابة العامة في قضية فاضل إلى أنه يعمل هذا التقسيم الجديد بطريقة سرية، متجاوزاً صلاحياته الإستثنائية حيث يقوم بحجب المعلومات المتعلقة بالمحتجزين “الإرهابيين” عن أسرهم ومحاميهم.
وسيكون فاضل أوّل مدعى عليه يحاكم أمام المحكمة العسكرية التي أذن لها بمحاكمة المدنيين بعد تعديل دستوري في آذار/ مارس 2017. ويبدو أنه إتخذت المحكمة العسكرية إجراءات غيابية أمرت بتمديد إحتجاز فاضل القسري لمدّة تتجاوز تلك التي يسمح بها قانون مكافحة الإرهاب وهي ستة أشهر. وفقاً لأقوال الحكومة، قد تم تعيين محامي لتمثيل فاضل وسيتم إستدعاؤه للدفاع عنه عند بدء محاكمته. لكن لا يسمح لفاضل التشاور مع محاميه أو تنظيم دفاع أو الإعتراض على إحتجازه بأي طريقة. مرَّ 11 شهراً ولا يزال فاضل على هذا الحال.
لا تعتبر محاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية ظاهرة جديدة في البحرين. في عام 2011، إستخدمت المحاكم العسكرية، المعروفة بإسم محاكم السّلامة الوطنية، على نطاق واسع كآلية قانونية لقمع إنتفاضة عام 2011. وإنتقد تقرير لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق هذا التكتيك (¶ 1700). تخلق البحرين، عبر إنشاء مكتب نيابة الجرائم الإرهابية و توسيع القضائية للمحاكم العسكرية، نظاماً قانونياً موازياً غير خاضع للمساءلة يمكّنها من محاكمة أي مدني عبر إستخدام تهم “الإرهاب” الواسعة النطاق.
لا يمكن تقييم بشكل نهائي حالة فاضل لغياب المعلومات عن مصيره. وقد تلقى الأقارب ستة مكالمات هاتفية قصيرة من فاضل منذ أيلول/ سبتمبر 2016. ولم يسمح لأحد، سواء كان أحد أفراد الأسرة أو محامي، برؤيته أو زيارته. يسمح للمحتجزين بإجراء مكالمات هاتفية محدودة لا تتجاوز بضعة دقائق يكونون خلالها مراقبين مما يمنعهم من التحدث بحرية. ويبدو أنه تستخدم حكومة البحرين هذا التكتيك من أجل تجنب إتهامها بممارسة الحبس الإنفرادي والإختفاء القسري. فيمكِّن ذلك الحكومة من الإدعاء بأن المحتجز كان “على اتصال” مع عائلته. ولكن حرمان كلا الجانبين من القدرة على التواصل بحرية وإخفاء المعلومات عن وضع المحتجز ومكان وجوده يجرده من حقه في التواصل مع العالم الخارجي. ويحتجز فاضل بصورة فعالة بمعزل عن العالم الخارجي في حين أن موقعه غير معروف ولا يمكن التحقق من سلامته، لذلك ينبغي إعتباره مخفياً وفقاً للتعريف الذي يستخدمه الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي: “يقصد ب ”الاختفاء القسري“ الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون.” تسلط العبارة الرئيسية “الحرمان من حماية القانون” الضّوء على طبيعة الإختفاء القسري كظاهرة تضع المحتجز المختفي تحت رحمة الدولة. وبالنظر إلى إستخدام حكومة البحرين بشكل روتيني للعنف البدني أثناء الإستجواب، توجد شكوك منطقية في تعرُّض فاضل وجميع ضحايا الحبس الإنفرادي للتعذيب.
ويعتبر الإختفاء القسري جريمة بموجب القانون الدولي، وذلك بسبب إستخدامه من قبل أكثر الأنظمة قمعاً في القرن الماضي، ولأنه، كما لاحظ علماء القانون، يخلق مجموعة ثانوية من الضحايا وهم أقرب الأشخاص إلى المحتجز الذين يعانون بشدة لعدم توفر المعلومات الواضحة عن مصير أحبّائهم. في اليوم العالمي لضحايا الإختفاء القسري، تطالب منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان بإستخدام المساءلة القانونية والشفافية العامة في قضية فاضل. إن التهم السرية والإحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي أدوات تستخدمها الأنظمة الدكتاتورية عندما لا يمكن لها توجيه قضية جنائية ذات مصداقية ضد سجين سياسي. فتلك ليست أساليب ديمقراطية لمواجهة الإرهاب. تناشد منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين حلفاء المنامة ولا سيما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بالضغط على الحكومة البحرينية لإثبات إحترامها لسيادة القانون بدءاً من الوقف الفوري للإختفاء القسري الذي يتعرض له فاضل راضي وسيد علوي.