نبيل رجب: عميد الحقوقيين في البحرين مثالاً للنفاق والتخاذل الدولي

نتذكر اليوم تاريخ أحد أعمدة العمل الحقوقي وثورة 14 فبراير في البحرين، المدافع عن حقوق الإنسان نبيل رجب، في عشية جلسة محاكمته والمتوقع أن يحكم فيها عليه القضاء البحريني غداً في واحدة من قضيتين يحاكم عليهما بسبب نشاطه الحقوقي والإعلامي. تم اعتقال نبيل رجب في يونيو 2016، مع بدء دورة مجلس حقوق الإنسان، وقامت السلطات بتأجيل محاكمته لأكثر من سنة دون إصدار الحكم. عرف نبيل في البحرين كما الأوساط الدولية والأممية بعمله السلمي في مجال حقوق الإنسان ورفضه للعنف ودعوته لحلول سلمية من الطرفين – الحكومة والمعارضة – وبالرغم من ذلك تعتقله حكومة البحرين بتهم غير قانونية ومخالفة للقوانين الدولية التي تحفظ الحق في التعبير عن الرأي. قضية نبيل رجب مثال للتخاذل والنفاق الدولي للدعوة للإفراج عن ودعم سجناء الرأي، حيث فشلت الحكومات الغربية التي تنادي بحقوق الإنسان في دعم شخصية كنبيل رجب عرف بدعمه ودعوته للسلمية وحل الأزمة المتفاقمة بين الشعب والحكومة بسبب القمع واستخدام العنف. نعتقد أن هذه الحكومات – منها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي – يجب أن تدعوا للإفراج عن نبيل رجب ووقف القمع، كما يجب عليها اتخاذ خطوات فعلية تجبر حكومة البحرين للرضوخ منها فرض حظر على بيع الأسلحة واصدار قرارت تدفع لوقف هذه الانتهاكات.

في 2011 ومع انطلاقة الثورة البحرينية في 14 فبراير، أصبح المدافع عن حقوق الإنسان من أبرز أوجه الثورة. حيث أخذ على عاتقه، وغيره من الحقوقيين والنشطاء، التواصل مع المنظمات الحقوقية الدولية والأمم المتحدة والحكومات، بالإضافة إلى الإعلام الدولي، وذلك لنشر أخبار الثورة وإطلاع العالم على الانتهاكات الجسيمة التي تنتهكها البحرين.

برز دور نبيل رجب بشكل أكبر عندما دخلت القوات المدعوه بدرع الجزيرة البحرين، والتي قامت بعملية قمع عنيف للمعتصمين، من ثم بدأت موجة اعتقالات واسعة للمئات من المتظاهرين، منهم نشطاء سياسيين ومدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم. كان الهدف من هذه الاعتقالات اسكات الشارع والتغطية على الانتهاكات المرتكبة من قبل السلطات البحرينية والخليجية. كان نبيل رجب بين قلة من النشطاء الذين لم يتم اعتقالهم في تلك الفترة، لذلك أخذ على عاتقه نشر مظلومية الناس وتوثيق الانتهاكات والتواصل مع الإعلام والمنظمات لتعريفهم بما يحدث في البحرين.

ولكنه لم يسلم كلياً من بطش السلطات، حيث داهمت قوات الأمن البحرينية في 20 مارس 2011 منزل نبيل رجب وقامت باعتقاله بعد تعصيب عينيه وتكبيله. تعرض نبيل للإعتداء الجسدي والنفسي قبل الإفراج عنه. كما قامت قوات الأمن باستدعائه واستجوابه لساعات في مايو 2011. لتقييد نشاطه، حاربت حكومة البحرين نبيل رجب في رزقه حتى دفعته لإغلاق أعماله بسبب ذلك. تعرض منزله مراراً لإطلاق الغازات المسيلة للدموع دون سبب، كما تعرض أطفاله للمضايقات في مدارسهم وعائلته أيضاً.

واصل نبيل رجب عمله الحقوقي في تلك الفترة الصعبه باصرار ولم يتراجع بالرغم من المضايقات والاستهدافات المستمرة، فكان يقود ويدعو لمظاهرات سلمية في مناطق حيوية ورئيسية في البحرين تدعو لوقف الانتهاكات والإفراج عن سجناء الرأي. رداً على ذلك قامت حكومة البحرين بالتصعيد. ففي يناير 2012، هاجمت القوات الأمنية نبيل رجب خلال مشاركته في مسيرة في العاصمة المنامة، مما تسبب بجروح ورضوض في الرأس.

استخدم نبيل رجب صفحته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر لنشر الانتهاكات وآخر أخبار الثورة، فكانت صفحته هي صوت البحرين الحقيقي ومصدراً للأخبار الموثقة وذات المصداقية. لذلك بدأت البحرين باستهداف نبيل رجب بتهم تتعلق بتغريداته وممارسته المشروعة لحقه في حرية التعبير، في مايو 2012، اعتقلت السلطات نبيل رجب بسبب احدى تغريداته واتهمته بالإساءة إلى شخصية حكومية. احتجز نبيل رجب لأكثر من 20 يوماً، وقامت المحكمة بإدانته بأمره بدفع 300 دينار غرامة.

في يونيو 2012، اعتقلت السلطات نبيل رجب مجدداً بسبب مزاعم “إهانة أهالي المحرق” على صفحته في تويتر وجاء ذلك بعد انتقاده لسياسيات رئيس الوزراء البحريني خليفة بن سلمان آل خليفة والفساد في الحكومة. حكمت المحكمة على نبيل بالسجن لمدة 3 أشهر، وقامت باعتقاله مباشرة بعد اصدار الحكم، ومن ثم قامت بتبرأته في الاستئناف. استمر احتجاز نبيل على خلفية قضايا أخرى متعلقة بتغريدات، فقد قام القضاء البحريني بالحكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات بتهمة المشاركة في مسيرات غير قانونية والدعوة لمسيرات على تويتر. خفف الاستئناف الحكم إلى سنتين سجن، قضى نبيل الحكم كاملاً، وتعرض لمضايقات مستمرة في السجن وكذلك في الحصول على حقوقه القانونية في الدفاع.

تم اعتقال نبيل مجدداً بعد أقل من 4 أشهر من اعتقاله في 1 أكتوبر 2014 بعد رجوعه من جولة تحشيد ودعوة حقوقية في العواصم الأوروبية. تم اتهامه بسبب تغريدة عن وزارة الدفاع البحرينية. استمر اعتقاله لشهر واحد قبل الإفراج عنه بكفالة مع استمرار محاكمته، كما تم وضعه تحت حظر السفر. في يناير 2015، حكمت المحكمة على نبيل بالسجن 6 أشهر على خلفية قضية أخرى اتهم فيها بإهانة وزارة الداخلية في تغريدة وتم تأييد الحكم في مايو 2014. في 1 مارس 2015، استدعت السلطات البحرينية نبيل رجب وقامت باتهامه بالتحريض على كراهية النظام في خطاب قديم له، كان قد ألقاه في 2011.

لم تتوقف حكومة البحرين في استهداف نبيل رجب ولم تكتفي بحظر السفر والمضايقات، حيث قامت قوات الأمن في أبريل 2015 بمداهمة منزل رجب واعتقاله بسبب تغريدات انتقد فيها الانتهاكات في حرب الدول الخليجية على اليمن، تم الإفراج عنه بعد شهرين تقريباً، في يوليو 2015، بسبب “ظروفه الصحية”.

في يونيو 2016، في أول أسبوع لمجلس حقوق الإنسان، قامت قوات الأمن بمداهمة منزله واعتقاله، منذ ذلك الحين ولأكثر من سنة الآن، ولا يزال نبيل رجب محتجزاً مع استمرار تأجيل محاكمته. يحاكم نبيل رجب حالياً في قضيتين هما تغريدات اليمن ومقابلات إعلامية في 2015، كما وجهت له الداخلية البحرينية تهم إضافية أثناء اعتقاله بسبب مقالات في الصحيفة الأمريكية النيويورك تايمز والصحيفة الفرنسية لو موند. خلال احتجازه هذا تعرض نبيل لمضايقات عديده وحرمان من العلاج، وهو الآن في المستشفى بسبب حالته الصحية المتدهورة.