استهدفت حكومة البحرين العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان المشهورين دوليا انتقاما منهم لعملهم. الكثيرون، منهم نبيل رجب وعبد الهادي الخواجة، معروفون في جميع أنحاء العالم، وقد وثقت حالاتهم منظمات حقوق الإنسان وحكومات والأمم المتحدة. ومع ذلك، فإن هجوم الحكومة البحرينية على المعارضة السلمية والمعارضة السياسية منهجيا، بحيث ألقت القبض على العشرات من “الناس العاديين” نادرا ما يسمع باسمائهم على نطاق واسع. تطلق منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين سلسلة جديدة تسمى “ملفات الاضطهاد” على أمل تغيير ذلك. وفي كل دفعة، ستعرض هذه السلسلة حالة مواطنا بحرينيا مختلفا وتروي قصته، وستكشف عن العديد من الرجال والنساء الذين وجدوا أنفسهم مستهدفين، واعتقلوا، وعذبوا، وسجنوا من قبل حكومتهم ردا على نشاطهم أو معتقداتهم السياسية.
الهدف الشامل من “ملفات الاضطهاد” هو توضيح النطاق الحقيقي لانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في البحرين. على الرغم من استهداف الحكومة البحرينية الناشطين البارزين في البلاد، الا أن السلطات تعاقب أيضا الناس العاديين عند تعبيرهم عن رأيهم. وستلفت “ملفات الاضطهاد” الانتباه إلى عشرات المواطنين البحرينيين الذين يحاولون تحدي القمع سلميا وضمان حقوقهم الإنسانية الأساسية – وغالبا ما يكونون في خطر كبير.
وتأمل منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين أيضا أن تشجع هذه السلسلة القراء على رؤية أنفسهم في قصص وحياة البحرينيين العاديين الذين سعوا إلى إحداث تغيير سلمي في بلادهم. وكلما تطلع الآخرون إلى روايات عن البحرينيين الناجين من التعذيب وسجناء الرأي، كلما كان من الصعب على الحلفاء الدوليين الرئيسيين للبحرين تجاهل هذا السلوك. وبهذه الطريقة، تسعى ملفات الاضطهاد أيضا إلى تعزيز التضامن وحث المجتمع الدولي على مساءلة السلطات البحرينية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تواصل ارتكابها.
نجاح أحمد يوسف
نجاح أحمد يوسف هي أم بحرينية لأربع أولاد تبلغ من العمر 40 عاماً. تعمل نجاح كموظفة حكومية في هيئة تنظيم سوق العمل. في 20 نيسان/أبريل 2017، إستدعى مركز الخدمات الأمنية في محافظة المحرق نجاح لمرافقة ولدها البالغ من العمر 14 عاماً يوم الأحد الواقع في 23 نيسان/أبريل 2017 للتحقيق في “تجمع غير قانوني” وشغب مزعوم. توجهت نجاح مع ولدها يوم الأحد إلى المركز.
وبعد إستجواب ولدها، إستجوبت نجاح وإتُهمت بالعمل مع منظمة إرهابية في إيران والعراق. نفت نجاح أي إنتماء من هذا القبيل، لكن تجاهل ضباط الأمن إحتجاجها وطلبوا منها العمل مع الدولة كمُخبرة. ولإجبارها على التعاون، وعدها ضباط الأمن بالأمان في وظيفتها والإفراج عن ولدها البالغ من العمر 17 عاماً من السجن. لم يكن أمام نجاح سوى خيارين: العمل مع الدولة وتقديم معلومات عن أشخاص لم تكن تعرفهم أم الإعتراف بالإتهامات الكاذبة. طلب الضباط من نجاح رد خبر على عرضهم في اليوم التالي.
عادت نجاح إلى مركز الأمن يوم الإثنين الواقع في 24 نيسان/أبريل لإخبار الضباط عن رفضها لعرضهم. فتعرضت للضَرب نتيجةً لرفضهاَ. وسُئلت عن علاقاتها المفترضة مع السجناء الهاربين وعن منظِمي وممولي الأنشطة السياسية في قريتها. لم تكن نجاح تعرف الأشخاص الذين سُئلت عنهم ولم تتمكن من الإجابة على أسئلة الضباط. ونتيجة لذلك، تعرضت للضرب بطريقة أكثر عنفاً وللإعتداء الجنسي. وهدد رجال الأمن بإغتصاب نجاح وبقتلها أو أحد أفراد أسرتها من خلال تزييف حادث ما. إستمر الإستجواب لمدة ثماني ساعات وبعد ذلك أطلقَ سراح نجاح وطلب منها العودة في اليوم التالي.
وفي اليومين التاليين، إستمر التعذيب خلال الإستجوابات التي دامت حوالي سبع أو ثماني ساعات. وبعد نهاية جلسة الإستجواب يوم الأربعاء، طلب ضباط الأمن من نجاح الذَهاب إلى منزلها والعودة إلى المركز في اليوم التالي. ولكنها رفضت مغادرة مركز الأمن لمجرد العودة في اليوم التالي لروتين التعذيب والإستجواب. إتصل ضباط الأمن بزوج نجاح لأخذها من المركز. وقالوا له أنهم يريدونها أن تأتي إلى المركز يوم الخميس للتوقيع على تعهد بعدم الإنخراط في أنشطة سياسية أو التفاعل مع بعض الأشخاص. ووعد الضباط بالسماح لها بالعودة إلى منزلها بعد توقيعها على التعهد. وافقت نجاح على العودة إلى دارها في تلك الليلة معتقدتاً بأن محنتها قد أوشكت على الإنتهاء.
عادت نجاح مع زوجها يوم الخميس إلى مركز الأمن كما طلب منها. ولكن، لم يكن هناك أي تعهد للتوقيع عليه. بدلاً من ذلك، طلب منها ضباط الأمن التوقيع على عدة إعترافات لتهم زائفة. نُقلت نجاح إلى النيابة العامة بعدما رفضت التوقيع على الإعترافات. عند الساعة التاسعة مساء تلك الليلة، أبلغت نجاح زوجها ومحاميها بأنها نقلت إلى مركز إحتجاز النساء في بلدة عيسى.
في 25 مايو 2017، تم نقل نجاح إلى المحكمة دون إشعار مسبق. وطلب منها أن تعترف بتهم مزيفة. نفت نجاح جميع التهم الموجهة ضدها وأُجلت جلسات الإستماع حتى 11 حزيران/ يونيو2017.
خلال جلسة الإستماع في 11 حزيران/يونيو 2017، لم يعطي محامي نجاح أي معلومات عن التهم الموجهة ضد موكلته ولم يتمكن من مقابلة أو رؤية نجاح. أُبلغ المحامي بتمديد فترة إحتجاز نجاح إلى 30 يوماً، وليس أسبوعين كما أخبروا نجاح. ومنذ اعتقالها في 27 نيسان/أبريل، أتمّت نجاح اليوم (في 3 يونيو) اليوم 68 من إحتجازها. وهذا يعني تجاوز نجاح الفترة القصوى للإحتجاز “الوقائي” الذي يسمح به القانون البحريني. لم يسمح لنجاح برؤية ولدها المسجون البالغ من العمر 17 عاماً. يسمح لها فقط بمكالمة هاتفية واحدة في الأسبوع لمدة لا تزيد عن خمس دقائق. لم يتم حتى الآن تقديم ملف القضية إلى محامي نجاح.