رحّبت منظمة “أمريكيون من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” ADHRB بحذر، في 7مارس 2017 بتقرير وزارة الخارجية الأمريكية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية لعام 2016 ، ووصفته رغم وجود بعض الملاحظات عليه بأنه شامل ويتناول الانتهاكات العديدة لحقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومة السعودية خلال العام الماضي مطالبةً الولايات المتحدة الى اتخاذ موقف حازم وقوي وأن تضبط سياستها الخارجية لمعالجة المسائل الواردة في التقرير.
تناول التقرير الذي نشر في 3مارس 2017 عددًا من القضايا الموضوعية بما فيها حرية التعبيبر والتجمع ، والاعتقال والتعذيب ، والمحاكمات الجائرة والإعدام ، والمدافعين عن حقوق الإنسان ، وانتهاكات حقوق العمال . ويصف التقرير الأطر القانونية التي تقوم عليها انتهاكات لا تعد ولا تحصى لحقوق الإنسان ترتكبها الحكومة السعودية ، ويوضح كيف يقوم القانون الأساسي وقانون الصحافة والمطبوعات بالتعاون مع الهيئات التنظيمية والهيئات الوزارية في العمل على فرض الرقابة على منافذ الإعلام أو إغلاقها . ويشير التقرير إلى أن الحكومة تمنع الإحتجاجات والتجمعات السياسية وترفض أيضًا الترخيص للمنظمات السياسية والاجتماعية . لا يُسمح للمجتمع المدني في السعودية أن يمارس نشاطاً سياسيًا أو إجتماعيًا ، ويتم إغلاق المنظمات فيه وسجن الناشطين الذين يحاولون تفعيل هذه المنظمات ، أبرز الأمثلة على ذلك إغلاق السلطات للجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية (حسم) ومركز العدالة لحقوق الإنسان ، وحملة “بلدي” لدعم مشاركة المرأة السعودية في المجتمع، ومرصد حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية .
علاوةً على انتقاده تجريم قيام الجمعيات والنقد في المملكة ، لفت التقرير إلى أن السجناء يواجهون في بعض الأحيان محاكمات جائرة يشوبها التعذيب والاعترافات بالإكراه والتعذيب . ومن بين المعتقلين الذين حكم عليهم في المحاكمات التي لم تتوافق مع المعايير الدولية للإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمات العادلة فاضل المناسف ، علي النمر ، دواوود المرهون وعبدالله زاهر. أما في حالة النمر والمرهون والزاهر رفضت المحكمة السماح لهم في الوصول إلى محاميهم أثناء احتجازهم ، وأقرّوا في وقت لاحق أن اعترافاتهم انتزعت منهم بالإكراه وهي ما استند عليها كدليل في محاكماتهم ، وهذا الدليل هوما اعتمدته بشكل قاطع في الحكم عليهم بالإعدام .
في حين يناقش تقرير الخارجية الأمريكية الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية إلا أنه ذكر أنه ” كان هناك ادعاء واحد أن الحكومة أو وكلائها ارتكبت عمليات قتل تعسفية أو غير قانونية في البلاد”. وحول ذلك لفتت ADHRB الانتباه إلى إعدام أربعة قاصرين في 2 يناير 2016 وهم أمين الغامدي ، علي الربع ، مصطفى أبكر ومشعل الفرج . وقد اعتقلتهم الحكومة وهم دون سن 18عامًا ، واحتجزتهم بمعزل عن العالم الخارجي ، تعرضوا للتعذيب حتى اعترفوا بعدد من الجرائم طرحتها عليهم السلطات ، وطوال فترة اعتقالهم أنكر المسؤولون عليهم حقهم في التحدث مع محاميهم . أثناء إجراءات المحاكمة استخدمت المحكمة والنيابة اعترافاتهم المنتزعة بالإكراه لإدانتهم والحكم عليهم بالإعدام. إن طبيعة الإعتقالات والاحتجاز والمحاكمات تنتهك القانون الدولي والمعايير الدولية للمحاكمة والمحاكمات العادلة الواجبة، فتنفيذ حكم الإعدام بهم يشبه عمليات القتل التعسفية أو غير القانونية.
صحيح أن التقرير سلّط الضوء على العديد من انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد ، إلا إنه كان عامًّا بالمجمل ، وليس حاسمًا بما فيه الكفاية للمملكة ولممارسات الحكومة ، إذ يشير التقريرإلى أن ” الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي كان في بعض الأحيان مشكلة بحد ذاتها . فقد ورد أن السلطات لم تحترم دائما حق المعتقلين في الاتصال بأحد أفراد أسرهم بعد أن يتم اعتقالهم . من خلال برنامجها شكوى المملكة العربية السعودية للامم المتحدة الذي عملت عليه بالتعاون مع المنظمة الأوروبية-السعودية لحقوق الإنسان وجدت ADHRB أن الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي هو أمر شائع الحدوث إضافةً إلى أنه عادةً ما تقوم السلطات بتعذيب المعتقلين خلال مدة احتجازهم . ويشير التقرير إلى أنه ” لم يكن هناك تقارير مؤكدة تنطوي على إفلات قوات الأمن من العقاب خلال العام ، رغم أن لجنة الأمم المتحدة الخاصة بمناهضة التعذيب أشارت إلى أن عدم وجود تحقيقات متكررة حول الانتهاكات خلق مناخ الإفلات من العقاب “. إلا أن ADHRB وجدت من خلال عملها مع ضحايا إنتهاكات حقوق الإنسان وخاصة المعتقلين، أن المسؤولين الذين يعذبون المعتقلين نادرًا ما يحاكمون إذا لم نجزم بعدم محكامتهم مطلقًا. وإضافةً إلى ذلك ، وكون الهيئات المستقلة لا يمكنها القيام بزيارت مستقلة وبكل حرية إلى البلاد ، فإنه من المثير للعجب أن تعلن الخارجية الأمريكية أن مسألة الإفلات من العقاب هو نسبيًا أمر غير مطروح.
وأخيرًا ناقش تقرير الخارجية الأمريكية الحرب في اليمن ومشاركة قوات التحالف السعودي بما في ذلك فريق تقييم الحوادث المشتركة (JIAT). وقد أثبتت منظمات حقوق الإنسان أن قوات التحالف التي تقودها السعودية قد نفذت عشرات الغارات الجوية في المناطق السكنية وقتلت مئات المدنيين. على الرغم من هذا، فقد أصدر فريق تقييم الحوادث المشتركة ملخصات عن ثماني حوادث فقط وأعلن أن التحالف يُلام إلى حد كبير . ولكن مع هذه المزاعم الجادة والذات مصداقية ضد قوات التحالف وعمل فريق التقييم الغير مكتمل عمدت الخارجية الأمريكية إلى أن تنأى بعيدًا عن توجيه انتقادات إلى فريق تقييم الحوادث المشتركة ، في مقابل تركيزها إلى حد كبير على “جرائم قوات الحوثي وصالح”. وخلال مناقشة التقرير حول حصار التحالف السعودي للموانئ اليمنية ، ألقت الخارجية الأمريكية باللّوم إلى حد كبير على قوات الحوثي وصالح على دورهم في التسبب في كارثة إنسانية ، في حين تجاهل أيضا العواقب الإنسانية العظمى من الحصار البحري. كلا الجانبين يرتكبان انتهاكات لحقوق الإنسان ، ولكن يتجاهل التقرير إلى حد كبير دور المملكة العربية السعودية وحلفائها .
وقال حسين عبدالله المدير التنفيذي لـADHRB “نرحب بحذر بتقرير وزارة الخارجية الأمريكية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية “. مضيفًا أنه “لأمر جيد أن نرى تقريرًا مطولاً يفصّل بعمق عددًا من الإنتهاكات التي ارتكبت في المملكة “.واعتبرأنّ مجرد “وصف هذه الإنتهاكات ليس كافيًا وأن الولايات المتحدة ببساطة ليست حازمة بما يكفي لوقف الانتهاكات المزمنة ، انها تحتاج الى اتخاذ موقف أقوى وضبط سياستها الخارجية لمعالجة المسائل الواردة في التقرير “.
إن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية لعام 2016 يوضح الإطار القانوني وراء الانتهاكات ويتناول بشكل مفصّل حالات وأوضاع الأفراد التي تنتهك فيها الحكومة حقهم الإنساني كأفراد أو تنتهك القانون الدولي .ومع ذلك فإن التقرير لم ينتقد بما فيه الكفاية المملكة وانتهاكاتها . باختصار ، هذا التقرير هو خطوة أولى جيدة بالنسبة للولايات المتحدة لاعترافها بالعديد من القضايا في المملكة . ومع أن الوقت تأخر جدًا بالنسبة للولايات المتحدة لتبدأ بخطوات أولى ، فإنها تحتاج إلى إثبات قلقها والعمل على قلقها إذا كان لا تريد أن يُنظر إليها باعتبارها المساعدة في تحريض المملكة على انتهاكاتها.