أقامت منظمة أمريكيون من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان (ADHRB) ندوة حقوقية في الثلاثاء 7مارس2017 في مجلس حقوق الإنسان في دورته الرابعة والثلاثين في جنيف . الندوة التي عقدت قبل شهرين من موعد المراجعة الدورية الشاملة لسجل البحرين الحقوقي في شهر مايوالمقبل، ناقشت مدى التزام البحرين بتنفيذ التوصيات الصادرة عن المراجعة الدورية الشاملة السابقة التي جرت قبل خمسة أعوام ، والتدهور الذي تشهده البلاد في مجال حقوق الانسان خلال هذه الفترة . شارك في الندوة إلى جانب ADHRB ، مركزالبحرين لحقوق الإنسان (BCHR) ، وجمعية التمريض البحرينية، منظمة ريبريف (Reprieve)، ومعهد البحرين للحقوق والديموقراطية (BIRD) .
افتتحت جولي غروملون عن مركز البحرين لحقوق الإنسان (BCHR) حلقة النقاش بالحديث عن ضرورة أن يتخذ مجلس حقوق الإنسان إجراءات عمليّة للحد من التدهور في مجال حقوق الإنسان في البحرين . والا سيكون الثمن مزيدًا من الإنتهاكات كما هو حاصل فعلاً سواء من عمليات انتقامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، عمليات إعدام، واستمرار تدهور البيئة الأوسع لحقوق الإنسان في البلاد.
من جهته وضع سام جونز الباحث في ADHRB النقاش خلال الندوة في إطار تسليط الضوء على نتائج مشاركة البحرين في المراجعة الدورية الشاملة UPR خلال استعراضها للدورة الثانية في عام 2012، مشيرًا إلى أن البحرين شاركت في آلية المراجعة الشاملة بعد عام واحد من قمع الحكومة للحراك الشعبي المؤيد للديموقارطية . أوضح جونز أن المجتمع الدولي قدم للبحرين خلال تلك الدورة 176 توصية وقد قبلت 158 منها ، كما قبلت أيضا في أعقاب ردها العنيف على الاحتجاجات السلمية بـ 26 توصية صدرت عن لجنة دولية من خبراء في مجال حقوق الإنسان ، هي اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق. وعلى الرغم من هذا الارتباط الظاهري مع المجتمع الدولي أشار جونز” أن ADHRB ترى نفسها مضطرة أن تستنتج أن الحكومة إما غير قادرة أو غير راغبة في الانخراط في الإصلاح “، موضحًأ أن الحكومة البحرينية لم تنفذ بشكل كامل أي من التوصيات ال 176التي قبلتها ولم تحقق تقدمًا سوى باثنين من التوصيات، لقد نفذت فنيا 23 توصية ، لكنها في المقابل أظهرت عدم رغبتها في الإصلاح وهو ما يخالف تفعيل توصيات الحد من التعذيب والاعتقال التعسفي أو حماية حرية التعبير وحرية التجمع والاحتجاز.
ولفت جونز أن بعض الجوانب التي رأت ADHRB أنها شهدت تقدمًا محدودًا عادت الحكومة لتتراجع عن التوصيات المرتبطة بها بما فيها الحقوق المتعلقة بالمرأة . واعتبر أن الحكومة ومنذ عام 2012 وسّعت إطارها القانوني لتقييد المجتمع المدني ولتتمكن من اتخاذ خطوات لمضايقة وحل منظمات المجتمع المدني، وهو ما قامت به مؤخرًا حين حلّت جمعية الوفاق الوطنية الاسلامية ، والآن تستهدف جمعية وعد أيضًأ وهي منظمة يسارية علمانية . هذه الإجراءات وصفها عضو منظمة ADHRB أنّها تبّشر “بالإتجاه المتخلف المثير للقلق فب البيئة العامة لحقوق الإنسان ” طالما أن الحكومة تقوم “بمضايقة عشرات النشطاء والصحفيين ” . ووفقًا لجونز ” في شهرين فقط ومنذ إرسالنا هذا التقرير للطباعة ، ارتكبت الحكومة بعض من الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان “. وعدّد جونز تلك الانتهاكات من استهداف جمعية وعد ، إعدام ثلاثة من ضحايا التعذيب بعد محاكمات غير عادلة وبناء على اعترافات مأخوذة تحت الإكراه ، منح وكالة الأمن القومي سلطة ملاحقة الناشطبن ، والتقدم بتعديل للسماح للمحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين .
وأنهى جونز ملاحظاته من خلال إعادة التأكيد على التوصيات السابقة وضرورة تنفيذها ، مشيرا إلى أن التوصيات ينبغي أن تكون محددة ووفق جدول زمني محدد ، كما ينبغي أن تشمل إجراءات تقديم التقارير. وختم قائلاً “البحرين أمام منعطف حاسم” والمراجعة الدورية الشاملة هي واحدة من عدد قليل من الآليات الهامة للإصلاح في مجال حقوق الإنسان “إذا لم تتضافر الجهود الدولية في الضغط على الحكومة ، فإنه من المقلق جدا أن نتصور أين ستصبح البحرين في المراجعة الدورية الشاملة المقبلة”.
تلت تصريحات جونز كلمة نائب رئيس جمعية التمريض البحرينية إبراهيم الدمستاني الذي تحدث عن الحياد الطبي والحصول على الدواء والإجراءات الأخيرة في عسكرة المستشفيات والخدمات الطبية ، وتحدث عن تجربته في العام 2011 باعتباره أحد العاملين في التمريض والذين استهدفتهم الحكومة لقيامه بعلاج المتظاهرين المصابين . وذكّر كيف ألقت الحكومة القبض على العاملين بالتمريض وأخضعتهم لأنواع مختلفة من التعذيب . الدمستاني أوضح أن الوضع صار أكثر سوءّا في الآونة الأخيرة لأن الحكومة فامت بعسكرة الخدمات الطبية بدءا بالسيطرة على المستشفى الوحيد في البلاد وقامت الحكومة “باستبدال الإدارة المدنية بأخرى عسكرية واستهدفت الممرضين والمسعفين” . وذكر السيد الدمستاني أيضًا أنه كان واحدًا من العاملين في المجال الطبي والذي كان من ضمنهم الدكتور علي العكري والذين تم محاكمتهم والحكم عليهم في محكمة عسكرية . وأضاف أن بعد المرسوم الحكومي لا يمكن للمستشفيات علاج المتظاهرين فورًا بل عليهم أولاً الانتظار حتى الحصول على الموافقة من وزارة الداخلية ، كما نقلت الحكومة الرقابة على سيارات الإسعاف من وزارة الصحة إلى وزارة الداخلية ، وأدى ذلك أن أحد المتظاهرين الذي أصيب في رأسه برصاصة ، وخوفًا من التعرض للتعذيب لم يتلقى العناية الطبية اللازمة، أصيب بطريقة مؤثرة بالسكتة الدماغية وهو ينتظر العناية الطبية .
كما تحدث الدمستاني حول إقالة مسعفون شاركوا في احتجاجات عام 2011 من وظائفهم ، وأوضح أنه بفضل كندا “التي أوصت إعادة المفصولين منهم ” و الجهود الدولية الأخرى ، أُعيد البعض لوظائفهم . وأمل الدمستاني أن تتلقى البحرين في المراجعة الدورية الشاملة مزيدًأ من التوصيات وأن تكون أكثر تحديدًا بشأن المفصولين . وعلى الرغم من أن هناك اتفاقية بين وزارة العمل ومنظمة العمل الدولية لإعادة المفصولين ، مازال العديد منهم لم يسمح له بالعودة لعمله .
ختم دمستاني كلامه بالحديث عن بيئة حقوق الإنسان في البحرين قائلاً “الأمور تزداد سوءًا ، وقد سمعنا قبل يومين أن الحكومة تعمل على حل جمعية وعد ” ومطالبًا المجتمع الدولي أن يدعمهم حتى يتمكنوا من الاستمرار في الدفاع عن حقوق الإنسان وعن الحرية وقال “نحن بحاجة إلى مساعدة العاملين في مجال حقوق الإنسان “.
أعقب كلمة الدمستاني في حلقة النقاش تصريح لممثل عن منظمة ريبريف (reprieve) الذي تحدث حول عمليات الإعدام وعقوبة الإعدام وحول دور المملكة المتحدة في تبييض صفحة انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومة البحرينية . واعتبر أن وزارة الخارجية والكومنولث في المملكة المتحدة أنفقت على مدى السنوات الخمس الماضية ملايين الجنيهات لتحسين مستوى البحرين في مجال حقوق الإنسان ، ولاسيما على أمين المظالم ، وعلى المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ووحدة التحقيق الخاصة . وتقول بريطانيا في هذا الصدد أن هذه المؤسسات تتقدم وتتحسن وتعمل على تحسين أوضاع حقوق الإنسان في البحرين ولكن هذا الأمر غير صحيح . وأضاف أن مشروع الإصلاح في مجال حقوق الإنسان في البحرين هو مجرد أسطورة عليها أن تزول معتبرًا أن البرنامج الإصلاحي يخدم ” الحكومة البحرينية لتلميع ” انتهاكات حقوق الإنسان .منذ تدخّل المملكة المتحدة وحالة حقوق الإنسان لا تتحسن ، بدلاً من ذلك لايزال سِجلّلها سيئ للغاية .
وعلى الرغم من الإستنكار والاحتجاج على التعذيب والاعترافات القسرية لكل من علي السنكيس وعلي مشيمع وعباس السميع ومحمد رمضان وحسين علي موسى ،”رفضت هذه المؤسسات الموكلة بالإصلاح بشكل قاطع التحقيق في مزاعم التعذيب “، ووفقًا لـ ريبريف “ليست المسألة أن هذه الهيئات تحتاج إلى الوقت لتتطور” بل تعتبرأن هذه المؤسسات هي المسؤولة عن السلوك الغير القانوني الذي جعلها شريكة في الانتهاكات. “واستمرار تأييد المملكة المتحدة لها يعمل على تشتيت التدقيق الدولي لسجل حقوق الإنسان في البحرين في الوقت الذي هناك حاجة لهذا التدقيق.
وختم ممثل ريبريف أن الآليات الدولية تعتبر تحديًا حقيقيًا لكل من البحرين والمملكة المتحدة حول هذه المؤسسات وحول الإدعاءات المستمرة من التعذيب واعتبرأنه لو أرادت البحرين أن تختبر إذا كانت هذه الجهود إصلاحية ومشروعة وليست ممارسة تبييض مدروسة ، فعليها التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب والسماح للمقرر الخاص المعني بالتعذيب لزيارة البلاد .” هذه هي الخطوات الأساسية لمناهضة التعذيب إذا كان هناك إرادة سياسية لوضع حد للتعذيب وهي خطوات سهلة .
آخر المتحدثين في الندوة أحمد الوداعي من معهد البحرين للحقوق والديموقراطية (BIRD) ناقش تجربته كمتظاهر وكضحية أعمال انتقامية لمشاركته في مجلس حقوق الانسان في الأمم المتحدة . واعتبر أن الانتفاضة المؤيدة للديموقراطية في البحرين أكثر حركات الإحتجاج انزعاجًا في العااستخدمت الحكومة لم العربي وذلك أن العديد من الدول لديها مصالح في البلاد. لقمع الاحتجاجات استخدمت الحكومة المحاكم العسكرية التي يستمتع موظفوها في إهانة المتهمين . بعد مشاركته في الاحتجاجات اعتقلت قوات الأمن الوداعي واعتدت عليه وحكمت عليه بالسجن لمدة عام واحد . بعد إطلاق سراحه قال إنه هرب إلى المملكة المتحدة للحصول على اللجوء . في العام 2015 بدأ رحلته في الدفاع والمناصرة مع نبيل رجب في أوروبا . أوصلوا للعالم ما يعنيه أن يكون أحد المدافعين عن حقوق الإنسان في السجن وسلط الضوء على أبرز المضايقات التي تعرض لها رجب .وقال ” ليس هناك حالة أكثر وضوحًأ من نبيل رجب في أن يسجن المدافع عن حقوق الإنسان لأنه صوت الذين لا صوت لهم ” وهو حاليًأ في السجن لأنه عبّر في المقابلات ومن خلال تغريدات .
وجد السيد الوداعي نفسه في 31 يناير عام 2015 أن وكالة أنباء البحرين قد أدرجت اسمه في لائحة إلى جانب 72 اسمًأ أسقطت منهم الجنسية . وأعرب عن اعتقاده أن هذ الأمر يستلزم غضب دولي ، ولكن لم يكن هناك أي خطوات جدية . فيما يخص إسقاط جماعي للجنسية ، البحرين ارتكبت عددا من الأعمال التي يمكن للبعض أن ينظر إليها على أنها خطوط حمراء، مثل تمكين المحاكم العسكرية لإدانة الإرهابيين ووضع البحرين بحكم الأمرالواقع وحالة الأحكام العرفية. “لا أحد من الدولة أعلن مسؤوليته عن وفاة محمد حمدان وأجهزة الدولة نفسها هي المسؤولة عن قتل كريم فخراوي”. والفرق الوحيد بين الآن وعام 2011 هو أنه في عام 2011 الحكومات أدانت القضايا آنذاك. وأما الآن، المملكة المتحدة تدعم البحرين، “وتضع ثقتها في المعتدين”.
شلرك الوادعي مؤخرًا في مظاهرة ضد الملك حمد عند زيارته لرئيسة الوزراء تيريزاماي حيث اعتقل خلالها لبضع دقائق . ولكن في ذلك اليوم ، وحين كانت زوجته وابنه الرضيع على وشك مغادرة البحرين باتجاه المملكة المتحدة للإقامة فيها ، تعرضت زوجته للضرب ولسوء المعاملة لسبع ساعات ، حذروها من أنهم سيتخذون إجراءات انتقامية ضد زوجها بسبب نشاطه .وقال الوداعي أنه في الأسبوع الماضي تم اعتقال والدة وشقيق زوجته وقد تعرض هذا الأخير للتعذيب وأجبر على الإدلاء باعترافات ضد الوداعي ، مؤكدين أنهم سيستخدمونها ضده في مجلس حقوق الإنسان في دورته القادمة . أشار الوداعي ” في السابق أنا من كنت أدفع الثمن ، ولكن الآن هي التي تدفع الثمن “. واعتبر أن المجتمع الدولي فشل في أن يضع البحرين على الأقل تحت الرقابة والقيام ببيان مشترك من شأنه على الأقل أن يوثق بعض هذه الأمور، مشيرًا إلى أهمية أن ينقل المجتمعون في مجلس حقوق الإنسان مطالبهم وإلا ما جدوى من وجودهم هناك . وحث المجتمع على العمل والاستفادة الكاملة من هذه الفرصة المتمثلة بالمشاركة في المرتجعة الدوري الشاملة، وخاصة في الحالي الصمت الحالي في دورة مجلس حقوق الإنسان.