أصدرت منظمة “أميركيون من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” ADHRB بيانًا في 28فبراير2017، ردّت فيه على الكلمة الرفيعة المستوى التي ألقاها رئيس الوفد السعودي بندر بن العيبان في مجلس حقوق الإنسان المنعقد في دورته الرابعة والثلاثين في المدينة السويسرية جنييف. المنظمة أعربت عن قلقها من عدم إلتزام المملكة السعودية المستمر بتعزيز وحماية حقوق الإنسان ، وأسفت لاستغلال الوفد الفرصة للحديث عن جهود مزعومة للإصلاح ، ولتسليط الضوء على خطر الإرهاب وتمجيد جهودها في مساعدة “الشعب اليمني الشقيق”. في المفابل لفتت ADHRB إلى رفض المملكة المتواصل للإصلاح ، واستخدامها شبح الإرهاب لاستهداف وسجن المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السلميين وإلى انتهاكاتها المستمرة للقانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان الدولي في اليمن .
رفضها للإصلاح
قال العيبان في كلمته أن المملكة السعودية مقبلة على ولاية رابعة في مجلس حقوق الإنسان. ورغم كونها عضوٌ منذ عام 2009 إلا أنها مع ذلك ترفض إصلاح الممارسات القائمة في مجال حقوق الإنسان . وأوضحت المنظمة أنه وحتى يونيو 2016 لم تنفذ السعودية سوى واحدة من 225 توصية قدمت إليها خلال الجولة الثانية للمراجعة الدورية الشاملة في 2013، وقد قبلت منها 187 توصية ، لم تنفذ على الأقل 113منها .
كما وأشار العيبان في كلمته أن حكومة بلاده تتعاون مع الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة وقد سمحت مؤخرًا لاثنين من المقررين في زيارة السعودية وهما المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب، والمقرر الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان .إلا أنها على الرغم من ذلك رفضت السماح للعديد من المقررين الخاصين لزيارة البلاد ، كالمقررين عن التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء، وحرية الدين، وحرية التجمع، وحرية التعبير، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي وظلت جميع طلباتهم لإجراء الزيارة معلّقة حتى الآن .
وأوضحت المنظمة أنه بالإضافة إلى رفض السعودية السماح للمقررين الخاصين لزيارة البلاد ، فإنها رفضت كذلك التوقيع على عدد من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان ، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الثقافية الاقتصادية والاجتماعية، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد من أسرهم. كما ورفضت أيضا التوقيع على البروتوكولين الاختياريين لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، واتفاقية مناهضة التعذيب (CAT)، واتفاقية حقوق الطفل (CRC).
وأبرز العيبان أن الحكومة السعودية واصلت العديد من الإصلاحات التشريعية والسياسية، بما في ذلك إقرار قانون بشأن الجمعيات الأهلية وتأسيس هيئة حقوق الإنسان فيها نظام حكم خاص بها. ورغم أن الحكومة مرّرت قانون الجمعيات الأهلية الذي أُعدّ لتبسيط عملية تسجيل منظمات المجتمع المدني ، إلا أن السلطات في الواقع لم تمنح الترخيص لأي من منظمات حقوق الإنسان والجمعيات الأهلية المستقلة . وبدلاً من جعل المنظمات التي تحتمل الحصول على الترخيص من عدد من الجهات الوزارية والحكومية ، منح القانون وزارة الشؤون الإجتماعية السلطة لدمج أو حل أي منظمة مجتمع مدني تعتبرها تضرّ “بالوحدة الوطنية.”هذه الصلاحية الواسعة تسمح للحكومة بأن تمنع تشكيل أي منظمة لا ترغب بها .
أضافت المنظمة أنه في الوقت الذي أصدرت الحكومة تشريعًا يسمح بإغلاق منظمات المجتمع المدني، سمحت بتعديل تنظيم هيئة حقوق الإنسان، لتصبح مرتبطةً بالملك مباشرة وبالتالي إلى هيكل الحكم . وكمؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، لا بد لهيئة حقوق الإنسان أن تعمل ظاهريًا وفقًا لمبادئ باريس ، التي من بينها ما يؤكد ‘لى أهمية أن تكون مستقلة عن الحكومة. ومع ذلك وجدت ADHRB أن هيئة حقوق الإنسان ليست مستقلة كما أنها تقدم تقاريرها مباشرة من الملك الذي يعين أعضاءها .
في أبريل 2016، أعلنت الحكومة رؤية 2030، وهي خطة طموحة لتنويع اقتصاد البلاد بعيدا عن النفط وأقرب إلى أشكال أخرى من التنمية الاقتصادية، بما في ذلك قطاع الخدمات. ووفقا للعيبان، إن رؤية 2030 تتضمن أيضا الالتزام بحقوق الإنسان، بما في ذلك تمكين المرأة. ولكن في المقابل توضح المنظمة أنه في سبتمبر عام 2016 ، أبدى آلاف من السعوديين رغبتهم في منح المرأة المزيد من الحقوق ووقعوا على عريضة على الإنترنت تطالب الحكومة بإلغاء نظام وصاية الذكور الذي يقيد من حركة المرأة في البلاد . ومع أن نائب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهو المسؤول إلى حد كبير عن الإشراف على تنفيذ رؤية 2030، قد ذكر في وقت سابق ان “الأمر لا يتطلب الكثير من الوقت” ليمّكن المرأة من أن تكون متكاملة بشكل جيد في القوة العاملة في البلاد ، إلا أنه صرّح بأنه ” غير مقتنع حول قيادة النساء للسيارات”. وبهذا وجدت ADHRB أنه على الرغم من الخطوات المزعومة في البلاد نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك تمكين المرأة، لا تزال المملكة العربية السعودية غيرمستعدة لمنح المرأة المزيد من الحقوق. وبالمثل، على الرغم من المطالبات العامة استعدادهم للإصلاح، فشلت المملكة لاتخاذ خطوات كبيرة للقيام بذلك. وعلى نحو مماثل فإنه على الرغم من الإدعاءات الحكومية حول استعدادهم للإصلاح ، إلا أن الواقع يبقى أن المملكة فشلت في اتخاذ خطوات كبيرة للقيام بذلك .
قمع الانتقادات لتدابير مكافحة الإرهاب
وخلال كلمته، ناقش العيبان تحديات الإرهاب، ووصفه بأنه يشكل خطرا كبيرا على حقوق الإنسان، ملخصًا الخطوات الواسعة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية وتبذلها في محاربة ” وباء الإرهاب “. بينما في الواقع استخدمت السلطات باستمرار لمكافحة الإرهاب تدابير لاستهداف وملاحقة المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السلميين . كما حدث مع العديد من نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين وأعضاء منظمات المجتمع المدني ، ومثال على ذلك ما تعرّض له أعضاء الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية (حسم) من محاكمات في المحاكم الجزائية المتخصصة لجرائم الإرهاب وهي تابعة مباشرة لوزارة الداخلية .
بالإضافة إلى أعضاء جمعية (حسم) حاكمت الحكومة السعودية العديد من المعارضين السلميين الآخرين في المحكمة الجزائية المتخصصة . ففي العام 2014، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على رجل الدين الشيعي البارز المناصر للعدالة الإجتماعية الشيخ نمر النمر بالإعدام . وكان الشيخ النمر يلقي خطابات تدعو إلى نبذ العنف ورفض الإرهاب واستخدام القوة. وفي العام نفسه ، حكمت المحكمة الدستورية العليا على علي النمر وعبدالله زاهر ودوواد المرهون بالإعدام أيضًا وكانوا قد اتهموا بجرائم ادّعوا أنهم ارتكبوها وهم قُصّر.
الحرب في اليمن
وفي مجلس حقوق الإنسان، ناقش العيبان أيضا الحرب في اليمن، مشيرا إلى العدوان المستمر من قبل الحوثيين والقوات السابقة للرئيس علي عبد الله صالح. ومع ذلك، مازالت السعودية منهمكة في حرب اليمن عبرقيادتها لتحالف من عدة دول مستمرةً في شنّ مئات الغارات الجوية،والتي تستهدف بها المدنيين والبنى التحتية المدنية. السعودية مسؤولة أيضا عن الحصار البحري والجوي والذي ساهم بجعل اليمن تعاني المجاعة والإفتقار إلى الإمدادات الطبية اللازمة. وقد وجه التحالف بقيادة السعودية مئات الغارات الجوية على المستشفيات والمدارس ومخيمات اللاجئين، والأسواق، والبنية التحتية، وقاعة الجنازة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحصار البحري والجوي قيدت استيراد الإمدادات الحيوية من المواد الغذائية و الأدوية.
ورغم وجود أدلة واضحة أن الغارات الجوية السعودية أصابت عمدا وبشكل غير متكافئ أهداف مدنية، ألا أن الحكومة السعودية نفت هذه اللإدّعاءات .
وختامًا ، وخلافًا لما تحدث عنه رئيس الوفد السعودي عن التقدم المحرز في بلاده في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان ، فقد أظهرت السعودية القليل من المشاركة الجادة مع المجتمع الدولي في مجال حقوق الإنسان ، كما وأثبتت رفضها لإصلاح الممارسات والقوانين لجعلها تتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان . ADHRB تشعر بقلق بالغ إزاء مسار سجل المملكة السعودية في مجال حقوق الإنسان وإزاء رفضها الاعتراف بذلك والعمل وفق ذلك ، لديها العديد من المجالات التي تحتاج إلى إحراز تقدم.
وقال المدير التنفيذي لمنظمة ADHRB حسين عبدالله : ” بدلاً من الاستفادة من النقاش الرفيع المستوى للتعرف على العمل الذي ينبغي القيام به لدعم حقوق الإنسان في البلاد ، اختارت السعودية أن تتجاهل المشاكل والتجاوزات العميقة الجذور وأن ترفض التزاماتها رغم كونها عضو في مجلس حقوق الإنسان للمرة الرابعة على التوالي “. وأضاف أن المجتمع الدولي لا يمكن أن يبقى صامتًا في حين تواصل المملكة في ضرب عرض الحائط المعايير الدولية لحقوق الإنسان ، لاسيما في الوقت الذي هي عضوٌ في المجلس،وعليها أن تكون مثالاً يحتذى في ذلك . ويجب على الدول أن تثبت أن مجلس حقوق الإنسان هو المكان المخصص لدول تتمتع بضمير . وأكد عبدالله أنه ينبغي على المجلس أن يزيل عضوية المملكة حتى تتمسك بالحد الأدنى من حماية حقوق الإنسان لرعاياها .
الإصلاح لا يمكن أن يتم إلا إذا أخذت حكومة المملكة العربية السعودية الخطوات اللازمة لإعادة البلاد بما يتماشى مع المعايير الدولية. لذلك، تدعو ADHRB حكومة المملكة العربية السعودية إلى التصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الثقافية الاقتصادية والاجتماعية وكذلك البروتوكولين الاختياريين لاتفاقية سيداو، اتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية حقوق الطفل وللعمل مع الأمم المتحدة، ولا سيما مع الإجراءات الخاصة لضمان التزاماتها الدولية. المملكة العربية السعودية يجب أن تتحرك إلى الأمام مع رؤية الشركة للعام 2030، مع ما يصاحب ذلك من خطة من أجل تمكين المرأة و العمل بجدية على تنفيذ التوصيات التي قبلت خلال المراجعة الدورية الشاملة الثانية.