في صباح 15يناير 2017 أعدمت البحرين رميًا بالرصاص ثلاثة معتقلين من ضحايا التعذيب هم سامي المشيمع (42عاما)، علي السنكيس(21عاما) وعباس السميع (27عاما). الإعدام نفذ مباشرة بعد مصادقة الملك حمد على حكم محكمة التمييز. ولم يكن قد مرّعليه أكثر من خمسة أيام فقط وذلك في 9يناير 2017. هو أول إعدام ينفذ منذ يوليو 2010 ، أما آخر إعدام طال مواطنًا بحرينيًأ فكان في مارس 1996. هذا التصعيد الدموي مؤشر واضح لبلوغ البحرين ذروة الانتهاكات لحقوق الأفراد في الحياة، وحقوقهم في عدم التعرض للتعذيب، وهو ما أدانته بشدة كل من منظمة أمريكيون من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ومركز البحرين لحقوق الإنسان، معهد البحرين للحقوق والديمقراطية و المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان. كما نددت المنظمات المذكورة في بيانها الذي صدرعقب الاعدام مباشرة، بفشل الحكومة الكامل للنظر والتحقيق في الأدلة التي اعتمدت عليها المحكمة للإدانة وهي إعترافات انتزعت تحت التعذيب .
وكانت محكمة التمييز وهي أعلى محكمة استئناف قد رفضت وتجاهلت مزاعم رفعها الدفاع عن تعرض كل من المشيمع والسنكيس والسميع لمختلف أنواع التعذيب من صعق كهربائي و ضرب و تحريق بأعقاب السجائر وحرمان من النوم والإعتداء عليهما جنسيًا، من دون أن تأمر بإجراء تحقيق فيها . كما أيدت المحكمة أحكامًا بالسجن مدى الحياة بحق سبعة آخرين، وسحب جنسية ثمانية منهم. وقد أُدين هؤلاء الأشخاص العشرة جميعاً إثر محاكمة جائرة على خلفية مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة في مارس/آذار 2014.
وقد وثّقت المنظمات المذكورة أعلاه إدعاءات الضحيتين عباس السميع وسامي المشيمع في التعرض للتعذيب خلال الاستجواب ، كما حُرم المتهمون الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة وتم رفض شكاوي التعذيب من قبل وحدة التحقيقات الخاصة، وهي هيئة غيرمستقلة عن الحكومة البحرينية ومكلفة بالتحقيق في التعذيب بموجب مرسوم ملكي في عام 2012 . وحكم على السنكيس غيابيا، ولم يتمكن من الحصول على دفاع قانوني بعد أن تم القبض عليه في عام 2015 مما أدى الى عدم تمثيله في محكمة التمييز. وقد أعلن المقررالخاص للأمم المتحدة في تغريدة أطلقها عبر حسابه في تويتر أن إعدام الضحايا الثلاث هي عملية قتل خارج نطاق القضاء.
وعقب الإعدام أصدر مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان في الأمم المتحدة بيانًا، دقّ فيه ناقوس الخطرمطالبًا البحرين “بفرض حظر على استخدام عقوبة الإعدام والتّصديق على البروتوكول الاختياري الثاني من العهد الدولي، الذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام نهائيًا”. وقال: “صُدِمنا بخبر إعدام ثلاثة رجال رميًا بالرصاص في البحرين يوم الأحد. الرجال الثلاثة كانوا قد أُدينوا بالقيام بتفجير في المنامة في العام 2014 أدى إلى مقتل ثلاثة رجال شرطة. لقد أدينوا بعد ادعاءات بتعرضهم للتعذيب للإدلاء باعترافات كاذبة ولم يُمنَح محاموهم حق الاطلاع على الأدلة المقدمة ضدهم أو استجواب شهود الادعاء خلال جلسات المحكمة”.وأضاف كولفيل أن “الطريقة التي أُجرِيت بها المحاكمات أثارت شكوكًا جدية بشأن حصول المتهمين على محاكمة عادلة، وهو ما تضمنه المادتان 9 و 14 من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية”.
وعلى الرغم من هذه الانتهاكات للحقوق الأساسية لعلي وعباس وسامي، قضت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أن عمليات الإعدام حصلت”وفقا للمعايير الدولية المعترف بها.” وأشادت المؤسسة “بحرص الجهات المعنيةعلى إنفاذ القانون وفقًا لقانون الإجراءات الجنائية”، كما وهنأت مملكة البحرين على تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة1373/2001 بشأن القضاء على الإرهاب. نتائج المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تتعارض كليا مع تقييم خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، كما عن تلك الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية.
وفي هذا الصدد اعتبر حسين عبد الله، المدير التنفيذي لأمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين أن ترحيب المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان لهذا الفعل ، بغض النظر عن ظروف المحاكمة ، يشكل انتهاكًا لأبسط حق الإنسان في الحياة على النحو الذي يكفله العهد الدولي ، كما أنه إشارة واضحة أن هذه المؤسسة ما هي إلا امتداد للحكومة وليست مؤسسة وطنية محايدة ومستقلة وبالتالي لا تكرّس جهودها لتعزيز وحماية حقوق الانسان . وهذا التقييم هو ما أكّدته لجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان عندما فشلت البحرين بلوغ الاعتماد وفقًا لمبادئ باريس ، بدلًا من تحقيق الحالة “B”.
أما سيد أحمد الوداعي، مدير التحشيد في منظمة BIRD بيًن أن:”قانون مكافحة الإرهاب في البحرين يسمح للسلطات باحتجاز الأفراد دون محاكمة لمدة تصل إلى ستة أشهر، و هذا يتعارض مع المادة 9 من العهد الدولي الذي يقضي بأن أي شخص يقبض عليه أو يعتقل بتهمة جنائية يجب أن يقدم فورا أمام القاضي، وينبغي أن يكون من حقه الحصول على محاكمة أو إطلاق سراح ‘في غضون فترة زمنية معقولة “.
وقد دعت المنظمات أعلاه في بيان أصدرته حول موقفها من المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان، إلى سحب بيانها وإدانة الإعدامات غير القانونية التي جرت في 15يناير . ودعت حكومة البحرين إلى تخفيف جميع أحكام الإعدام وفرض حظر على استخدام عقوبة الإعدام ، وكررت دعواتها بأن يُتاح للمؤسسة الوطنية لحقوق الانسان بأن تكون مستقلة عن الدولة .
وهناك معتقلين آخرين يواجهون الإعدام الوشيك في البحرين. ففي عام 2015 أيدت محكمة التمييز الحكم على كل من محمد رمضان وحسين موسى، بالإعدام بسبب دورهما المزعوم في مقتل شرطي في عام 2014 . وهما يواجهان الآن الإعدام الوشيك. كلاهما يزعمان أنهما يتعرضان للتعذيب. وكان رمضان قد صرَح أن أحدا من الحكومة أخبره أنهم يعرفون انه بريء، ولكن كونه كان خائنا فهو يستحق هذه الانتهاكات.
وبهذا أدانت كل من المنظمات :الأمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين و مركز البحرين لحقوق الإنسان و معهد البحرين للحقوق والديمقراطية و المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان ، إعدام 15 ينايرالذي انتهك حق سامي المشيمع وعباس السميع وعلي السنكيس في الحياة ، كما أودى بحقوق الإنسان في البحرين إلى الهاوية وشرّع الأبواب إلى المزيد من الانتهاكات على مختلف الصعد ليس أقلها ما تشهده الدراز من هجوم مسلح بالذخيرة الحية على أهاليها، أو إعادة سلطات الاعتقال والتحقيق إلى جهاز الاستخبارات المسؤول عن المداهمات والذي مارس تعذيبًا في 2011 وغيرها من الانتهاكات التي جعلتها بحسب تقرير منظمة فريدوم هاوس تتبوأ سادس أسوأ دولة في العالم تراجعًا في الحريات على مدى ال10 سنوات .
الصورة : قناة العالم