تمر البحرين اليوم بمرحلة قاسية حيال حقوق الإنسان لم تشهد مثيلاً لها سابقاً، ففي السجون البحرينية يقبع الآف المعتقلين على خلفية الأحتجاجات المطالبة بالحرية التي انطلقت في 14 فبراير 2011 بينما ينعم المفسدين بالحرية .
والأمر لا يتوقف عند تقييد الحرية، فالسلطة البحرينية لا تراعي ما نصت عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان من صيانة لكرامة الإنسان المعتقل.
فأن مراكز الأحتجاز والسجون تشهد انتهاكات لا أنسانية واسعة من خلال ممارسات التعذيب وسوء المعاملة والأهمال الطبي وهذا ما وثقه تقرير لجنة تقصي الحقائق المعين من قبل ملك البحرين إلى جانب العديد من المنظمات الحقوقية الدولية.
المعتقل البحريني هو معتقل قضية، معتقل مبدأ، وذنبه الوحيد أنه يقاوم الأستبداد ويدافع عن قضية عادلة وحق مشروع ضائع في بلده.
واعتقال الشيخ علي سلمان جاء في سياق حملة الاعتقالات الواسعة التي تقوم بها السلطة البحرينية ضد النشطاء والمعارضين السياسيين بهدف انهاء التحرك الشعبي الذي أنطلق في فبراير 2011 ولا يزال صامداً رغم القمع.
اعتقال الشيخ علي سلمان يقدم الصورة الحقيقية إلى الواقع الحقوقي والسياسي في البحرين من عدة محاور:
سجين رأي:
الشيخ علي سلمان شخصية وطنية معارضة بارزة ولها حضور قوي في الساحة البحرينية لما يحمله من رؤية وطنية حكيمة لمعالجة قضايا الوطن.
وقد جاء اعتقاله ضمن القيود الصارمة المفروضة على حرية التعبير فقد اعتقل في 28 ديسمبر 2014 وذلك بعد يومين من إلقاءه خطاباً يدعو فيه بالإصلاح السياسي وبعد إعادة انتخابه كرئيس لجمعية الوفاق الوطنية الاسلامية، فالشيخ علي سلمان لم يرتكب عملاَ إجرامياً بل مارس حقه بالتعبير عن رأيه وقد تبنت منظمة العفو الدولية الشيخ علي سلمان كسجين رأي.
تهديد لحرية العمل السياسي:
الشيخ علي سلمان هو أمين عام أكبر جمعية سياسية بحرينية وقد عمل في المجال السياسي السلمي ما يزيد على 20 عام وهو من ابرز المطالبين بالديمقراطية ومشاركة المواطنين في إدارة شؤون البلاد ووقف الفساد والتمييز الطائفي وقيام قضاء مستقل ومجلس نيابي كامل الصلاحيات.
أن اعتقال رئيس أكبر جمعية سياسية يكشف عن محاصرة العمل السياسي الحقيقي في البحرين، فقد شهدنا في السنوات الأخيرة تفاقم التهديدات التي تحيط بحرية العمل السياسي فقد اعتقل العديد من قادة الجمعيات السياسية المختلفة كما يتم التضييق على النشاط السياسي ومنعت السلطة الجمعيات السياسية من ممارسة حق التظاهر السلمي.
محاكمة غير عادلة :
اعتقل الشيخ علي سلمان لتهم تتعلق بحرية التعبير فقد وجهت له النيابة العامة تهمة الترويج لتغيير النظام السياسي في البحرين والتحريض على الكراهية وعدم الانقياد إلى القوانين وإهانة وزارة الداخلية .
وقد خضع لمحاكمة خلت من أهم المعايير الدولية للمحاكمة العادلة وهو حق الفرد بالدفاع عن نفسه، حيث رفضت المحكمة الأبتدائية سماع مرافعة الشيخ علي سلمان ولم يسمح ايضاً لهيئة الدفاع من عرض أدلة البراءة، وقد تمت إدانته بالسجن لمدة أربع سنوات.
وفي جلسة الاستئناف الأولى للحكم بتاريخ 15 سبتمبر 2015 حضر الشيخ علي سلمان مقيد اليدين وبلباس السجن وكانت المحكمة وقاعة الجلسة تحت حراسة أمنية مشددة، وقد رفضت المحكمة مجدداً عرض الأدلة في المحاكمة وهي التسجيلات والخطب واللقاءات التي وجهت للشيخ علي سلمان التهم بناء عليها، وقد عبرت هيئة الدفاع عن المحاكمة بـ(محكمة الإستئناف تسير على نفس طريقة المحكمة السابقة ولا نتوقع خيراً من مسار المحاكمة).
غياب إرادة الإصلاح :
منذ 14 فبراير 2011 والبحرين تمر باحتجاجات مطالبة بالحرية والمساواة وقد سقط العشرات من القتلى وهناك الالآف من الجرحى والمعتقلين وتم فصل العديد من العمال بسبب مواقفهم السياسية وانتمائهم المذهبي.
مع مرور أربع سنوات على توتر الأوضاع اقدمت السلطة على اعتقال الشيخ علي سلمان الذي يدعو دائماً لحوار حقيقي وهذا يدل أن السلطة ليست مستعدة لخوض أي حوار ينهي الأزمة وأنها تكابر على الحل السياسي متجاهلة خطاب المجتمع الدولي على مدار أربع سنوات والذي يتضمن الدعوة إلى حوار حقيقي وإجراء إصلاحات سياسية واحترام حقوق الأنسان.
موقف الشيخ علي سلمان وهو في السجن:
الشيخ علي سلمان منذ أن كان حراً وهو يؤكد دائماً على استمرارية الحراك السلمي أمام كل التحديات وهو كمعارض سياسي كان يجد نفسه معرضاً للأعتقال في أي وقت وهذا الأمر في حساباته منذ أن تصدى للعمل السياسي، فمنذ اعتقاله وحتى صدور الحكم بسجنه أربع سنوات وهو يوصي على الأستمرار في المسيرة النضالية التي ابتدأت في 14 فبراير 2011 حتى يحصل المواطن على حقوقه كاملة وحتى ينعم بالمساواة والحرية والعدالة والديمقراطية بكل الوسائل السلمية.
أن الحملات القمعية فشلت ولم يعد بالإمكان إسكات صوت الشعب، فالحرية هدف سامي لذلك فأن تكلفتها باهظة جداً والشعب البحريني قرر مقاومة الأستبداد والنضال السلمي حتى الحصول على كامل حقوقه المشروعة وقيام دولة القانون .
زوجة الشيخ علي سلمان
المحامية ريما شعلان