تقوم البحرين بتصعيد كبير ومقلق في قمعها لحقوق الإنسان. بالأمس، 14 يونيو 2016، قام وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف البحريني بتحريك دعوى ضد جمعية الوفاق، تطالب فيها بغلق مقراتها والتحفظ على أموالها وحلها. نظرت المحكمة الإدارية في الأمر بشكل مستعجل وفي أقل من ساعتين أصدرت قرارها بغلق أكبر جمعية سياسية في البحرين.
مع بدء الدورة الـ32 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اتخذت حكومة البحرين سلسلة من الإجراءات القمعية ضد الأصوات الحرة في البلاد. بدأتها السلطات بمضاعفة الحكم على الشيخ علي سلمان الأمين العام جمعية الوفاق بعد إدانته استناداً على خطبه وبالتالي ممارسته لحريته في التعبير والرأي. لم تكتف البحرين بذلك، بل قامت بفرض حظر سفر شامل على وفد المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان ومنعهم من السفر إلى جنيف والمشاركة في مجلس حقوق الإنسان. لم تتوانى البحرين في اعتقال المدافع عن حقوق الإنسان الأبرز في المنطقة نبيل رجب واتهامه بنشر معلومات مغلوطة تتعلق غالباً بنشاطه الحقوقي.
وأخيراً ولكن ليس آخراً، قامت حكومة البحرين بإصدار قرار بوقف نشاط وغلق مقار جمعية الوفاق. جاء الحكم مستعجلاً “دون تمكين محاميها من تقديم دفاعه”، وتم تنفيذه بنفس السرعة حيث أحاطت القوات الأمنية بمباني الوفاق لتضعها تحت حرستها. وتم حظر موقعها الالكتروني في البحرين.
جمعية الوفاق السياسية تعتبر أكبر جمعية سياسية معارضة، بل هي أكبر جمعية سياسية في البلاد، بأكبر كتلة انتخابية حيث انها حصلت على أكثر من 64 بالمئة من مجموع الناخبين في الانتخابات النيابية قبل مقاطعتها للانتخابات. بعد الحركة المطالبة بالديمقراطية في 2011، تعرضت الوفاق وأعضائها لملاحقات قضائية واستهدافات متكررة. في 20 يوليو 2014، صدر قرار بوقف نشاط الوفاق لمدة ثلاثة أشهر حتى تقوم بتصحيح وضعها القانوني. في نفس العام تم اعتقال أمين عام الجمعية الشيخ علي سلمان وهو يقبع الآن في السجن، كما يتم محاكمة عضو الوفاق ونائبها السابق في البرلمان الشيخ حسن عيسى. في 2013، اعتقلت السلطات خليل مرزوق بسبب إحدى خطبة التي ألقاها في تجمع عام. في 2015، تم الحكم على النائب السابق في كتلة الوفاق سيد جميل كاظم لمدة ستة أشهر والحكم على عضو الوفاق مجيد ميلاد بالسجن سنة لانتقادهما الحكومة البحرينية في خطب وتغريدات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر. لم تتوقف السلطات عند ذلك ولكنها قامت باستدعاء والتحقيق مع أعضاء الجمعية بشكل متكرر خلال السنوات التي مضت لأسباب تتعلق مباشرة بحرية التعبير. كما منعت السلطات الأمنية الوفاق من تنظيم تجمعات ومسيرات سلمية ورفضت العشرات من طلبات الجمعية لتنظيم مسيرة أو تجمع.
سعت جمعية الوفاق بتوجيه الشارع نحو السلمية ونبذها بكل أشكالها. كما حرصت من خلال قراراتها ومشاركاتها على إيجاد حل للأزمة الحقوقية في البحرين. في أكتوبر 2011، أطلقت الوفاق “وثيقة المنامة” وكانت خارطة طريق للخروج من الأزمة وتحقيق مطالب أغلبية الشعب. نصت الوثيقة على المطالبة بـ “حكومة منتخبة تمثل الإرادة الشعبية، ونظام انتخابي عادل يتضمن دوائر انتخابية عادلة تحقق المساواة بين المواطنين وفق نظام صوت لكل مواطن، سلطة تشريعية تتكون من غرفة واحدة منتخبة، وتنفرد بكامل الصلاحيات التشريعية والرقابية والمالية والسياسية، وقيام سلطة قضائية موثوقة مستقلة، والأمن للجميع عبر اشتراك جميع مكونات المجتمع البحريني في تشكيل الأجهزة الأمنية والعسكرية المختلفة.” وبالرغم من تجاهل الحكومة لهذه المبادئ السلمية التي طالبت بها، استمرت جمعية الوفاق بالمشاركة في مبادرات الحكومة كالحوار الوطني. اعترف المجتمع الدولي بالوفاق كجمعية سياسية في البحرين، حيث تجتمع بها البعثات الأجنبية، وقد دعا الرئيس الأمريكي سابقاً حكومة البحرين للعمل معها. كما يجدر الإشارة أن هذا القرار يأتي بعد يوم من زيارة وفد من السفارة الأمريكية مجلس الوفاق الرمضاني.
وقف نشاط وحظر جمعية الوفاق، قرار حكومي ومدعوم من الملك وولي عهده ورئيس الوزراء الذين أطلقوا تصريحات نحو مباركة هذا القرار والقرارات التي اتخذتها البحرين خلال الأسبوع الماضي، وتكون بذلك قد أغلقت جميع الأبواب نحو المصالحة والإصلاح. وتتوجه بالبحرين لتدهور أكبر للوضع الحقوقي بقمع الحريات الأساسية، حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات. أمريكيون من أجل الديمقراطية تضم صوتها للمجتمع الدولي وتدعو البحرين لمراجعة قراراتها القمعية وتطبيق التزاماتها الدولية بموجب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.