سلط التقرير الأخير لإجراءات الأمم المتحدة الخاصة الضوء على التمييز الديني الممنهج ضد الشيعة في البحرين في مجالات عديدة منها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. تؤكد حكومة البحرين هذا النوع من انتهاكات الحقوق بشكل متكرر وممنهج حيث بدأت في الفترة الأخيرة باستهداف رجال الدين الشيعة بشكل واضح وصريح.
في 15 أبريل 2016، استدعت السلطات الأمنية للتحقيق الشيخ محمد المنسي – وهو رجل دين بارز كان عضواً في المجلس العلمائي المنحل. حققت معه السلطات بشأن أحد خطب صلاة الجمعة التي ألقاها في مسجد بمدينة حمد والتي تناول فيها انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان ترتكبها السلطات، حيث ذكر حالة تداولت مؤخراً عن فتاة تعرضت للاعتداء الجنسي أثناء احتجازها لدى السلطات وعن استهداف رجال الدين بالترحيل. اتهمت النيابة الشيخ محمد بالتحريض على كراهية النظام الدستوري للبحرين وإهانة هيئة نظامية. في أحد أسرع الأحكام الصادرة في مثل هذه القضايا، حكمت المحكمة على الشيخ المنسي بالسجن سنة مع النفاذ بتاريخ 24 مايو 2016. يقبع الشيخ محمد حالياً في السجن.
قضية الشيخ محمد المنسي تشكل نموذجاً لانتهاكات السلطات البحرينية ضد رجال الدين الشيعة. حيث يقبع حالياً 20 رجل دين شيعي في سجون البحرين على خلفية تهم تتعلق بممارستهم حرية التعبير أو الحرية الدينية. كما تكررت استدعاءات رجال الدين الشيعة البارزين دون غيرهم للتحقيق معهم بشأن خطب صلاة الجمعة. فمنذ بداية العام الحالي، تم استدعاء خمسة رجال دين شيعة على الأقل، بعضهم لأكثر من مرة. تم التحقيق معهم بشأن خطبهم التي ألقوها في صلاة الجمعة والتي في الغالب ذكروا فيها انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين. فقد ذكر رجل الدين الشيعي وعضو المجلس العلمائي المنحل السيد مجيد مشعل أن التحقيق معه تناول ذكره لتقرير الاتصالات المشترك لإجراءات الأمم المتحدة والذي ذكر التمييز المنهجي ضد الشيعة في البحرين. بالإضافة إلى السيد مجيد مشعل، تم استدعاء الشيخ علي حميدان والشيخ محمد الصنقور والشيخ جاسم الخياط.
تتحكم حكومة البحرين بالهيئات الدينية الشيعية بشكل مباشر لتقييد ممارسة الحرية الدينية، فبعد حلها المجلس العلمائي المستقل في عام 2014، لم تبقى أية هيئة تمثل الطائفة الشيعية غير إدارة الأوقاف الجعفرية التي تتحكم السلطات فيها أيضاً، كما أن مسؤوليها يعينون من قبل الحكومة. في قضية الشيخ المنسي، قال محاميه إن الشكوى ضده كانت من قبل إدارة الأوقاف الجعفرية وبحسب المحامي “تعد سابقة في تاريخ إدارة الأوقاف الجعفرية في البحرين.” بالرغم من نفي الأوقاف هذا، أكد المحامي تصريحه وبأنه يملك الدليل على ذلك. مما يثبت تبعية الإدارة للحكومة.
أطلق العديد من المسؤولين رفيعي المستوى في البحرين تصريحات بشأن تقييد الحريات الدينية وخاصةً منع شيوخ الدين من مناقشة والتحدث في الأمور السياسية في البلاد وخصت بذلك الطائفة الشيعية. في فبراير 2016، دعا وزير الداخلية البحريني إلى ما أسماه “حماية المنبر الديني من التطرف الديني والسياسي والتحريض” بعدم التحدث عن أية أمور سياسية وأعلن “ضبط محاولات تسييس الشعائر الحسينية وبث الفوضى والتحريض خروجاً عن مضمونها وهذا الأمر يتطلب تنظيمها من حيث تحديد أيامها وتوقيتها وأماكن خروجها وتحديد مسئولية القائمين عليها، وأننا سوف لن نسمح أن تستغل هذه المناسبة لإحداث الفوضى والإخلال بالنظام العام.” هذا ما أكده العديد من المسؤولين في الحكومة. في مايو 2016، مرر كل من البرلمان ومجلس الشورى تعديلات على قانون الجمعيات والتي دعت فيها إلى منع رجال الدين من عضوية الجمعيات السياسية.
تعتبر هذه التصريحات والإجراءات لمنع الناس وخاصة رجال الدين من التعبير عن رأيهم والتحدث في الأمور السياسية انتهاكاً مباشراً لحقوق كفلتها المواثيق الدولية بضمان الحق في ممارسة الشعائر الدينية بحرية للجميع.