أعدمت السعودية الناشط والمعارض الشيخ نمر النمر في 2 يناير 2016. بإعدامها للشيخ النمر، أثبتت تجاهلها التام لأي صوت إصلاحي يسعى لإنهاء الظلم والتمييز والتهميش في المملكة، فقضية الشيخ النمر وسيرة حياته مثال على جميع الانتهاكات التي ترتكبها السلطات في السعودية ضد الأقليات الدينية وحياة التمييز والتهميش التي يجبر هؤلاء على عيشها منذ ولادتهم، فقط لكونهم من مذهب أو ديانة تختلف عن تلك التي تعترف بها العائلة الحاكمة السعودية.
أدين الشيخ النمر بعدم الانقياد للقانون والتحريض على الطائفية، بالإضافة إلى التحريض والدعوة والمشاركة في المسيرات. جاء الحكم بعد محاكمة غير عادلة، افتقرت لأبسط المعايير الدولية للمحاكمات. كما أن التهم تتعلق مباشرة بممارسته حقه في حرية التعبير.
في محاكمته، ارتكبت السلطات الأمنية والقضائية انتهاكات عديدة. النيابة العامة لم تقدم للشيخ ومحامييه نسخة من التهم الموجهة له مما لم يمكنهم من إعداد مذكرات الدفاع. كما كان يتم منعه من مقابلة محامييه وذلك بعدم اخبارهم عن موعد الجلسات أو اعلامهم بالموعد قبل يوم واحد فقط. اعتمدت المحكمة في إدانة الشيخ نمر على أدلة واهية وغير صحيحة، حيث أنها قامت باعتماد شهادات شهود رفضت استدعائهم. وقامت بتغيير القاضي في منتصف المحاكمة. بالإضافة إلى ذلك، اعتمدت المحكمة على خطب الشيخ نمر ومحاضراته لتثبت تهمة عدم انقياده للقانون وتحريضه الطائفي. لكن بنظرة على مسيرة الشيخ النمر وبسماع خطبه، نرى أن التهم ليست فقط باطلة قانونياً ولكنها لا تستند لأي دليل حقيقي. ساهمت كل هذه وغيرها في انتهاك مباشر لحق الشيخ نمر في إجراءات التقاضي السليمة.
لقد عرف عن الشيخ النمر عمله في سبيل تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية. عاش في منطقة القطيف والتي كانت ولا زالت تعاني من التمييز من قبل الحكومة السعودية، كونها منطقة تسكنها الأقلية الشيعية في المملكة، يتعرض أبناء هذه المنطقة لجميع أشكال التمييز والتهميش بسبب مذهبهم. قال الشيخ النمر في أحد خطبه واصفاً الوضع الذي يعيشه الشيعة في السعودية “نحن وعلى امتداد 100 عام نعيش خوف وظلم وجور وترهيب.” عمل الشيخ نمر على مدى سنوات على محاربة هذا التمييز والمطالبة بحقوق المواطنين المهمشين في السعودية، وخاصة أبناء منطقته من الشيعة. أضاف الشيخ “ولدنا في أجواء الترهيب، حتى الجدران كنا نخشاها، بسبب الظلم والجور الذي يقع علينا في هذا البلد” ثم قال “منذ ولادتي وحتى يومي هذا لم أشعر بالأمن والأمان في هذا البلد.” لسان حال الشيخ نمر هو حال كل الأقليات الدينية في المملكة العربية السعودية، حيث يعيشون في ظل الظلم والقمع من قبل السلطات، التي تريد منهم السكوت وعدم المطالبة بحقوقهم المشروعة. ثار الشيخ النمر سلمياً مطالباً بحقوق جميع المظلومين في السعودية، ولهذا فقط تم استهدافه.
استهداف الحكومة السعودية للشيخ النمر وأنصاره هو بسبب آراءه وعمله الداعي لإنهاء الانتهاكات القائمة لحقوق المواطنين من الشيعة والأقليات وبسبب انتقاده المتكرر في العلن ودعوته للتغير سلمياً. بينما اتهمت السلطات السعودية الشيخ نمر بالعنف والتحريض، كان هو يشدد في خطبه ومحاضراته على السلمية، حيث كان يدعو إلى الخروج في مسيرات سلمية وعدم استخدام السلاح وهذا أمر شدد عليه أكثر من مرة في أكثر من خطبه. قال الشيخ النمر في إحدى محاضراته أن النهج الأساسي للمطالبة والحصول على الحقوق هو “زئير الكلمة” في مواجهة نهج السلطات “أزيز السلاح” وأكد الشيخ النمر أنه “كلما ازدادت [السلطات] توغلاً في أزيز الرصاص، سنزداد تشبثاً بزئير الكلمة.” كما دعا أنصاره “لا تجرنا الحكومة لاستخدام السلاح ولا يجوز أن يفسد على المجتمع ما يكسبه بشهادته وكلامه.” كان يؤكد لأنصاره دائماً أنه فقط “بهذا الخيار سننتصر ولو بعد حين ولو طال الزمن.“
تشبث الشيخ النمر بالنهج السلمي هو وأنصاره لم يحيد عنه، في حين تمسكت السلطات السعودية بالقوة والسلاح في مواجهته وجميع المطالبين بالحرية والمساواة، مرسلةً رسالة لشعبها وللمجتمع الدولي تأكد فيها عدم نيتها في تطبيق أي نوع من الإصلاحات في المملكة واستمرارها في السياسات التميزية ضد الأقليات الدينية. يبقى الشيخ النمر مثالاً للنضال السلمي من أجل العدالة الاجتماعية والعدالة في وجه الظلم والنمييز.