ملفات الاضطهاد: محمد عيسى خاتم

كان محمد عيسى خاتم فتى قاصرًا يبلغ من العمر 16 عامًا، وطالبًا في المدرسة الثانوية، عندما اعتقلته السلطات البحرينية من دون مذكرة توقيف في 5 أغسطس 2024، قبل ثلاثة أيام فقط من عيد ميلاده السابع عشر. تعرض خلال فترة احتجازه، للإخفاء القسري، والتعذيب، وحرم من من الوصول إلى محامٍ أو ولي أمر أثناء التحقيقات. تم استجوابه بطريقة غير عادلة، كما تمّ حرمانه من الزيارات والاتصالات العائلية، ومن حقّه في التعليم،ومن ممارسة الشعائر الدينية، بالإضافة إلى تعرّضه لإجراءات انتقامية. ومن المحزن أنه حُرم من فرصة وداع والدته التي توفيت أثناء احتجازه. وهو محتجز حاليًا في قسم الأحداث بمركز توقيف الحوض الجاف منذ ستة أشهر، بانتظار محاكمته.

في 5 أغسطس 2024، توجه محمد وصديقيه، علي سلمان مرهون وحسين صالح البري، إلى مركز شرطة سترة بعد تلقيهم مكالمة هاتفية من صديقهم المعتقل، صادق حبيل، يطلب فيها منهم احضار هاتفه المحمول. وعند وصولهم، تم اعتقالهم بشكل مفاجئ، من دون أن يقدم الضباط أي مذكرة توقيف. وقد وجّهت إليهم عدّة تهم، منها التجمهر غير القانوني، الشغب، حرق الإطارات، ولصق الصور. تم نقل محمد بعد ذلك من مركز شرطة سترة إلى مركز شرطة القضيبية. وعندما لم يعد محمد إلى المنزل، شعرت أسرته بالقلق وبدأت في البحث عنه من خلال التواصل مع أصدقائه وأسرهم. علموا أنه ذهب إلى مركز شرطة سترة، فتوجهوا إلى هناك للاستفسار، لكن المسؤولين نفوا احتجازه.

في 6 أغسطس 2024، تم استجواب محمد في مركز شرطة القضيبية من دون حضور محامٍ أو ولي أمر، برغم أنه قاصر. لم تعلم عائلته بأمر التحقيق معه بسبب اختفائه القسري. خلال الاستجواب، تعرض محمد لسوء المعاملة النفسية، بما في ذلك الإهانات. كما حاول الضباط إجباره على الاعتراف باستخدام أساليب عنيفة ومهينة، لكنه رفض الكشف عنها لأسرته حفاظًا على مشاعرهم. ورغم الضغوط، استمرّ في إنكار جميع التهم الموجهة إليه.

في 7 أغسطس 2024، تم عرض محمد على النيابة العامة من دون حضور محامٍ أو ولي أمر، ومن دون إخطار مسبق لعائلته. كما لم يُمنح الوقت الكافي لعرض قضيته أمام القاضي والدفاع عن نفسه. قرأ القاضي التهم الموجهة إليه، بما في ذلك الحرق العمد وتهم أخرى غير معروفة لأسرته، وطلب منه تأكيدها أو إنكارها، ثم أمر باحتجازه وأجّل الجلسة. خلال هذه الجلسة، نصحت باحثة اجتماعية القاضي بعدم الإفراج عن محمد وأصدقائه، بحجة أن البيئة الخارجية تؤثر سلبًا على سلوكهم. وبعدها، نُقل محمد إلى مركز توقيف الحوض الجاف. عند الساعة 1:00 فجرًا من ذلك اليوم، وبعد يومين من اختفائه القسري، اتصل محمد بعائلته ليخبرهم بأنه محتجز في مركز توقيف الحوض الجاف. ولا يزال محمد في مركز الاحتجاز بانتظار محاكمته، بعد أن تم تمديد احتجازه مرات عدة من خلال جلسات التحقيق التي أجريت عبر مكالمات الفيديو.

منذ اعتقاله، منعت السلطات البحرينية أسرة محمد من زيارته في مركز توقيف الحوض الجاف. كما تم حرمانه من ممارسة الشعائر الدينية ومن متابعة تعليمه خلال الاحتجاز. وفي 22 سبتمبر 2024، قدمت أسرته طلبات إلى كل من الأمانة العامة للتظلمات والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، مطالبة بالإفراج عنه وتمكينه من استئناف تعليمه. التقت مندوبةٌ من إحدى هذه المؤسسات بمحمد، الذي أعرب عن رغبته في متابعة تعليمه الرسمي، لكن الأمانة العامة للتظلمات أبلغت الأسرة لاحقًا برفض الطلب، مدعية أن المسألة خارج نطاق اختصاصها.

 في 10 يناير 2025، توفيت والدة محمد بعد صراع طويل مع مرض السرطان. ورغم أن القانون البحريني يضمن للمعتقلين الحق في حضور الجنائز ومراسم العزاء لأفراد الأسرة المباشرين، فقد تم حرمان محمد من وداع والدته أو المشاركة في مراسم العزاء. وفي 12 يناير 2025، انعقدت جلسة لمحمد، تزامنت مع اليوم الثاني لمراسم عزاء والدته. قدم محمد طلبًا لحضور المراسم، ووافق القاضي على الإفراج المؤقت عنه خلال الفترة المتبقية من العزاء بشرط تسليمه وإعادته إلى مركز شرطة سترة. ومع ذلك، تجاهلت النيابة العامة أمر القاضي ولم تتّخذ الإجراءات اللازمة لإطلاق سراحه.

في 20 يناير 2025، كشفت تقارير عن تعرض محمد وأصدقائه، علي عمران، حسين البري، وعلي سلمان مرهون، المحتجزين في قسم الأحداث بمبنى 17 من مركز توقيف الحوض الجاف، لإجراءات عقابية انتقامية. شملت هذه الإجراءات حبسهم في زنازينهم مع حرمانهم من التواصل مع عائلاتهم أو الخروج للتشمس في باحة السجن الخارجية لمدة تصل إلى سبعة أيام متتالية، ومنعهم من شراء الاحتياجات الأساسية من مقصف السجن وكل ذلك كعقاب على التحدث بصوت عالٍ. أدت هذه الإجراءات القاسية، التي عزلت محمد وأصدقاءه تمامًا، إلى انعكاسات خطيرة على صحتهم النفسية والجسدية.

إنّ اعتقال محمد من دون مذكرة توقيف، وإخفائه القسري، وتعذيبه، وحرمانه من التمثيل القانوني أو حضور ولي أمر في أثناء التحقيقات، وحرمانه من زيارات العائلة والتواصل معهم عبر الهاتف، والتحقيق غير العادل، وحرمانه من حقه في التعليم، ومنعه من ممارسة الشعائر الدينية، ورفض السماح له بوداع والدته المتوفاة، وحرمانه من الخروج إلى الهواء الطلق أو شراء الحاجيات الأساسية من مقصف السجن كإجراء انتقامي، بالإضافة إلى احتجازه المطول قبل المحاكمة بشكل تعسفي، تشكل جميعها انتهاكات صارخة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية حقوق الطفل، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء المعروفة باسم قواعد نيلسون مانديلا، والتي تُعد البحرين طرفًا فيها.

تدعو منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (ADHRB) السلطات البحرينية إلى الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان من خلال الإفراج الفوري وغير المشروط عن محمد. كما تحث المنظمة الحكومة على التحقيق في مزاعم الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب، والحرمان من الوصول إلى محامٍ أو ولي أمر خلال الاستجوابات، والتحقيقات غير العادلة، والحرمان من من زيارات العائلة والتواصل عبر الهاتف، والحرمان من حق التعليم، ومنعه من ممارسة الشعائر الدينية، وعدم السماح له بوداع والدته المتوفاة، والأعمال الانتقامية، وضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
تطالب المنظمة أيضًا بتقديم تعويضات عن الانتهاكات التي تعرض لها محمد خلال احتجازه. وتدعو على الأقل إلى محاكمة سريعة وعادلة لمحمد بموجب قانون العدالة الإصلاحية للأطفال البحريني ووفقًا للمعايير القانونية الدولية، وصولًا إلى الإفراج عنه.

بالإضافة إلى ذلك، تحث منظمة ADHRB السلطات البحرينية على السماح لمحمد باستئناف تعليمه، وممارسة شعائره الدينية بحرية، والحفاظ على زيارات العائلة والاتصالات الهاتفية بشكل منتظم. وأخيرًا، تطالب المنظمة إدارة مركز توقيف الحوض الجاف بإنهاء جميع الإجراءات الانتقامية ضد محمد وأصدقائه على الفور، وضمان السماح لهم بالتواصل مع عائلاتهم، والخروج إلى باحة السجن الخارجية للتشمس، والحصول على الحاجات الأساسية من مقصف السجن.