استغلال العمال المهاجرين الهنود في السعودية: عبودية العصر الحديث

على مدى عقود، سعى العمال الهنود إلى فرص عمل في منطقة الخليج، مدفوعين بوعد الأجور المرتفعة وفرص حياة أفضل. إلا أن هذا الحلم يتحول سريعًا إلى كابوس من الإساءة والاستغلال وعبودية العصر الحديث بالنسبة لكثيرين منهم. تعد المملكة العربية السعودية من أكبر الدول التي توظف العمالة المهاجرة من الهند، وقد تعرضت مرارًا للتدقيق بسبب معاملتها للعمال الأجانب. فقد سلطت تقارير صادرة عن منظمات حقوقية وصحفيين ومجموعات مناصرة الضوء على الانتهاكات المنهجية لحقوق العمال، والتي تترك آلاف العمال الهنود عرضة للاستغلال ومحتجزين في ظروف قاسية.

في صميم هذا الاستغلال يكمن نظام الكفالة، وهو آلية رعاية تربط العمال المهاجرين بأرباب عملهم. بموجب هذا النظام، لا يستطيع العمال تغيير وظائفهم أو مغادرة البلاد أو حتى الاعتراض على سوء المعاملة في مكان العمل دون الحصول على إذن من صاحب العمل. وهذا يمنح أصحاب العمل سلطة مطلقة على العمال، مما يؤدي إلى انتشار سوء المعاملة والعمل القسري. يصل العديد من العمال الهنود إلى السعودية دون إدراك لهذه القيود، ليجدوا أنفسهم محاصرين دون أي وسيلة تُذكر للخلاص.

وثَّق تقرير لمنظمة العفو الدولية عام 2014 الانتهاكات الواسعة التي يتعرض لها العمال الهنود في الخليج. تشمل بعض أسوأ هذه الانتهاكات حجز الأجور، حيث يعمد أصحاب العمل إلى تأخير أو رفض دفع الرواتب، مما يجبر العمال على العيش في فقر مدقع. كما يقوم أرباب العمل بمصادرة جوازات سفر العمال، مما يحول دون مغادرتهم البلاد أو طلب المساعدة. يعمل العديد من هؤلاء العمال في بيئات تهدد حياتهم دون تدابير سلامة كافية، مما يؤدي إلى إصابات خطيرة أو حتى الوفاة. ويواجه بعض العمال، لا سيما العمالة المنزلية، الضرب والعنف الجنسي والتحرش. بالإضافة إلى ذلك، تلجأ وكالات التوظيف والوسطاء إلى خداع العمال بشأن ظروف العمل، مما يوقعهم في وظائف غير إنسانية.

وثَّقت التقارير شهادات مروعة لعمال هنود عانوا تحت وطأة هذا النظام الاستغلالي. يصل العديد من العمال المهاجرين إلى الخليج على أمل تحقيق حياة أفضل، لكنهم يجدون أنفسهم محاصرين في ظروف قاسية. غالبًا ما يتم خداعهم بوعود زائفة بوظائف ذات رواتب مرتفعة، ليُجبروا بعد ذلك على العمل لساعات طويلة جدًا دون تعويض مناسب. يقوم أصحاب العمل بمصادرة جوازات سفرهم، مما يسلبهم حريتهم ويتركهم عاجزين عن الهروب من أوضاعهم البائسة. يعيش كثير منهم في مساكن مزدحمة وغير صحية، ويواجهون خوفًا دائمًا من الانتقام إذا حاولوا المقاومة أو الهرب. في بعض الحالات، يتم القبض على من يحاولون الفرار، واحتجازهم، وترحيلهم دون الحصول على الأجور التي يستحقونها.

وبالمثل، أبلغت العديد من العاملات المنزليات، وكثير منهن من الهند، عن تعرضهن لعنف شديد وإساءات جنسية. يواجه عدد كبير منهن اعتداءات جسدية من أرباب عملهن، وبسبب غياب الحماية القانونية أو القدرة على المغادرة، يجدن أنفسهن عاجزات عن الدفاع عن أنفسهن، مما يتركهن في حالة من الصدمة والمعاناة.

تعرّضت الحكومة الهندية لانتقادات بسبب استجابتها غير الكافية لمعاناة مواطنيها في الخليج. وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية التي بُذلت للتفاوض مع السلطات السعودية، إلا أن هذه المبادرات غالبًا ما تفشل بسبب غياب آليات التنفيذ والمساءلة. بالإضافة إلى ذلك، تلعب وكالات التوظيف والوسطاء في الهند دورًا كبيرًا في الاتجار بالعمال، حيث يفرضون رسومًا باهظة على الباحثين عن عمل ويضللونهم بشأن واقع العمل في السعودية.

لمكافحة هذه الانتهاكات، يجب على السعودية إلغاء نظام الكفالة واستبداله بإطار قانوني يضمن حقوق العمال. يجب أن تشمل قوانين العمل حماية للحد الأدنى للأجور، وآليات لتقديم الشكاوى، وعقوبات صارمة ضد أصحاب العمل المسيئين. كما يجب على الهند تنظيم وكالات التوظيف بفعالية أكبر والتصدي للوكلاء المحتالين الذين يضللون العمال بشأن ظروف العمل. ينبغي للحكومة الهندية تكثيف الضغط الدبلوماسي على دول الخليج لضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق العمال. علاوة على ذلك، لا بد من تنفيذ حملات توعية واسعة النطاق لتثقيف العمال المهاجرين المحتملين بحقوقهم والمخاطر المرتبطة بالعمل في الخارج.

معاناة العمال الهنود في السعودية تذكير صارخ بعبودية العصر الحديث التي لا تزال قائمة رغم القوانين الدولية للعمل والاتفاقيات الحقوقية. وحتى يتم تنفيذ إصلاحات جذرية، سيظل آلاف العمال الهنود عالقين في دائرة الاستغلال، وأحلامهم بحياة أفضل محطمة. لقد حان وقت التحرك: يجب على الحكومات والنشطاء والمنظمات الدولية التكاتف لهدم هذا النظام القمعي وضمان الكرامة والعدالة لجميع العمال المهاجرين.