الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود
الأمير محمد بن سلمان
الشمالي الفرعي، 7482 الطريق الدائري، 7482، 2277
الطريق الدائري الشمالي الفرعي، 7482 الطريق الدائري، 7482، 2277،
حي النخيل، الرياض 12385،
الرياض 11515، المملكة العربية السعودية
5 كانون الأول 2024
نكتب إلى حضرتكم لجذب انتباهكم حول الوضع الخطير السائد حول حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، حيث يتم إسكات أصوات مواطنيكم، بشكل منهجي، ونخص بالذكر المدافعين عن حقوق الإنسان. لقد بلغ قمع الحيز المدني في مملكتكم مستويات مقلقة، ومن الضروري أن تضعوا حدًا لهذا القمع غير القانوني وتتخذوا خطوات لدعم أولئك الذين يدافعون عن حقوقهم الأساسية. المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان، بالتعاون مع منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، قد أطلقوا حملة على وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان “كسر الصمت السعودي: دعوة للحرية المدنية” لتسليط الضوء على ما يحدث في عهدكم.
منذ وصولكم إلى السلطة، كثّفت حكومتكم انتهاك حرية التعبير ومنعت التجمع وتكوين الجمعيات. المدافعون عن حقوق الإنسان، والصحفيون، والمواطنون المدنيون الذين يجرؤون على التحدث عن هذه الانتهاكات، يواجهون الاعتقالات التعسفية، والعقوبات الشديدة، والاتهامات الباطلة بالإرهاب أو تقويض الأمن الوطني. هؤلاء الأفراد ليسوا مجرمين؛ بل هم مدافعون عن العدالة والمساواة وكرامة الإنسان، ويناضلون من أجل مستقبل أفضل لجميع السعوديين.
حكومتكم قد استخدمت مرارًا وتكرارًا المحكمة الجنائية المتخصصة، التي تم إنشاؤها لمحاكمة القضايا المتعلقة بالإرهاب، لمقاضاة المعارضين السلميين. إحدى القضايا البارزة لهذا التسييس القضاء هي قضية لجين الهذلول، الناشطة في مجال حقوق المرأة التي اعتقلت للدفاع عن حق المرأة في القيادة وإلغاء نظام الوصاية الذكوري. وعلى الرغم من الإفراج عنها بعد ثلاث سنوات في عام 2021، فإن حريتها لا تزال مقيدة بشدة من جراء عقوبة حظر السفر. المحاكمة نفسها تمّت بوجه المحامي الحقوقي وليد أبو الخير الذي حكم عليه بالسجن لمدة 15 سنة في عام 2014 بموجب قانون مكافحة الإرهاب بسبب ممارسته حقه في حرية التعبير. تبين هذه الحالات كيف تسيء حكومتكم استخدام قوانين مكافحة الإرهاب لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان، مما يقوض قدرتهم على محاسبة دولتكم من خلال حرمانهم من حقهم الأساسي في حرية التعبير.
على الرغم من الإصلاحات التشريعية التي أعلنتم عنها في فبراير 2021 بهدف “حفظ الحقوق وحماية حقوق الإنسان”، إلا أن الوضع الحقوقي قد استمر في التدهور. علاوة على ذلك، لم يتم الوفاء بوعدكم في عام 2018 بتقليل عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام، حيث تم تسجيل 172 حالة إعدام في عام 2023. والأسوأ من ذلك، أن العديد من هذه الإعدامات كانت بسبب جرائم غير عنيفة. فمن بين 172 حالة، كانت 10 منهم جرائم تتعلق بالمخدرات و25 أخرى شملت نشر تغريدات تنتقد الحكومة لقبت “بجرائم تتعلق بالإرهاب”.
بالإضافة إلى الإجراءات القانونية القاسية والعقوبات غير القانونية، تستخدم دولتكم المراقبة واسعة النطاق وبرمجيات التجسس المتقدمة مثل بيغاسوس لمراقبة النشطاء والصحفيين والمعارضين المدنيين، سواء داخل المملكة أو خارجها، مما يهدد خصوصيتهم وسلامتهم، ويزيد قمعهم. الإنترنت يخضع لرقابة مشددة، حيث يتم حظر المواقع التي تنتقد النظام مرارًا و تكرارًا، وتخضع المنصات الإلكترونية مثل وسائل التواصل الاجتماعي لرقابة مستمرة. هذه الرقابة الشاملة تخلق بيئة من الخوف، حيث أصبحت المنصة الرقمية أداة أخرى للقمع الحكومي، لإسكات أولئك الذين يجرؤون على التحدث ضد الحكومة.
إن غياب المساءلة عن انتهاكاتكم يزيد من تفاقم هذا الوضع، ويترك أولئك الذين يتم إسكاتهم من دون حماية. الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي انتقد مملكتكم علنًا بسبب الاعتقالات التعسفية للمدافعين عن حقوق الإنسان، قُتل داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 أكتوبر 2018. نشرت المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أغنيس كالامار، تقريرًا موثوقًا في 19 يونيو 2019، يذكر أن هناك أدلة موثوقة تربط أوامركم بعملية القتل. وعلى الرغم من الانتقادات الدولية ورفض حكومتكم للتقرير، لم تتخذوا أي مبادرة جدية لإجراء تحقيق عادل وشامل لمحاسبة المسؤولين عن الجريمة وإيقاف هذا النمط من الانتهاكات لحقوق الإنسان.
نتيجة لذلك، أي وجود لمجتمع مدني في بلدكم هو شبه معدوم. في عام 2023، صنفت منظمة سيفيكوس، وهي تحالف عالمي مكرس لتعزيز العمل المدني، السعودية بدرجة 4 من أصل 100 من حيث الانفتاح، مصنفة إياها بأنها “مغلقة”. هذا التصنيف يعكس واقعًا مقلقًا – حكومتكم قد أنشأت بيئة يتم فيها قمع أي معارضة مدنية، وتُحرم فيها حقوق الإنسان الأساسية لمواطنيكم.
ليس باستطاعتنا أن نغض النظر عن هذه الانتهاكات. كحكام لبلدكم، لديكم واجب أخلاقي لدعم شعبكم وحقوقهم الإنسانية، ولا انتزاع حريتهم، وواجب دستوري “لتوفير الأمن لجميع المواطنين والمقيمين على أراضيها”. بالإضافة إلى ذلك، لديكم التزامات دولية بموجب الاتفاقية ضد التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. بناءً على ذلك، ندعوكم باحترام إلى:
- إدانة القمع: ندعوكم لإدانة القمع المستمر للمجتمع المدني واضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان بشكل علني.
- تحمّل المسؤولية: ندعوكم إلى إطلاق سراح جميع الأفراد المحتجزين لممارستهم حقوقهم السلمية، ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان.
- دعم المجتمع المدني: ندعوكم لتقديم الدعم والحماية للمنظمات الحقوقية والنشطاء والصحفيين في السعودية.
- تعزيز الحوار: ندعوكم للمشاركة في حوار نافع مع المجتمع المدني والهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان لمعالجة هذه القضايا وإجراء الإصلاحات اللازمة.
- احترام الالتزامات: ندعوكم لاحترام التزاماتكم الوطنية والدولية، وكذلك وعودكم بحماية وتعزيز حقوق الإنسان في بلدكم.
نشكر لكم مقدماً اهتمامكم بهذا الأمر الهام.
بإخلاص،
1- منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين
2- المركز الأوروبي للديمقراطية وحقوق الإنسان.