نفاق السعودية: وعود رقمية وسط انتهاكات حقوق الإنسان

تبنت السعودية التكنولوجيا والتطورات الرقمية، وبدأت تروج لنفسها كمركز للابتكار، ومع ذلك فإن هذا التقدم يتناقض بشكل كبير مع سيطرتها الصارمة على الخطاب الإلكتروني والمعارضة. تستخدم السلطات في كثير من الأحيان مراقبة شاملة، رقابة، وإجراءات عقابية ضد أولئك الذين يعبرون عن انتقادات أو يشاركون معلومات تعتبر غير مقبولة. هذه الممارسات تؤثر سلباً على الحقوق الرقمية وحرية التعبير، وتبرز نفاق المملكة.

منتدى الأمم المتحدة لحوكمة الإنترنت (IGF)، الذي سيُعقد في الرياض من 15 إلى 19 ديسمبر 2024، قد قدم موضوع “تعزيز حقوق الإنسان والشمولية في العصر الرقمي” كأحد محاوره الأساسية، ومع ذلك تواصل السعودية ملاحقة الأفراد بسبب تعبيرهم على الإنترنت.

مناهِل العتيبي، مدربة لياقة وناشطة في حقوق المرأة تبلغ من العمر 29 عامًا، حُكم عليها بالسجن لمدة 11 عامًا بسبب اختيارها لملابسها ودعمها لحقوق المرأة على وسائل التواصل الاجتماعي. صدر الحكم ضدها بعد بضعة أشهر فقط من تأكيد استضافة السعودية لمنتدى IGF. كما أن المدافعة عن حقوق المرأة لجين الهذلول، التي تعرضت للاعتقال والتعذيب، ما زالت تخضع لحظر سفر رغم انتهاء مدته في نوفمبر 2023.

علاوة على ذلك، تسمح قوانين حماية البيانات للجهات التي تتحكم بالبيانات بمشاركة البيانات الشخصية مع الوكالات الحكومية استناداً إلى أسباب أمنية غامضة وغير محددة رسمياً. وهذا قد منح الحكومة صلاحيات واسعة للوصول إلى البيانات الشخصية ومراقبة المعارضين السياسيين عبر الإنترنت.

تمكنت السلطات السعودية من اختراق منصة X واستثمرت بشكل كبير في الروبوتات الآلية للتجسس على المعارضين واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان باستخدام تقنيات مراقبة رقمية متقدمة. كما اشترت المملكة برنامج التجسس “بيغاسوس” الذي يسمح لها باختراق هواتف المستخدمين سراً والتجسس على موقعهم الجغرافي واتصالاتهم في الوقت الفعلي.

علاوة على ذلك، تم التشكيك في موضوع منتدى IGF حول “تعزيز المساهمة الرقمية في السلام والتنمية والاستدامة”. فقد أثار مشروع نيوم مخاوف بشأن انتهاكاته للخصوصية بسبب البنية التحتية الواسعة للمراقبة وكميات البيانات الشخصية الضخمة التي يتم جمعها، مما يكشف التناقضات في سرد السعودية حول الاستدامة. يعتمد المشروع في الواقع على تقنيات غير مثبتة، مما يبرز محاولة الحكومة تحويل الانتباه عن الاستغلال البيئي المستمر في البلاد.

مثال آخر على نفاق الرياض يظهر من خلال رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد وتشجيع الحداثة. ومع ذلك، فإن هذا الهدف تطغى عليه انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق ببنية تحتية معرض إكسبو 2030 العالمي. حيث يعتمد هذا الأخير بشكل رئيس على العمال المهاجرين الذين غالبًا ما يتعرضون لظروف استغلالية مثل الرواتب البائسة، العمل القسري، وغياب الاحتياطات الأمنية الكافية.

لذلك، فإن التوتر بين الطموحات الرقمية للسعودية وممارساتها الاستبدادية يثير مخاوف حول التزامها بحقوق الإنسان والاستدامة. من خلال استضافة منتدى IGF، تحاول السعودية تبييض الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان والممارسات غير المستدامة.

تحث منظمة “أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين” (ADHRB) السلطات السعودية على الإفراج عن المواطنين الذين تم احتجازهم تعسفيًا لمجرد تعبيرهم عبر الإنترنت قبل انعقاد منتدى الأمم المتحدة لحوكمة الإنترنت الذي يتناول الترويج لحقوق الإنسان والحقوق الرقمية. وأخيراً، تدعو ADHRB المجتمع الدولي إلى إدانة انتهاكات الحق في الحصول على المعلومات والتعبير، وتحذر من إعطاء الأولوية للمصالح الاقتصادية والاستراتيجية على حساب الالتزام بحقوق الإنسان.